الرباط - المغرب اليوم
“لا أحد يمكنه التجرؤ على تخيل أن الملك محمد السادس سيوافق على الدوس على القوانين، التي ساهم في إعدادها منذ اعتلى العرش قبل 22 سنة، من قبل أشخاص لا يضيعون أي فرصة للتباهي بعلاقة مميزة معه. ومع ذلك، لا يمر أسبوع دون أن ترد الروايات التي تثري القائمة الطويلة لانتهاكات وخروقات للقانون من طرف الإخوة أبو بكر وعمر وعثمان زعيتر”. كانت هذه مقدمة مقال نشر على مدونات “ميديا بارت” من طرف الصحافي الاستقصائي فابريس سوفاج. بدأ الصحافي حديثه عن الموضوع بالإشارة إلى أن طائرة قادمة من ألمانيا حطت على الأراضي المغربية في الثامن من ديسمبر الجاري، وعلى متنها عثمان زعيتر على الرغم من إعلان إغلاق الحدود منذ 29 نونبر المنصرم، وأضاف أنه من الصعب أن نتخيل أن الملك لم يتم إبلاغه بذلك، خاصة أن هناك احتمالا كبيرا بأن تكون الطائرة المعنية تابعة لأسطوله الخاص.
وجاء في المقال أن عثمان، وهو المدمن الكبير على “أنستغرام”، كان سريعاً في مشاركته خبر عودته من ألمانيا بصورة وهو متأكد من أنه متابعيه سيصفقون له أمام هذا “الامتياز”، الذي يوضح مرة أخرى أن هؤلاء “الأصدقاء” لا يمكن المساس بهم. كل من تابع الصورة لم يعجب ولم يثن على هذا العمل الذي جعل عثمان زعيتر وأخويه يظهرون وكأنهم “مختارون من الله” من أجل الوصول إلى ذروة القوة والمجد والثروة، متمتعين بحصانة غير مسبوقة في المغرب. لقد كان سيل الشتائم التي أحدثها هذا المنشور كبيراً، وكانت التعليقات عنيفة إلى درجة أنه تم حذفها بسرعة؛ كما أن الضرر وقع لأن المنشور بقي لمدة كانت كافية على حساب عثمان ليتم تصويره ونشره على الإنترنت، لينتشر كالنار في الهشيم.
مخالفات و”طاكوس بـالدرون”
سببت عنتريات الإخوة زعيتر ومخالفتهم للقانون بشكل متكرر ضرراً لسكان وتجار مارينا سلا، الذين يدفعون الثمن دون تدخل من أي سلطة. ويشير صاحب المقال إلى أن الإخوة زعيتر أسسوا شركة في طنجة سنة 2018 باسم “Protokoll7” متخصصة في تسيير المقاهي والمطاعم، كما أن الأشقاء مساهمون في شركة “أبو زعيتر الدولية” التي مازالت في طنجة، وهي مخصصة للتجارة والاستيراد والتصدير؛ وفي سنة 2019 أسسوا شركة مخصصة للتطوير العقاري باسم براق “Méditerranée Building Compagny”. وفي مارينا سلا، حيث يمتلك الإخوة شقة سكنية، يسعون حالياً إلى إنشاء حديقة ألعاب للأطفال ونادي جتسكي؛ ووفق تصريحات لتجار فضاء مارينا الترفيهي فإنهم قاموا باستئجار مساحة لجعلها ساحة عرض لبيع الزلاجات النفاثة، التي يبدو أنهم مغرمون بها بشكل خاص.
وفي انتظار تنفيذ مشاريعهم، وقع المعنيون الصيف الماضي مع إدارة مارينا عقد تشغيل محلين تجاريين، فيما أبدى السكان والتجار تخوفهم من فكرة وجود ملاكمين بأذرع طويلة كجيران لهم؛ وقد تأكد ذلك عندنا قام الإخوة بإنجاز قنوات إخلاء ضخمة وقبيحة للدخان على واجهة المبنى الذي يضم محلاتهم التجارية. لقد قاموا بهذا الأمر دون يتقدموا بطلب ترخيص لدى “سنديك الإقامة”، ولذلك وجه الأخير شكاية إلى المدير العام لوكالة تهيئة وادي أبي رقراق، للتصرف أمام مخالفات تعميرية واضحة تشوه الموقع وتشكل خطراً على السكان. وإلى حدود الساعة، لم يرد المدير العام لوكالة تهيئة أبي رقراق على الشكاية الموجهة إليه في 22 نونبر المنصرم، تماماً مثل وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير، ومجلس مدينة سلا وبرلمانيي الجهة، ووزير الداخلية، والمدير العام للأمن، ووزير العدل والوالي والعامل، والقائد والمقدمين، حيث بقوا كلهم صامتين أمام انتهاكات الإخوة زعيتر للقانون دون أي يقوموا بأي شيء.
ويبدو أن الاندفاع المجنون للإخوة لا حدود له، فقد أعلنوا في ملصق إعلاني لمطعم “طاكوس” خاص بهم أنهم سيقومون بتوصيل الطلبات عن طريق “درون”.. هل تم فعلاً طلب إذن في هذا الصدد؟ إذا كان الأمر كذلك هل سيتلقون رداً إيجابياً بينما تقدمت شركات أخرى بطلبات لاستخدام “الدرون” دون أن تتلقى أي رد. وقد باءت محاولات صاحب المقال بالفشل حين سعى إلى التأكد من هذه المعلومات لدى السلطات المعنية.
تجاوز قرار منع الدفن
في مدينة طنجة، نجح الإخوة زعيتر في تجاوز قرار منع أي دفن جديد في مقبرة مرشان، على الرغم من صدور قرار سنة 2012 يمنع الدفن في هذه المقبرة التاريخية، لعدم وجود أماكن مناسبة، وذلك بناءً على قرار اتخذه مجلس المدينة بالإجماع. وحسب معلومات نشرتها وسائل إعلام مغربية فقد تمكن الإخوان زعيتر من دفن جدتهم في هذه المقبرة، مسلحين بتوفرهم على “تعليمات عليا”. وحسب الوثيقة الموقعة من قبل رئيس مجلس مدينة طنجة ووالي جهة طنجة تطوان فإن كل انتهاك لقرار منع الدفن في هذه المقبرة يعرض صاحبه للمتابعة القانونية والجنائية، وهو ما يدفع إلى التساؤل: هل ستتم محاكمة عائلة زعيتر أم سيتم التشكيك في هذا القرار بالحصانة التي يبدو أن الإخوة يتمتعون بها؟.
وأمام هذه المخالفات، يتساءل الصحافي الاستقصائي فابريس سوفاج قائلاً: “لا يسع المرء إلا أن يتساءل عن انتظام الإخوة في أداء اشتراكات الضمان الاجتماعي ودفعهم الضرائب، وعن تمويل استثماراتهم وإقراراتهم (إن كانت) لدى مكتب الصرف؟”. ويقول صاحب المقال: “مهما كانت الإجابة عن السؤال فإن أبو بكر وعمر وعثمان سيقومون بما يحلو لهم دون طلب الإذن أو القلق من الضرر الذي قد تسببه أفعالهم، ومع ذلك فإن هذا الغياب الواضح للقيود ليس ترخيصاً للإساءة والتباهي والاستعراض، ولا ترخيصاً للدول على المقتضيات والقوانين”. ويخلص سوفاج إلى القول إن “وضع الأشقاء يحيل على مفهوم الغطرسة المستمدة من الفلسفة اليونانية والمسرح، التي تروى عنها الأسطورة قيام البطل بمغامرات كبيرة، يحالفه الحظ فيها ليركب رأسه ويعتقد أنه ارتقى إلى مرتبة الآلهة، لتتم إعادته إلى مكانه من قبل آلهة الانتقام بلا أي رحمة”.
ويشير المقال إلى أن الميل الأناني لأبو بكر وعثمان وعمر زعيتر إلى رؤية المغرب كساحة يمارسون فيها سلطتهم، ويبحثون عن المجد مع ثقة مفرطة بالنفس وازدراء الانتقادات، حولهم إلى وحوش لا يمكن السيطرة عليها. ويختم فابريس سوفاج بالقول: “أن تكون صديقاً لملك فإن ذلك يتطلب سلوكاً فاضلاً أكثر من سلوك المواطن العادي.. لأن هناك خطراً كبيراً من أن ينظر لرئيس الدولة، الذي يعرف عنه القلق على رفاه رعاياه، على أنه قائد سيء، لأنه سيضع مصالح أصدقائه قبل الصالح العام. إن إحساس الإخوة بالحصانة والسلطة المطلقة كبير جداً”.
قديهمك أيضاً :
الملك محمد السادس يمنح الجنسية المغربية لمقرب من الأخوين زعيتر
البطل المغربي “زعيتر” يكشف تفاصيل خطيرة عن أصحاب لائحة التجسس