الرئيسية » عالم الثقافة والفنون
علماء الآثار يحذرون من عمليات التعدي والبناءعلى المناطق الأثرية

القاهرة ـ محمد الشناوي

يخشى علماء الآثار في مصر من الخطر الذي يتهدد مواقع الأهرامات من عمليات التعدي والبناء الغير المشروع بالقرب منها في أعقاب الثورة المصرية وفي ظل غياب الرقابة الأمنية، حيث حولها بعض المصريين إلى مقابر لدفن موتاهم، في حين مارس آخرون عمليات نهب منظم للتراث، أو أعمال حفر غير مشروعة.وأشارت صحيفة "الغارديان" البريطانية إلى أنه في منشية دهشور (التي تبعد 25 ميلاً عن جنوب القاهرة" قام السكان أخيرًا بتوسيع حدود المدافن الخاصة بهم على حساب المواقع الأثرية.
ونشرت "الغارديان" تحقيقًا تناولت فيه تعدي السكان المصريين على مواقع الآثار الفرعونية، وأشارت فيه إلى تبرير المواطنين قيامهم بدفن موتاهم في تلك المواقع بحجة أنه لا بد من دفن الموتي في مدفن جديد بعد امتلاء المدافن القديمة.
وتكمن المشكلة في أن المدافن الجديدة تم بناؤها بالقرب من أهرامات دهشور وهي الأهرامات الأقل شهرة والأقل حجمًا من أهرامات الجيزة، ولكنها ليست أقل منها تبجيلاً ومهابة، كما أن هذه المواقع بمثابة أرض محمية لا يسمح فيها بالبناء، ومع ذلك فإن الفترة الأخيرة شهدت بناء ما يزيد على 1000 مدفن على نحو لا يمسح به القانون، منذ شهر كانون الثاني/ يناير الماضي.
ويعلق على ذلك رئيس قسم آثار دهشور محمد يوسف بقوله "إن ما يحدث يُعد شكلاً من أشكال الجنون، حيث قام هؤلاء بالاستيلاء على أراضٍ أثرية".
وتتواجد هذه المدافن في كثبان رملية أسفل الهرم الأحمر وإلى الجنوب منها هرم سنفرو وإلى الشرق بالقرب من نهر النيل يقع الهرم الأسود.
ويزعم السكان أن تشييد المدافن في تلك الأماكن من حقهم، ويقول العامل في أحد المساجد بالقرب من المدفن رضا دبوس "إن هؤلاء الناس ولدوا هنا وماتوا هنا ولا بد بطبيعة الحال أن يدفنوا هنا".
يذكر أن نسبة 99 في المائة من المصريين يعيشيون فقط على نسبة 5.5 في المائة من أراضي مصر، وهذا يفسر صعوبة العثور على أرض صالحة للسكنى في مصر.
لكن سلطات الآثار لديها وجهة نظر أخرى، حيث يقول يوسف "إن البعض من هؤلاء الناس في حاجة فعلاً إلى مقابر لعائلاتهم، لكن هناك ما يزيد على ألف آخرين لا يهدفون من وراء ذلك إلى دفن موتاهم، وإنما فقط ممارسة عمليات نهب الآثار، والقيام بأعمال حفر غير مشروعة".
ويؤكد على ذلك مفتش الآثار الذي نشأ في ذلك المكان رمضان الكوت، حيث يقول "إن المدافن الجديدة ما هي إلا وسيلة للصوص الآثار كي يغطوا على نشاطهم غير المشروع".
ويؤكد الكثير من المراقبين أن عمليات تشييد المدافن هذا تأتي ضمن سلسلة من التعديات غير المشروعة التي تشهدها أنحاء مصر كافة على نحو متزايد منذ قيام ثورة 2011، التي أطاحت بنظام الرئيس السابق حسني مبارك، فقد شهدت دهشور ما يزيد على 500 عملية حفر وتنقيب غير مشروعة منذ العام 2011.
وتقول الناشطة التي تدافع عن المواقع الأثرية المصرية مونيكا حنا "إن ما يحدث في دهشور ما هو إلا حالة تمثل ما تتعرض إليه المواقع الأثرية في كل أنحاء مصر".
وقام عالم الآثار والمخرج البريطاني نيجيل هيثرينغتون خلال الأشهر التي أعقبت سقوط نظام مبارك في ربيع 2011 بتوثيق عشرات أعمال البناء غير المشروعة في تلك المناطق، والمدهش في هذا الأمر كما يقول أن الناس يتعدون على تلك المواقع علانية من دون خوف، بل لم يعترضوا على تصوير هذه التعديات.
وليس من شك في أن ما يحدث في مصر الآن يدل على مدى تدهور سيادة القانون والافتقاد إلى الأمن والانضباط منذ سقوط نظام مبارك، فالشرطة التي تسببت تجاوزتها إلى حد كبير في الثورة المصرية العام 2011 لم تعد تميل إلى نشر دورياتها في الشوراع أو المواقع الأثرية مثل دهشور، فلم تعد الشرطة تفعل شيئًا، وبات كل العبء على عاتق مفتشي الآثار وحدهم الذين لا حول لهم ولا قوة، وباتت حياتهم مهددة من نيران لصوص الآثار.
والواقع أن الناس لم تعد بعد الثورة تخشى الجيش أو الشرطة أو أي حكومة، وبات شعار الشارع المصري هو : إذا أردت شيئًا فعليك أن تفعله، من دون خوف، ولا أدل على ذلك مما يحدث الآن في دهشور، فعندما بدأ الناس في التعدي على المناطق الأثرية قام مفتشو الآثار بإبلاغ الشرطة التي لم تحرك ساكنًا، ولم تتجرأ جهة رسمية على هدم تلك المدافن، والسبب في ذلك هو ضعف الحكومة المصرية الحالية، الأمر الذي دفع بالناس إلى مخالفة القانون من دون خوف من العقاب.
وعلى الفور قام بقية السكان من القرى المجاورة بمحاكاة تلك التعديات، وبدأ بعض المقاولين بالتعدي على الأراضي وتقسيمها وبيعها لهؤلاء الذين يرغبونها في تشييد مدافن جديدة.
ويبقى أن الناس هناك لا يزالون يفرقون بين تلك التعديات وبين تعديات العصابات المسلحة المنظمة من لصوص الآثار الذين يملكون معدات حفر خاصة.
ويردد البعض أن أعمال النهب وفشل الحكومة في التعامل من المشكلة يرجع إلى صعود الإسلاميين للحكم، وهم في الأساس يعارضون ثقافيًا التراث الأثري المصري باعتباره من الوثنيات، ويستند هؤلاء على ما دعا إليه أحد السلفيين من تدمير الأهرامات، لكن البريطاني هيثرينغتون يعارض ذلك ويقول إن هذا السلفي ما هو إلا واحد، وهو يرجع ذلك إلى الصعوبات الاقتصادية التي يعاني منها السكان المحليون، واغترابهم الاجتماعي عن تراثهم القديم الذي لم يعد يمثل لهم قيمة روحية.
وتنسب الصحيفة إلى المواطن المصري وليد إبراهيم قوله إنه عرف من جدته وجده أن الفراعنة قاموا ببناء هذه الأهرامات، ولكن لا يوجد أحد الآن يعبأ بهذه الأهرامات ولا يهمه الاعتناء بها طالما أنه يعاني من البطالة، ولو أن الحكومة وفرت له فرص عمل فإنه سوف يحافظ على تلك الأهرامات.

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

مصر تضع اللمسات النهائية لافتتاح المتحف المصري الكبير أحد…
معرض الشارقة للكتاب يضم مشاركة 112 دولة والمغرب يحل…
حاكم الشارقة يعلن اكتمال المعجم التاريخي للغة العربية والانتهاء…
وزارة الثقافة المغربية تدعم 412 مشروعاً في قطاع النشر…
وزارة الثقافة السعودية تحصد وسام أخلاقيات الذكاء الاصطناعي 2024

اخر الاخبار

الملك محمد السادس يُهنئ رئيس رومانيا بمناسبة احتفال بلاده…
مجلس التعاون الخليجي يًُؤكد على مواقفه الثابتة الداعمة لمغربية…
رياض المالكي يُشيد بالدعم الذي يُقدمه الملك محمد السادس…
الأونروا تؤكد محاولة إدخال مساعدات إلى غزة لكنها سرقت…

فن وموسيقى

منى زكي تحتفي بعرض فيلمها "رحلة 404" في هوليوود…
الكويت تسحب الجنسية من الفنان داوود حسين والمطربة نوال
حسين فهمي يكشف تفاصيل تحضيره لمهرجان القاهرة السينمائي في…
سعد لمجرد يُصدر أغنيته الهندية – المغربية الجديدة «هوما…

أخبار النجوم

إلهام شاهين تكشف عن سعادتها بحصولها على تكريم خاص…
كريم عبد العزيز يتمنى أحدث أفلامه السينمائية "الأرض السوداء"…
شيرين عبد الوهاب تُعبر عن سعادتها بسبب الحفاوة الكبيرة…
المغربية ابتسام تسكت تكشف عن جديدها الفني المُرتقب عرضه

رياضة

محمد صلاح يؤكد أن مباراته أمام مان سيتي ستكون…
"الفيفا" يُعلن حصول ملف استضافة السعودية لكأس العالم 2034…
3 لاعبين مغاربة في قائمة المرشحين لجوائز الأفضل لعام…
"فيفا" يكشف أسباب ترشيح ميسي لجائزة "الأفضل"

صحة وتغذية

وزير الصحة المغربي يؤكد أنه لا يمكن وضع تشريعات…
السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة
النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل…

الأخبار الأكثر قراءة

وزير الثقافة يُوجيه بدعم الناشرين لجعل أسعار الكتب في…
جولة على أهم المتاحف والمعارض الفنية العالمية والعربية
مصر تضع اللمسات النهائية لافتتاح المتحف المصري الكبير أحد…
معرض الشارقة للكتاب يضم مشاركة 112 دولة والمغرب يحل…
حاكم الشارقة يعلن اكتمال المعجم التاريخي للغة العربية والانتهاء…