النموذج الرياضي الألماني وأزمة الإقصاء مِن مونديال روسيا
آخر تحديث GMT 02:10:19
المغرب اليوم -

النموذج الرياضي الألماني وأزمة الإقصاء مِن مونديال روسيا

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - النموذج الرياضي الألماني وأزمة الإقصاء مِن مونديال روسيا

أزمة الإقصاء مِن مونديال روسيا
برلين - المغرب اليوم

يرى البعض في فلسفة كرة القدم الألمانية مرآة لنبوغ "النموذج الألماني" على جميع المستويات، وفي توصيف المانشافت بـ"الماكينات" إسقاط على جودة كل ما "صُنع في ألمانيا"، وبالتالي فإن نجاح أو تعثر للأول يؤثر بالضرورة على الثاني.

عاش النموذج الرياضي الألماني طوال نصف قرن على الإرث الأسطوري لجيل فرانس بيكنباور، أو "القيصر"، والذي بات من أيقونات كرة القدم العالمية. ذلك الجيل أسس لهيمنة الكرة الألمانية وجعلها في الصدارة العالمية، حيث فاز "المانشافت" أربع مرات بكأس العالم.
ولم تأت مقولة أسطورة كرة القدم الإنجليزية غاري لينكر من فراغ: "كرة القدم لعبة بسيطة.. 22 شخصا يطاردون كرة القدم لمدة 90 دقيقة وفي النهاية، يفوز الألمان دائما".
معجزة الكرة الألمانية أصبحت رديفة للمعجزة الاقتصادية وللنجاح الألماني على جميع المستويات، وكثيرون باتوا يرون في فعالية ونجاعة "الماكينات" انعكاسا لقوة الذهنية الألمانية وانضباطها وقدرتها على التعامل مع الصعاب في كل وقت وحين وإلى آخر ثانية من عمر كل مباراة. غير أن خروج ألمانيا لأول مرة منذ عام 1938 من الدور الأول لكأس العالم، والذي يتزامن مع أزمة سياسية خانقة تعيشها البلاد بسبب موضوع اللاجئين، إضافة إلى فضيحة تلاعب أكبر صانعي السيارات الألمان بقيم عوادم سياراتهم، التي زعزعت ثقة المستهلكين حول العالم في علامة "صنع في ألمانيا": كل ذلك زاد من مؤشرات الشك والريبة مما يعرف بـ"النموذج الألماني".
لحظتان فارقتان ميزتا مشوار المنتخب الألماني في روسيا. الأولى تتمثل في إنقاذ طوني كروس لفريقه من تعادل بطعم الخسارة أمام السويد، حين سجل هدف الفوز لصالح أبطال العالم في الوقت القاتل من المباراة ضمن المجموعة السادسة لمنافسات مونديال 2018. وكالت الصحافة العالمية المديح لـ"المعجزة الألمانية" أو "ضربة معلم".. إلى غير ذلك من الأوصاف. أسطورة كرة القدم الأرجنتينية دييغو مارادونا أشاد بـ"قوة "الذهنية الألمانية" وأضاف: "أعتقد أن قوة ألمانيا تتجاوز الإعداد البدني، هم يعرفون أن عليهم أن يمضوا قدماً". مديح المعلقين لإنجاز المانشافت أمام السويد لا يمكن استيعابه إلا ضمن هاجس الجودة والإتقان الراسخ في طبيعة الألمان والذي لا يقتصر على الرياضة فحسب، وإنما ينسحب على كل القطاعات.
اللحظة الفارقة الثانية كانت الهزيمة التاريخية للمانشافت وخروجه للمرة الأولى في تاريخه منذ عام 1938 من دور المجموعات، بعد هزيمته على يد المنتخب الكوري الجنوبي بهدفين لصفر. حينها تحول إحساس المعلقين من الانبهار بـ"المعجزة" إلى الاستغراب من الانتكاسة. صحيفة "إل موندو" الإسبانية كتبت معلقة: "ستتذكر كرة القدم هذا اليوم للأبد، ألمانيا، بطل العالم العظيم الذي كان قادراً دائماً على أن ينهض من بين الأموات ليذكرنا دائماً بأنه سيفوز غير عابئ بما يحدث في هذه الرياضة، مُني في روسيا (بهزيمة)، يا لها من سخرية". فيما كتبت صحيفة "إندكس إتش يو" المجرية: "تفكك المنتخب الألماني الرائع خلال عام".أما صحيفة "444 إتش يو" فذهبت إلى القول: "إرادة النصر لم تكن موجودة لدى الألمان، لم تكن لديهم إرادة أصلاً"، فيما خلصت صحيفة "سفينسكا داجبلاديت" السويدية إلى القول "إنه أعظم خزي في تاريخ الكرة الألمانية".

تشابه مع فضيحة العوادم؟
"واجبنا أن نقول للصناعة: عليكم أن تعوضوا بأنفسكم الثقة التي ضاعت". جملة المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل يمكن أن يسري على المانشافت، ولكنها هنا كانت تتحدث عن فضيحة عوادم الديزل لدى عدد من شركات السيارات الألمانية. تفجرت الفضيحة مع شركة فولكسفاجن في أيلول/ سبتمبر 2015، إذ أقرت الشركة آنذاك بأنها زودت ملايين من سياراتها ببرامج لا تسمح بتنقية العوادم إلا في التشغيل التجريبي فقط، مما يعني أن هذه السيارات تتسبب في انبعاثات غازات مضرة بالبيئة أكثر من المعلن أثناء سيرها في الشوارع وعلى الطرق في الظروف الطبيعية، وهو ما أدخل الشركة - ومعها الصناعة الألمانية برمتها- في أزمة شديدة.
قوة علامة "صنع في ألمانيا" تعتمد أساساً على ثقة المستهلكين عبر العالم في جودة المنتجات الألمانية. فضيحة العوادم نزلت كالصاعقة لتحدث زلزالاً في تلك الثقة قد تمتد آثاره إلى قطاعات أخرى. الفضيحة مسّت قطاع السيارات، رمز قوة الصناعة الألمانية وأحد أسس معجزتها الاقتصادية، وقلصت بلا شك من بريق "النموذج الألماني" ومكانته في العالم.

هزائم بدأت من فرنسا!
من أشهر الهزائم التي سجلها المنتخب الألماني تلك التي ذاقها بفرنسا في 1938. المانشافت خرج من الدوري التأهيلي حينها، باعتبار أن المونديال كان يعتمد نظام التصفيات التأهيلية بين المنتخبات المشاركة ليتأهل الفائزون إلى دور الستة عشر. في هذه المباراة كان الفوز لصالح فريق سويسرا، الذي تمكن من الربح بفضل الركلات الترجيحية، وحسم النتيجة لصالحه في حين خسرت ألمانيا مباراة ماتزال الذاكرة الكروية تحتفظ بها.

اللاجئون.. من الترحيب إلى الترحيل؟ 
سياسيا نالت ألمانيا، وبالتحديد المستشارة ميركل، إعجاب العالم حينما استقبلت مئات الآلاف من اللاجئين، معظمهم من وسريا، في صيف عام 2015. غير أن تحفظ جزء من الرأي العام الألماني على ذلك وتنامي الهجمات الإرهابية بعد تسلل بعض مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) ضمن موجة اللاجئين، إضافة إلى انقسامات أوروبية حادة بشأن هذا الموضوع، كل هذا تسبب في توترات سياسية وخلافات مستمرة بين مكونات المشهد السياسي الألماني، وصفها البعض بأكبر أزمة تتعرض لها ميركل منذ توليها الحكم.
وتواجه المستشارة هجمات مطردة من قبل حليفها المحافظ ووزير داخليتها هورست زيهوفر (الاتحاد الاجتماعي المسيحي) على خلفية موضوع الهجرة واللجوء. ومازال شبح الانهيار يخيم على الائتلاف الألماني الحاكم، الذي تشكل قبل 3 أشهر بسبب الخلاف حول الهجرة. ولأول مرة، هناك انطباع عام بأن النموذج السياسي الألماني القائم على الحوار والتوافق قد يفشل هذه المرة في نزع فتيل أزمة غير مسبوقة تهدد مستشارية ميركل.

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النموذج الرياضي الألماني وأزمة الإقصاء مِن مونديال روسيا النموذج الرياضي الألماني وأزمة الإقصاء مِن مونديال روسيا



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:52 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
المغرب اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 08:45 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أول رد فعل من داود حسين بعد إعلان سحب الجنسية الكويتية
المغرب اليوم - أول رد فعل من داود حسين بعد إعلان سحب الجنسية الكويتية

GMT 07:41 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إكس" توقف حساب المرشد الإيراني خامنئي بعد منشور بالعبرية

GMT 16:24 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

ياسمين خطاب تطلق مجموعة جديدة من الأزياء القديمة

GMT 16:53 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

مدرب "الرجاء البيضاوي" يهدد بالاستقالة من منصبه

GMT 00:35 2017 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

أسعار ومواصفات هاتف أسوس الجديد ZenFone AR

GMT 01:34 2016 الأربعاء ,19 تشرين الأول / أكتوبر

باي الشوكولاطة الشهي

GMT 07:04 2017 الإثنين ,09 كانون الثاني / يناير

القطب الشمالي يعدّ من أروع الأماكن لزيارتها في الشتاء

GMT 22:53 2017 السبت ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المغربي ينجح في اختراق جرائم العصابات المنظمة

GMT 23:47 2017 الجمعة ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

ليلى علوي تستعيد ذكرياتها في الطفولة في "صالون أنوشكا"

GMT 06:26 2016 السبت ,24 كانون الأول / ديسمبر

عبود قردحجي يُؤكِّد أنّ 2017 ستكون مختلفة لمواليد "الجدي"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib