لقاء عاصف

"لقاء عاصف"..

المغرب اليوم -

لقاء عاصف

بقلم يونس الخراشي صحافي في جريدة أخبار اليوم

ما أن وصلنا إلى فندق "رويال ريو" في كوباكابانا، وكان رائعا بحق، ويقع وسط المدينة تماما، في محيط يشبه شارع محمد الخامس وسط مدينة الدار البيضاء، حتى ذهبنا إلى لقاء خاص مع نور الدين بنعبد النبي، الكاتب العام للجنة الأولمبية الوطنية المغربية، في مقهى على الشاطئ.

وبينما راح النادل ينتظر طلباتنا، وكان ذلك بعد غذاء طيب في مطعم جميل، تحلقنا حول بنعبد النبي، ونحن على أهبة للاستماع إليه، واستفساره عن أمور عديدة لها صلة بالحضور المغربي الكارثي في الدورة الأولمبية المنتهية، ومصير الملاكم حسن سعادة، المتهم بالتحرش جنسيا بعاملتي نظافة برازيليتين، وعن وفد قافلة الرياضات الشاطئية، وعن مستقبل الرياضة المغربية بشكل عام، واللجنة الأولمبية نفسها.

منظر الرجل وهو يتحدث إلينا، وبعض الزملاء يقربون منه هواتفهم المحمولة ليسجلوا تصريحاته، دعا النادل إلى الابتعاد، ليفسح لنا المجال كي نتجاذب أطراف الحديث، إلى حين، سيما والنقاش يمتد بنا إلى البعيد، يجره كل منا إلى الأمام بسؤال محرج، ويدفعه بنعبد النبي دفعا بانفعاله الظاهر، وحنقه على ما يرى أنها مهازل رياضية لم يعد ممكنا السكوت عليها.

كان ذلك هو اللقاء الثالث، تقريبا، مع المسؤول المغربي؛ أولاها في مقر إقامتنا في فندق أوبسيون في منطقة بارا، وكان عاصفا بحق، كشف فيه الرجل النقاب عن أشياء لا تسر بشأن الرياضة المغربية، وتحدث بتفاؤل حذر عن قضية الملاكم سعادة، وثانيها كان في الباحة الدولية القرية الأولمبية، وتحدثنا مرة أخرى عن هموم رياضتنا، وضعف حضورها في الدورة الأولمبية، وعن أشياء أخرى.

أما ونحن على مشارف الانتهاء من اللقاء الثالث، فقد سألت بنعبد النبي عما إذا كان يعبر عن رأيه الخاص أم يشاطره في ذلك الرأي رئيس اللجنة الأولمبية، الذي هو الجنيرال دو كور دارمي حسني بنسليمان. 
صمت لبرهة قصيرة، ثم قال لي ما مفاده أنه رأيه الخاص فقط، لأن الرئيس، الذي سيرحل في نهاية السنة الحالية، في جمع عام استثنائي، عادة ما يطلب منه أن يبدي آراء وسطية معتدلة، ودائما ما يطلب منه أن يساعد الجامعات ما أمكنه ذلك.

فهمنا من اللهجة المنفعلة التي كان يتحدث بها بنعبد النبي، حينها، بأن ما كتبناه عقب لقاءينا الأول والثاني لم يرق لبعض رؤساء الجامعات، سيما تلك التي حضرت الألعاب الأولمبية، أو على الأقل البعض منها، فنقلوا، في ما يبدو، احتجاجاتهم إلى جهات معينة، وهي الشكاوى التي وصلت بطريقة ما إلى المصدر، فأراد أن يرد عليها هو أيضا، حتى تعرف الجهات التي يعنيها الأمر بأنه لم يقل ما قاله في المرتين السابقتين لغرض ما، بل لأنه كان يقول ما ينبغي أن يقال.

طال بنا ذلك اللقاء أكثر مما كنا نتوقع، حتى أعادنا إلى أجواء العمل التي ظننا أنها قد ولت لتترك لنا فسحة لاسترجاع الأنفاس، بعد أيام منهكة، ليلها كنهارها، لا مكان فيها سوى للجري وراء الخبر، والصورة، والحروف، ثم الويفي، بين حافلة وأخرى، وملعب وآخر، وقاعة وأخرى، ومحطة الحافلات والقرية الأولمبية والفندق، وهكذا دواليك.

في وقت من الأوقات، وكانت الأجواء هي نفسها من حولنا، كئيبة إلى حد ما، بفعل السحب الرمادية التي ملأت السماء من فوق رؤوسنا، وجعلت الشاطئ بجانبنا فارغا، إلا من بعض الرواد القلائل العاشقين لكرة القدم بخاصة، قررنا أن الوقت صار مناسبا كي ننسحب من المكان، أمام عيون غير عابئة للنادل، الذي كان منشغلا بعملاء آخرين، ولم يهتم لأمرنا بالمرة.
في الطريق نحو الفندق، ودون أي اتفاق مسبق في ما بيننا، بدا أن هناك رغبة لدى الجميع في زيارة لمونتي كريستو؛ أو
جبل المسيح، وهو أشهر معلمة سياحية في ريو دي جانيرو، ويحج إليه كل سائح لغرض مشاهدة المدينة من فوق، والتقاط صور تبقى خالدة للذكرى، واقترح بعض الزملاء أن تكون الرحلة منظمة، في حين قال البعض إنها ستكون باهظة الثمن، ويمكن الذهاب إلى هناك عبر الحافلة بثمن زهيد.

ما وقع، في ما بعد، أن الوقت لم يسمح لأغلبنا بزيارة المونتي كريستو ولا أي مكان آخر، إذ اقتصرت الأغلبية من الزملاء على وسط المدينة، حيث بعض المحلات التي تبيع هدايا رمزية، ومعظمها تعود ملكيته للبنانيين، إذ ما إن كان بعضنا يبادر بالسؤال عن الأثمان حتى تنطلق العربية من الداخل، فيتغير كل شيء، وتمضي الأحاديث بشجونها إلى البعيد، حيث الدم العربي المستباح، رخيصا إلى أقصى حد.
 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لقاء عاصف لقاء عاصف



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:52 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
المغرب اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 08:45 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أول رد فعل من داود حسين بعد إعلان سحب الجنسية الكويتية
المغرب اليوم - أول رد فعل من داود حسين بعد إعلان سحب الجنسية الكويتية

GMT 08:47 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تيك توك يتخلص من أكثر من 200 مليون فيديو مخالف خلال 3 أشهر

GMT 02:26 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

احتياطيات ورأسمال بنوك الإمارات تتجاوز 136 مليار دولار

GMT 03:01 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الدفاع الجديدي يهزم حسنية أكادير

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ميناء طنجة المتوسط يحصل عل قرض من مؤسسة التمويل الدولية “IFC”

GMT 22:42 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب الطرق تواصل حصد أرواح المغاربة

GMT 21:19 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأحمر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib