الشرق الأوسط يمكنه استعادة روح التعايش القديمة من خلال اتحاد اقتصادي
آخر تحديث GMT 03:53:19
المغرب اليوم -

قبل أن يتحول إقليم "الهلال الخصيب" إلى ساحة "الدم والدموع"

الشرق الأوسط يمكنه استعادة روح التعايش القديمة من خلال اتحاد اقتصادي

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - الشرق الأوسط يمكنه استعادة روح التعايش القديمة من خلال اتحاد اقتصادي

صورة للمواقع التي دمرتها الغارات الإسرائيلية في دمشق يوم 5 أيار/ مايو الماضي
 لندن ـ سليم كرم

 لندن ـ سليم كرم تقول كل المؤشرات الظاهرة إن إقليم الشرق الأوسط الآن بات على أبواب كارثة طائفية إلا أن هناك من يؤكد أن الشرق الأوسط في إمكانه أن يستعيد روح التعايش القديمة التي كان عليها من خلال خلق اتحاد اقتصادي، يعيد إلى الأذهان ذكرى إقليم "الهلال الخصيب"، قبل أن يتحول إلى ساحة "الدم والدموع". ونشرت صحيفة "غارديان" البريطانية مقالاً لمدير عام قناة "الجزيرة" القطرية السابق وضّاح خنفر يشير فيه إلى أن نطاق الحرب في سورية اتسع على نحو ينذر بأنها على وشك التحول إلى صراع إقليمي، من واقع التصريحات الرسمية التي صدرت خلال الأسبوع الماضي.
ففي البداية اعترف زعيم "حزب الله" حسن نصر الله رسميًا بأن قواته تحارب فعلاً إلى جانب قوات نظام بشار الأسد، وفي تلك الأثناء دخلت المواجهة في العراق بين حكومة نوري المالكي وبين المتظاهرين في الأقاليم العراقية السنية مرحلة عنف دموي.
وشاهد العالم مع نهاية الأسبوع الماضي قيام إسرائيل بشن غارات على أهداف داخل سورية، ومن واقع هذا الأحداث يبدو واضحًا أن المنطقة بأكملها تخوض أهم تحول جيوبوليتيكي منذ رسم الخريطة السياسية للشرق الأوسط في أعقاب الحرب العالمية الأولى.
ويتضح أن المنطقة تجني ثمار تردد المجتمع الدولي إزاء نظام الأسد في سورية؛ إذ إن هذا التردد كما يقول خنفر أتاح الفرصة للأسد كي يواصل أعماله الوحشية ضد شعبه، وذلك في الوقت الذي استمرت فيه كل من روسيا وإيران في دعم النظام السوري بالأسلحة، بينما فرضت كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حظرًا على توريد الأسلحة، الأمر الذي كان له تأثيره السلبي على ما يسمى بالجيش السوري الحر، وخاصة في ما يتعلق بالأسلحة المضادة للطائرات، حيث كان الغرب يخشى سقوط تلك الأسلحة في أيدي من يطلق عليهم اسم "الجهاديين"، وذلك على الرغم من أن الثورة السورية كانت آنذاك - كما يقول خنفر- داخلية بكل معنى الكلمة، حيث لم يكن هناك وجود للجهاديين، الذين بدأ الموقف يميل لصالحهم على أرض الواقع مع تزايد وحشية النظام، وفي ظل اللامبالاة الدولية.
أما الآن فإن وتيرة العنف لن تنحصر داخل سورية وحدها، فقد اصبحت لبنان امتدادًا لساحة ومسرح القتال السوري، كما أن إعلان "حزب الله" الشيعي دعمه للطائفة العلوية الحاكمة في سورية من شأنه أن يزيد من معدل الاستقطاب الطائفي هناك إلى مستويات غير مسبوقة.
وإذا ما استمرت المواجة الطائفية في العراق في التصاعد فإن الموقف سوف يصبح أكثر خطورة؛ فالعراق بموقعه الإستراتيجي يطل بحدوده على كل من الخليج الغني بالنفط وإيران وتركيا، ويعد بمثابة برميل البارود الذي يمكن أن يشعل المنطقة بأكمها.
وأشار وضّاح إلى إن الخطر الحقيقي يكمن في أن الصراع الطائفي في المنطقة سوف يترسخ، حيث تتزايد الدعوة في العراق الآن إلى تقسيمه إلى ثلاث مناطق على أسس طائفية وعرقية: إقليم شيعي وآخر سني بالإضافة إلى الإقليم الكردي الذي ينعم حاليًا بقدر كبير من الاستقلال.
ويقول وضاح خنفر "إن الإقليم الساحلي في سورية الذي يقطنه كثافة سكانية من الشيعة العلويين شهد مذابح للسوريين السنيين خلال الأسبوع، بهدف إرهاب الباقين من السنة، واضطرارهم للرحيل من المنطقة".
وهي خطوة كما يقول خنفر، مهمة نحو تأسيس كيان علوي سوري في حال فقدان النظام السوري الحاكم سيطرته على دمشق. إلا أن ذلك لن يؤدي إلى استقرار ورخاء سورية، وإنما سيؤدي إلى مزيد من الصراع الدموي.
ويشير خنفر في هذا السياق إلى أن حدود دول الشرق الأوسط الحالية التي رسمت من خلال اتفاقية "سايكس بيكو" لم تكن منطقية، ولم تكن عملية، كما أنها لم تكن تحظى بأي شرعية في عقول وأذهان الشعوب العربية، فالدول العربية لم تكن قادرة على أن تتحول إلى دول تنعم بالاستقرار على عكس ما كانت عليه كل من إيران وتركيا. ونتيجة لذلك ظهرت حركة القومية العربية التي تدعو إلى الوحدة العربية، وهو الحلم الذي ظل يستهوي شعوب المنطقة العربية ولكنه لم يتحقق على أرض الواقع.
وعلى ما يبدو كما يقول خنفر فإن اتفاقية "سايكس بيكو" لن تبقي حتى تشهد الاحتفال بمرور مائة عام عليها، ولكن البديل لا ينبغي أن يكون أسوأ منها، أي لا ينبغي أن تكون الحدود اصطناعية مفتعلة لأن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى صراع دائم.
وأضاف "إن الحل بات في الإمكان من خلال بعث الروح التي كان يتميز بها الشرق الأوسط عبر تاريخه، حيث استطاعت أربعة شعوب - وهم العرب والأكراد والأتراك والإيرانيون - أن تتعايش في المنطقة منذ قديم الزمان في بيئة منفتحة اقتصاديًا واجتماعيًا. لقد ظل الأقليم متماسكًا ومتجانسًا كوحدة واحدة على مدار قرون على الرغم من التنوع الديني والطائفي والعرقي، حيث كانت الأفكار والأديان والبضائع تتنقل في المنطقة في حرية وبلا قيود".
وتابع وضّاح "وبدلاً من السير في اتجاه الانقسامات الطائفية والتشرذم العرقي، فإن استقرار الشرق الأوسط يكمن في العودة إلى الوحدة والتضامن من جديد، وهذا عمليًا يعني تأسيس كيان اقتصادي شرق أوسطي يضم العراق وسورية ولبنان والأردن، ويكون مفتوحًا أمام كل من تركيا وإيران. ومن شأن ذلك أن يخلق حرية التجارة والحركة وتجاوز الحدود والعودة إلى ما كان عليه الوضع على مدار قرون، حيث لم تكن هناك حدود".
ويقول خنفر "إن ذلك وحده كفيل بأن ينحي جانبًا الانقسامات الطائفية والعرقية".
ويشير خنفر في ذلك إلى المنطقة التي تمتد من البصرة إلى بيروت والتي كانت معروفة باسم "الهلال الخصيب" بسبب كثرة مواردها ورخائها. ولو سادت الطائفية والانفصالية فإن هذا "الهلال الخصيب" سوف يتحول إلى "هلال الدم والدموع"، حيث إن نزيف الدماء لن ينحصر فقط في العراق وسورية ولبنان لأن الصراع الطائفي لا يعرف حدودًا. إن هذا الصراع السياسي يتنشر سريعًا ويحدث تأثيره العميق على المنطقة، وفي تلك الحالة لن يكون هناك فائز فالكل سيكون خاسرًا.

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشرق الأوسط يمكنه استعادة روح التعايش القديمة من خلال اتحاد اقتصادي الشرق الأوسط يمكنه استعادة روح التعايش القديمة من خلال اتحاد اقتصادي



GMT 04:04 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

تشاد تلمح لضلوع السودان في مقتل رئيسها السابق

GMT 02:58 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تُعلن أنهم لأن يخضعو للضغوط وهدفهم وقف الحرب

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 16:38 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

إضافة 408 هكتارات من الحدائق والمساحات الخضراء في بكين

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 12:35 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

امرأة تعقد عقد جلسة خمرية داخل منزلها في المنستير

GMT 04:14 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

ارتفاع سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الخميس

GMT 10:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الطاعون يلتهم آلاف المواشي في الجزائر وينتشر في 28 ولاية

GMT 03:21 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة افتتاح مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك

GMT 10:21 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

فضيحة جنسية وراء انفصال جيف بيزوس عن زوجته

GMT 09:04 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

والدة "راقي بركان" تنفي علمها بممارسة نجلها للرقية الشرعية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib