الرئيسية » أخبار الاقتصاد
الدولارِ الأميركيِ

واشنطن - المغرب اليوم

تزايدت المحاولات لإنهاء هيمنة الدولار الأميركي على الاقتصاد العالمي في الآونة الأخيرة، وخاصة بعد توسع مجموعة "بريكس" لتشمل الإمارات ومصر وإيران وإثيوبيا. وترى روسيا والصين، ضمن هذا التكتل، أن تحرير الاقتصاد العالمي من الدولار الأميركي يمكن أن يعزز اقتصاداتهم، ويقلل من تأثير العقوبات الاقتصادية المفروضة من قبل الولايات المتحدة.

ومع ذلك، فإن إنهاء هيمنة الدولار ليست مهمة سهلة. فالدولار لا يزال يمثل 58.22% من الاحتياطي النقدي الدولي، ويتم استخدامه على نطاق واسع في تسعير السلع الأساسية مثل النفط، مما يجعله "ملاذاً آمناً" في أوقات الأزمات. ورغم انخفاض حصة الدولار قليلاً، إلا أن البدائل مثل اليورو لم تتمكن من انتزاع مركز الصدارة.

كما أن مقترح إنشاء عملة موحدة لدول "بريكس" يواجه تحديات كبيرة، تتعلق بالتباينات الاقتصادية بين دول التكتل، مما يجعل تنفيذه غير عملي في الوقت الراهن. ورغم محاولات بعض الدول لزيادة استخدام عملاتها المحلية في التجارة الدولية، إلا أن الاعتماد على الدولار لا يزال قوياً، ويبدو أنه سيستمر في الهيمنة على المدى القريب والمتوسط.

ومع استضافة روسيا لقمة "بريكس" 2024، بدا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين متفائلا بالنفوذ المتنامي للتكتل الاقتصادي، وتوقع بوتين أن تكون الدول الأعضاء في التكتل "المحرك الأساسي للنمو الاقتصادي العالمي في المستقبل القريب بفضل حجم اقتصاداتها وإقبال مزيد من الدول على الانضواء تحت لواء بريكس.
وتصب استضافة مدينة قازان الروسية لهذه القمة الموسعة في صالح محاولات موسكو التأكيد على عدم نجاح جهود الولايات المتحدة والدول الغربية في عزلها اقتصادياً بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022.
كما تريد روسيا حشد دول أخرى إلى جانبها بُغية إعادة ترتيب المنظومة المالية الدولية وإنهاء الدور المؤثر للدولار الأمريكي داخلها.

ولكن إنهاء هيمنة الدولار، الذي يعرف بـ"ملك العملات" ويحوز نصيب الأسد في الاحتياطي النقدي العالمي منذ الحرب العالمية الثانية، يحتاج إلى إجراءات واسعة كي يصبح واقعاً ملموساً، وإلا بقي مجرد أمنيات تراود أفكار أصحابها.
وتحرص الحكومات والبنوك المركزية في أنحاء العالم على تعزيز احتياطي النقد الأجنبي لديها كي تستخدمها في معاملاتها التجارية الدولية، وللتعامل مع أي أزمات اقتصادية قد تواجه اقتصادات بلدانها.
وبينما تُظهر البيانات أن حصة الدولار من الاحتياطي النقدي الدولي تراجعت خلال الأعوام الأخيرة، يلفت خبراء إلى أن هذا الانحسار لم يكن لصالح العملات الرئيسية الأخرى، مثل اليورو والجنيه الإسترليني، بل زادت نسبة الاحتياطي من عملات توصف بأنها "غير تقليدية"، ومن بينها اليوان الصيني والدولار الأسترالي والوون الكوري الجنوبي والدولار الكندي
وتبلغ نسبة اليورو، ثاني أكثر العملات نصيباً في الاحتياطي النقدي الدولي، 20 في المئة فقط، وهو ما يظهر أن الدولار الأمريكي لا يزال صاحب الدور الأبرز في الاقتصاد العالمي.
وتستخدم العملة الأميركية لتسعير سلع أساسية في العالم، ومن بينها النفط. ولذا، فإنه إذا تراجعت قيمة العملة المحلية لدولة ما بنسبة كبيرة أمام الدولار، تصبح السلع التي تُسعر بالدولار أكثر تكلفة، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف المعيشة ومعدلات التضخم.
ويميل المستثمرون إلى شراء الدولار عندما يعاني الاقتصاد العالمي من ضغوط، فالعملة الأمريكية تعد "ملاذاً آمناً" في أوقات الأزمات، لأن اقتصاد الولايات المتحدة هو الأكبر في العالم.
وكما تبين منذ انحسار أزمة تفشي وباء كورونا، فإنه عندما يتخذ المسؤولون في الولايات المتحدة قرارات اقتصادية مهمة، مثل رفع أو خفض أسعار الفائدة، فإن صدى ذلك سرعان ما يتردد في دول أخرى.
وبحسب دراسة حديثة صادرة عن مركز الاقتصادات الجغرافية التابع للمجلس الأطلسي، فإن الدولار سيظل العملة الرئيسية في الاحتياطي النقدي العالمي على المديين القريب والمتوسط.
وتستشهد الدراسة باستمرار سيطرة الدولار على المعاملات التجارية والنقدية عالمياً، علاوة على ضعف قدرة المنافسين المحتملين على تهديد "ملك العملات" في المستقبل القريب.

بعض الدول النامية ترى أن هيمنة الدولار على المعاملات التجارية يضر باقتصاداتها، وتخشى أن يؤثر تقلب سعره على الاستقرار الاقتصادي لديها، وتعمل على تغيير الوضع القائم منذ عقود طويلة.
واجهت روسيا، على سبيل المثال، صعوبات كبيرة بعد العقوبات الغربية عليها وإقصائها من المنظومة المالية العالمية العام الماضي إثر غزو أوكرانيا. تلك العقوبات وذلك الإقصاء لم تثنِ بوتين الساعي إلى التخلص من الاعتماد على الدولار.
أما الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، فتعمل منذ أمد من أجل زيادة استخدام اليوان في المعاملات التجارية الخارجية، بهدف تعزيز أهمية عملتها دولياً.
كما أخذت بعض البلدان إجراءات من أجل تعزيز استخدام العملات المحلية. فعلى سبيل المثال، أعلنت الإمارات والهند العام الماضي عن توافق بشأن استخدام الدرهم الإماراتي والروبية الهندية في المعاملات بين الجانبين.
وثمة محاولات من جانب أعضاء في تكتل "بريكس" لدعم آليات جديدة للدفع عبر الحدود بغية توسيع المدفوعات غير المرتبطة بالدولار الأمريكي.

ما تزال فكرة عملة مشتركة لدول بريكس، مجرد اقتراح ولا يوجد توافق عليه أو آلية واضحة لتطبيقه.
ويعد رئيس البرازيل، لولا دا سيلفا، من أبرز الداعمين لإنشاء عملة "بريكس" موحدة تستخدم في التجارة والاستثمارات المتبادلة بين أعضاء التكتل، وذلك على أمل تقليل التأثر بتقلبات أسعار صرف الدولار الأمريكي.
لكن هذا المقترح لم يناقش في قمة "بريكس" التي استضافتها جنوب أفريقيا العام الماضي.
وقبيل قمة قازان، قال الرئيس الروسي إن التكتل "لا يدرس هذه القضية (عملة بريكس الموحدة) في الوقت الحالي"، مؤكداً على ضرورة توخي "الحذر الشديد" في هذا الصدد.
ويرى خبراء أن التباين بين اقتصادات التكتل تجعل مقترح العملة المشتركة غير عملي.
ومع ذلك، فإن نجاح العملة الأوروبية الموحدة "اليورو" التي استحدثت في عام 1999، رغم اختلاف الظروف سياسياً وجغرافياً واقتصادياً، يجعل البعض يعتقد أن تطبيق فكرة عملة "بريكس" ليس مستحيلاً.

في الواقع تواجه محاولات تقليل الاعتماد على الدولار في التعاملات التجارية بين الدول تحديات عدة. فما يُعرف بـ"إلغاء الدولرة" في الاقتصاد العالمي يحتاج إلى توافق على نطاق واسع بين مصدرين ومستوردين ومؤسسات مالية حول العالم على استخدام العملات المحلية، أو عملة بديلة - وهي أمر مستبعد في المدى القريب.
كما أن اقتصاد الولايات المتحدة هو الأكبر في العالم، ولذا فإن عملتها تعد ملاذاً آمناً بالنسبة لكثير من المستثمرين.
لكن مسؤولين أمريكيين يدركون أن الدولار يواجه مستقبلاً محفوفاً بالمخاطر بسبب العقوبات المالية التي تفرضها واشنطن على دول أخرى، في بعض الأحيان، إذ توجد مخاوف من أن يعطي ذلك دفعة للبحث عن بديل، وهو ما يقوض هيمنة الدولار على المدى البعيد.
ويتوقع خبراء أن يظل الدولار يؤدي دوراً محورياً في الاقتصاد العالمي خلال الأعوام المقبلة، رغم التحديات الماثلة. وترى وكالة موديز أن هيمنة الدولار الأمريكي على التجارة الدولية والتمويل مستمرة لعقود، حتى لو ظهرت منظومة تعتمد على عملات متنوعة.
وعليه، فإنه في غياب بديل قوي للدولار، كما هو الحال في الوقت الراهن، سيظل "ملك العملات" في مأمن.

قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ : 

الدولار الأميركي يستقر خلال التعاملات الآسيوية الأربعاء

 

الدولار الأميركي يُحافظ على قوته مع تباين التوقعات بشأن الفائدة

 

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

ترامب يؤكد إصراره على تطبيق التعريفة الجمركية، لكن الأمر…
والي بنك المغرب يؤكد على أهمية الاستقرار المالي في…
وزير المالية السعودية يؤكد عدم زيادة الأعباء على الاقتصاد…
الاتحاد الأوروبي يمنح المغرب 190 مليون أورو لإعادة بناء…
نمو صادرات الصناعة التقليدية المغربية خلال الأشهر العشرة الأخيرة…

اخر الاخبار

عائلات مغربية تأمل تدخلاً ملكياً لإنهاء معاناة أبنائهم العالقين…
انتخاب سويسرا لرئاسة مجلس حقوق الإنسان خلفاً للمملكة المغربية
رئيس الحكومة المغربية يترأس اجتماعاً حول إنعاش التشغيل
الإضراب المفتوح الذي يخوضه مستخدمو الصندوق المغربي للتقاعد يطرق…

فن وموسيقى

المغربية بسمة بوسيل تتحدث عن جوانب من حياتها الشخصية…
الفنانة هند صبري ضمن قائمة أكثر النساء تأثيراً في…
منى زكي تحتفي بعرض فيلمها "رحلة 404" في هوليوود…
الكويت تسحب الجنسية من الفنان داوود حسين والمطربة نوال

أخبار النجوم

إيمان العاصي تكشف تفاصيل مشاركتها في حفل جوائز the…
يسرا تُعبر عن إعجابها الكبير بالأعمال التي يقدمها المخرج…
عادل إمام يكشف كواليس لقائه الوحيد بأم كلثوم
منة فضالي تُعرب عن سعادتها بتكريمها في مهرجان the…

رياضة

المغربي أيوب الكعبي يُتوج بجائزة أفضل لاعب في الدوري…
الركراكي يطمح للتتويج ب"كان" 2025 ويؤكد أن المغرب لديه…
المغربي أشرف حكيمي يُتوج بجائزة الأسد الذهبي لسنة 2024
ليفربول يحسم تجديد عقد محمد صلاح لمدة موسمين

صحة وتغذية

تقنيات عديدة يمكن استخدامها للدخول في النوم سريعاً
بعد إقتحام مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة القوات…
التحفيز العميق للدماغ يعيد القدرة على المشي لمريضين مصابين…
إجراء جراحي يعكس أضرار سرطان الساركوما ويعيد استقلالية المرضى

الأخبار الأكثر قراءة

انخفاض طفيف في أسعار المحروقات بمختلف محطات المملكة المغربية
وزيرة الاقتصاد تُؤكد أن أسعار المحروقات في المغرب معقولة…
مدينة الدار البيضاء تتصدر قائمة المراكز المالية الإفريقية ضمن…
الحكومة المغربية تقرّ بغلاء اللحوم الحمراء وتراهن على تسهيل…
الدولار الأميركي يواجه تحديات عقب توسع مجموعة "بريكس"