محنة الملاكم سعادة

محنة الملاكم سعادة

المغرب اليوم -

محنة الملاكم سعادة

حسن البصري

يمكن أن نتفهم تضامن مومو ورفاقه مع سعد لمجرد المعتقل في سجن فلوري ميروجي بفرنسا بتهمة “الاعتداء الجنسي المصحوب بالعنف”، وأن نعرف سر عشرات السيلفيات واللايفات التي كان يقوم بها مومو ويرسلها مباشرة إلى من يهمه الأمر، لكن ما يعجز المرء عن فهمه هو اختيار القنصلية الفرنسية كفضاء للتظاهر.
ما ذنب المصالح الديبلوماسية في قضية تهم القضاء الفرنسي؟، وما الغرض من الاحتجاج بأبشع الألفاظ في وجه قنصل لا يملك سوى قلما يوقع به على التأشيرات ويحرر به التقارير اليومية إلى السفير.
ضحك المسؤول عن أمن القنصلية حين ردد المشاركون في الوقفة التضامنية عبارة “كلنا سعد لمجرد”، أو حين استعار أحد العارفين بخبايا الوقفات الاحتجاجية من قاموس التظاهرات السياسية، وردد من خلال مكبر صوت مبحوح “يا سعد يا رفيق كلنا على الطريق”، “يا سعد ارتاح ارتاح سنواصل الكفاح”، تفاعل الرفاق مع هذه العبارات وتبين أن اليساري السابق قد حجز لنفسه موضع قدم في الصف الأول لمتظاهرين تحولوا في نهاية الوقفة إلى كورال جماعي يردد على مسامع الحراس الخصوصيين أغنية “أنا ماشي ساهل”.
في مثل هذه الوقفات التضامنية التي يقف وراءها أصدقاء يدافعون عن صديقهم بدل الدفاع عن قضية، غالبا ما تكون الغاية هي “بارطاجي” بدل البحث عن سبل تضامن جادة تركز على البراءة من الفعل وليس براءة الاختراع. في تظاهرة القنصلية ظل مومو يحرض الحاضرين على التصفيق، يقول للحاضرين صفقوا يا قوم، فالتصفيق وصفة ضد الظلم، وكلما صفق المتظاهرون إلا ونشطت الدورة الدموية وازداد الحماس وسط الوقفة وتحول الخطيب إلى نجم تجاوزت نجوميته سعد المعتقل.
نتمنى أن يطلق الله سراح المعتقلين ويفرغ عنابر السجون من المظلومين، لكن ما يحز في النفس أن يظل الملاكم المغربي حسن سعادة المعتقل في سجن بريو دي جانيرو منذ بداية شهر غشت الماضي في خبر كان، وألا يتمتع بالحق في وقفة تضامنية ليس أمام سفارة البرازيل في المغرب لأنها في حالة حداد منذ حادث تحطم طائرة نادي تشابكونسي البرازيلي لكرة القدم، بل أمام اللجنة الأولمبية الوطنية والجامعة الملكية المغربية للملاكمة ووزارة الشباب والرياضة، لأن والدة سعادة قررت التخلص من اسم ليس على مسمى، بعد أن حلت التعاسة ببيتها في درب السادني بالدار البيضاء، وأصبح مطالبها تواجه بآذان كارطونية من طرف القائمين على الملاكمة المغربية.
ما الفرق بين لمجرد وسعادة؟، كلاهما في التحرش سواء، مع فرق بسيط أن الأول ذهب إلى فرنسا لملء حسابه البنكي من عائدات سهرة حاشدة، والثاني انتقل إلى البرازيل للدفاع عن راية الوطن في محفل أولمبي قبل أن تسقطه فاتنة برازيلية بالضربة القاضية في الجولة الأولى ومن النظرة الأولى طبعا.
منذ انتهاء الأولمبياد عاد الجميع إلى منازلهم غانمين، إلا سعادة فقد ظل في مواجهة قاضي المحكمة الفيدرالية يخوض كل شهر نزالا قضائيا ضد خصوم ليسوا من نفس الوزن، بينما يردد الحاكم الفعلي لدولة الملاكمة على مسامع الملاكمين لازمته الشهيرة “اللي دارها بيديه يفكها بسنيه”، أما مسؤول بوزارة الشباب والرياضة فقال أمام الملأ “الآخرون يجنون الميداليات ونحن نجني النكبات”.
تعلم الملاكم حسن سعادة بعد طول فترة إقامته في سجن ريو، اللهجة البرازيلية وقد يتحول إلى لاعب مهاري، ويدخل البلاد محترفا في أعتد الفرق المغربية، بعد أن يتخلص من قفاز لم يجلب له سوى الكدمات على وجهه وفي وجدانه.
لم يتحرك الملاكمون لنجدة زميلهم وياليتهم ارتدوا قفازاتهم وبدل العراك ووقفوا أمام مكاتب أصحاب القرار، رغم أن المباريات قد أحكمت سيطرتها على كل ملاكم فجعلته لا يلتقي بنفسه، ولا يصل الرحم إلا في حدود ما تسمح به المناسبات الدينية.
 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محنة الملاكم سعادة محنة الملاكم سعادة



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:52 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
المغرب اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 08:45 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أول رد فعل من داود حسين بعد إعلان سحب الجنسية الكويتية
المغرب اليوم - أول رد فعل من داود حسين بعد إعلان سحب الجنسية الكويتية

GMT 08:47 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تيك توك يتخلص من أكثر من 200 مليون فيديو مخالف خلال 3 أشهر

GMT 02:26 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

احتياطيات ورأسمال بنوك الإمارات تتجاوز 136 مليار دولار

GMT 03:01 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الدفاع الجديدي يهزم حسنية أكادير

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ميناء طنجة المتوسط يحصل عل قرض من مؤسسة التمويل الدولية “IFC”

GMT 22:42 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب الطرق تواصل حصد أرواح المغاربة

GMT 21:19 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأحمر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib