شوقي علام يؤكّد أن عقد الزواج لا يستوجب الدخول بعده مباشرة
آخر تحديث GMT 10:25:52
المغرب اليوم -

شوقي علام يؤكّد أن عقد الزواج لا يستوجب الدخول بعده مباشرة

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - شوقي علام يؤكّد أن عقد الزواج لا يستوجب الدخول بعده مباشرة

الدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية
القاهرة - المغرب اليوم

أكّد الدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية أن عقد الزواج إيجابٌ وقبولٌ بين رجل وامرأة خاليين من الموانع الشرعية، وشأنه كشأن سائر العقود التي تصح بتوفر شروطها وأركانها وانتفاء موانعها,وذلك ردًا على سؤال بشأن هل عقد الزواج يستوجب الدخول بعده مباشرة، أم من الممكن أن يتأخر فترة بعد العقد؟ وأوضح أن الدخول إيلاج الزوجِ حشفةَ فرجه، أو قدرَها مِن مقطوعه، في فرج الزوجة ولو من غير إنزالٍ ,والخلوة الصحيحة هي اجتماع الزوجين في مكانٍ آمِنَيْنِ من اطلاع الغير عليهما بغير إذنهما، مع كون الزوج متمكنًا مِن الوطء بلا مانع حسي أو طبعي أو شرعي.

وأوضح أن الشرع فرّق في أحكام النكاح بين العقد على الزوجة وبين الدخول بها، كما فرق أيضًا بين الدخول والخلوة الصحيحة بها، وعلى هذا التفريق انْبَنَت الحقوق والواجبات، واختلفت الأحكام والآثار والتَّبِعات؛ كمثل المهر، والنفقة، والطاعة، والعدَّة، والإحصان، وحرمة البنات، والرجعة، ونحوها.

وأوضح أن المهر أثر العقد الصحيح: يثبت كاملًا: بالدخول أو الخلوة الصحيحة، ويتنصَّفُ قبل الدخول.

وتابع "النفقة  سببها العقد الصحيح، ووجوبها لا يثبت إلَّا باحتباس الزوجة في السُّكنى المُعدِّ لها,وكذلك الاستمتاع: فإنه وإن كان مباحًا بالعقد، إلا أنه إنما يكونُ متاحًا عقِبَ الزفاف.

وأكّد أن الزوجة قبل الدخول طاعتها لأبيها وولي أمرها لا لزوجها,وتكون العدة على المدخول بها، ولا عدة عليها قبل الدخول.

وأشار إلى أن العقد في ذاته مبيح للاستمتاع بين الزوجين؛ إذ الزوجة تصير حِلًّا للرجل بمجرد العقد عليها عقدًا صحيحًا مستوفيًا لأركانه وشروطه، إلّا أنه لَمّا كانت الحقوق والآثار تختلف في العقد عنها في الدخول، كان الاستمتاع موقوفًا لحين تسليم الزوجة لزوجها وزفافها إليه، والتسليم يكون حقيقةً بزفاف الزوجة لبيت زوجها، وحكمًا؛ بأن يأذن ولي المرأة للزوج بالدخول.

و جرى العرف بين الناس على أنَّ احتفال الخطبة مغايرٌ لاحتفال العقد وإشهاره، وهما مخالفان لاحتفال العُرس والدخول، والمقرر في القواعد الفقهية: أنَّ المعروف عُرفًا كالمشروط شرطًا.

وقسّم فقهاء الحنفية الشروط المتعلَّقة بعقد الزواج إلى شروطٍ صحيحة وشروطٍ فاسدة أو باطلة، وجعلوا من الشروط الصحيحة اشتراط ما جرى به العُرف واقتضته العادة؛ كتحديد الكسوة، وتولِّي المرأة عقد زواجها بنفسها، واشتراط المرأة تعجيلَ بعض المهر وتأخير بعضه، ونحو ذلك.

و جرى اعتبار العرف من مصادر التشريع؛ لقوله تعالى: ﴿خُذِ العَفْوَ وَأْمُر بِالعُرْفِ﴾ [الأعراف: 199]، وفي الأثر عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: "ما رَأَى المُسلِمُونَ حَسَنًا فهو عِندَ اللهِ حَسَنٌ، وما رَأَوا سَيِّئًا فهو عِندَ اللهِ سَيِّئٌ" أخرجه الإمام أحمد -واللفظ له- وأبو داود الطيالسي في "مسنديهما".

وأوضح أن من مبادئ القضاء التي سارت عليها المحاكم المصرية في مسائل الأحوال الشخصية: أن العرف معتبر إذا عارض نصًّا منقولًا عن صاحب المذهب، وأن لكل زمن أعرافَه وعاداته، وأن التخصيص بالعرف والعادة قولًا أو فعلًا حجة عند الحنفية، وأن العرف كما يختلف باختلاف الزمان والمكان فإنه يختلف أيضًا باختلاف الناس أنفسهم؛ كما في "مبادئ القضاء في الأحوال الشخصية" للمستشار أحمد نصر الجندي (ص: 867-868، ط. نادي القضاة).

وأكّد أن من الأعراف المعتدِّ بها في عقد الزواج: السماح بوجود فترة زمنية بين العقد والدخول؛ كأن يطلب أحد الزوجين الإمهال مُدَّة من الزمن لإصلاح أمره وتجهيز حاله، وتُضبط هذه المُدَّة حسب العادة والعرف وما اشترطه الطرفان واتفقا عليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم: «إِنَّ أَحَقَّ الشُّرُوطِ أَنْ يُوَفَّى بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ» مُتَّفقٌ عليه من حديث عقبة بن عامر الجُهَنيِّ رضي الله عنه.

ويُستدل على مشروعية وجود وقتٍ بين العقد على الزوجة والدخول بها: بما جاء في قول الله تعالى: ﴿ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ﴾ [الأحزاب: 49]؛ حيث دلَّت الآية على إمكانية وقوع الطلاق بين العقد والدخول، و"ثم" تفيد التراخي، وفيها إشارة لوجود مساحة وقتية يقتضيها العرف,وذلك بما أخرجه الإمامان البخاري ومسلم في "صحيحيهما" أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم عَقَدَ على السيدة عائشة رضي الله عنها ودخل بها بعد ثلاث سنوات من العقد.

وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم: «غَزَا نَبِيٌّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ، فَقَالَ لِقَوْمِهِ: لَا يَتْبَعْنِي رَجُلٌ مَلَكَ بُضْعَ امْرَأَةٍ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا، وَلَمَّا يَبْنِ بِهَا» أخرجه الإمام مسلم في "الصحيح" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وذلك لانشغاله بقضية البناء والتجهيز؛ كما أشار إليه العلَّامة ابن هُبَيرة في "الإفصاح عن معاني الصحاح" (1/ 49، ط. دار الوطن).

ويُستأنس لذلك: اختلاف العلماء في وقت الوليمة؛ هل وقتها هو وقت العقد؟ أو وقت الدخول؟ أو بعدهما؟ حتَّى ذهب بعض الفقهاء إلى عدم تعيين وقتٍ للوليمة؛ بل إنَّ وقتها موسّعٌ يمتدُ من حين العقد على المرأة وحتَّى الدخول بها.

ونصَّ الفقهاء قديمًا وحديثًا على أنَّ لأحد الزوجين أن يطلب المهلة والإنظار من الطرف الآخر حتَّى يُجهِّزَ حاله ويصلح أمره بقدر ما يرى، والمرجع في ذلك إلى الأعراف والعادات بين الناس:

قال الإمام ابن أبي زيد القيرواني المالكي في "النوادر والزيادات" (4/ 602، ط. دار الغرب الإسلامي): [وإذا طلبت المرأة النفقة ولم يبن بها، فإن فرغوا من جهازها حتى لم يبق ما يحبسها، قيل له: ادخل أو أنفق، ولو قال الزوج: أَنْظِرُونِي حَتَّى أَفْرُغَ وَأُجَهِّزَ بعض ما أريد، فذلك له، ويؤخَّر الأيام بقدر ما يرى، وهذا قول مالك، ولا شيء عليه فيما تقدم، إلا أن يكون وليها قد خاصم في ذلك ففرض لها السلطان] اهـ.

وقال الإمام اللخمي المالكي في "التبصرة" (5/ 2014، ط. وزارة أوقاف قطر) في باب الحكم في قبض الصداق، من كتاب النكاح: [وقال مالك: إذا دُعي إلى الدخول فلمْ يفعل: لزمته النفقة. يريد: إذا مضى بعد العقد القدر الذي العادة أن يتربص بالدخول إليه وما يستأني فيه] اهـ.

فجعل الإمام مالك ما جرت به العادات وتعارف عليه الناس هو الضابط الذي يُحكمُ به قضية تأخير الدخول وعدمه بعد عقد الزواج.

وقال الإمام ابن قُدامة الحنبلي في "الكافي" (3/ 82، ط. دار الكتب العلمية): [فصل: وإذا تزوج امرأة يوطأ مثلها، فطلب تسليمها إليه، وجب ذلك؛ لأنه يطلب حقه الممكن. فإن سألت الإنظار، أنظرت مدة جرت العادة بإصلاح أمرها فيها] اهـ.

وقال العلَّامة البُهوتي الحنبلي في "كشَّاف القناع" (5/ 187، ط. دار الكتب العلمية): [(وإن) طلب الزوج زوجته و (سألت الإنظار: أُنظرت مدة جرت العادة بإصلاح أمرها فيها كاليومين والثلاثة)؛ لأنَّ ذلك من حاجتها فإذا منع منه كان تعسيرًا فوجب إمهالها طلبا لليسر والسهولة، والمرجع في ذلك إلى العرف بين الناس؛ لأنه لا تقدير فيه فوجب الرجوع فيه إلى العادة.. وفي "الغنية": إن استمهلت هي أو أهلها: استحب له إجابتهم ما يعلم به من شراء جهاز وتزين. (وكذا لو سأل هو) أي: الزوج (الإنظار) فينظر ما جرت العادة به؛ لما تقدم] اهـ.

وأنهى قائلًا أن عقد الزواج لا يستوجب الدخول بعده مباشرة؛ بل مردُّ ذلك إلى الاتفاق بين الطرفين وإلى العرف وما اعتاده الناس في أنكحتهم من وجود فترة كافية بين عقد الزواج والدخول يستطيع فيها كل طرفٍ إعداد احتياجات الزواج، وهو ما سارت عليه مبادئ القضاء المصري في مسائل الأحوال الشخصية. هذا مع التنبيه على أن ذلك من الأمور الاتفاقية التي يشترط فيها عدم إضرار أي طرف بالطرف الآخر.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شوقي علام يؤكّد أن عقد الزواج لا يستوجب الدخول بعده مباشرة شوقي علام يؤكّد أن عقد الزواج لا يستوجب الدخول بعده مباشرة



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib