الإنسان ومواقع التواصل الاجتماعي

الإنسان ومواقع التواصل الاجتماعي

المغرب اليوم -

الإنسان ومواقع التواصل الاجتماعي

بقلم: الدكتور وليد سرحان مستشار الطب النفسي

شهدت البشرية تغيرًا كبيرًا في وسائل التواصل مع دخول عهد الإنترنت، وأصبح العالم في العقدين الماضيين متشابكًا، وأصبح هناك منصات كثيرة يمكن للإنسان العادي أن يتكلم أو يكتب فيها أو يعلق ويتابع ما يحدث بها، ومثل كل تطور بشري يحمل هذا التطور جوانب ايجابية وسلبية، إن إيجابيات وسائل التواصل الاجتماعي هائلة، فقد سهلت التواصل، ووسعت شبكة المعلومات، وكما أثرت على العلاقات الاجتماعية بشكل إيجابي، فإذا أردت البحث عن صديق قديم وجدته أو مكان أو معلومة بخصوص أي علاقات بين الناس فهي متاحة، ولكن في نفس الوقت ظهرت سلبيات لهذه الوسائل، فقد أصبح البعض يكتفي بالتواصل عبر هذه الطرق بدل إقامة العلاقات على أرض الواقع والتعامل مع الناس وتطوير علاقاته بهم، وأصبح للإنسان شخصية أخرى في وسائل التواصل الاجتماعي قد تختلف عن شخصيته الحقيقية. وأما التسجيل المرئي المسموع والبث الحي فقد أصبح وسيلة تعليم ومعرفة وترفيه، ولكن البعض ينجرف وراء الإثارة ونسمع عن جرائم تصور وتبث على أحد الشبكات، أو يقوم بعض الشباب والفتيات بأعمال وتصرفات مخلة بالأدب والأخلاق، وقد تنتشر بصورة كبيرة بحيث لا يمكن أن يتراجع الإنسان عنها أو يوقفها، كما ان الوصول السهل لشبكة الإنترنت أدى لاستعمالها في كل مكان عبر الهواتف الذكية، وأصبح الناس منكبين على هواتفهم بدل التعامل مع الحديث الذي يدور أو الموقف الذي هم فيه، فليس غريبًا أن ترى الناس في فرح أو ترح منهمكين باستعمال هواتفهم غير مبالين بما يجري حولهم وبالمناسبة التي جاءوا من أجلها. وفي ممارسة الطب النفسي اليومية أصبح لا يخلو حديث المراجعين من ذكر المواقع المختلفة فهذا يعتقد أن الفيسبوك ينشر أخباره، وأخر يعتقد أن هناك من يبث صورة على تويتر، وهناك من يعتقد أن أحد المشاهير يتكلم معه على اليوتيوب، هذا بالإضافة للغيرة المرضية والشكوك فعندما تكتشف الزوجة أن فلانه على الفيسبوك عند زوجها تغار وتشك وقد تصل للتوهم أن هناك علاقة خارج إطار الزواج وقد ينتهي الأمر بالطلاق. 

أما المشكلة الكبيرة فهي إدمان الناس على الإنترنت ومختلف محتوياتها، من مواقع إباحية إلى ألعاب فردية وجماعية إلى مواقع التواصل الاجتماعي، بحيث يتخطى استعمالها يوميا لثماني ساعات وقد ينتهي إلى وصل الليل بالنهار.

 وتتكرر يومياً شكوى الناس من مراهقة تتعرف على العديد من الشباب وتراسلهم وعند اكتشاف ذلك تكون كارثة عائلية قد تصل للقتل دفاعًا عن الشرف، وأصبحت مواقع التواصل الاجتماعي مثار قلق وخلافات عائلية في المجتمع العربي المحافظ، مع الخوف الدائم من حدوث انحراف أخلاقي يصعب مراقبته.

 ويحتار الآباء والتربويون في كيفية التعامل مع الأطفال فهناك بعد تربوي جديد، بحاجة لأن يتطور وهو يتمثل في ماذا نعلم الطفل عن وسائل التواصل الاجتماعي ؟ومتى وكيف؟، وكثيراً ما يفاجئ الطفل من حوله بأنه يعرف أكثر منهم عن هذه الوسائل، وبالتالي فإن التربية الإلكترونية والسلوك الإلكتروني والحدود المسموح بها والخطوط الحمراء في عالم الشبكة العنكبوتية ،كلها علامات استفهام بحاجة للبحوث المعمقة والمرتبطة بعادات وأخلاق وتقاليد كل شعب، وتدريب الناس على الأساليب المناسبة للتعامل مع علاقة الطفل والمراهق مع هذا العالم.
 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإنسان ومواقع التواصل الاجتماعي الإنسان ومواقع التواصل الاجتماعي



GMT 09:53 2017 الإثنين ,04 أيلول / سبتمبر

ملفات في الدماغ

GMT 22:08 2017 الأربعاء ,19 تموز / يوليو

التسمم الغذائي مع ارتفاع درجات الحرارة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib