بن كيران وخطة العودة من باب الدعوة

بن كيران وخطة العودة من باب الدعوة

المغرب اليوم -

بن كيران وخطة العودة من باب الدعوة

بقلم - ادريس الكنبوري

جلوس عبدالإله بن كيران على كرسي الرئاسة في الحركة غدا من شأنه أن يضاعف عزلته السياسية وأن يظهره بمظهر السياسي الذي يريد الالتفاف على فشله بارتداء زي الدعاية.

خطوة ستضاعف العزلة السياسية
لا حديث هذه الأيام في كواليس حزب العدالة والتنمية المغربي سوى عن إمكانية ترؤس عبدالإله بن كيران، أمين عام الحزب السابق، لحركة “التوحيد والإصلاح” في مؤتمرها المقبل المتوقع عقده في الصيف القادم.

ومنذ أن لوح رئيس الحركة، عبدالرحيم الشيخي، بهذه الإمكانية قبل أسبوعين، حينما قال إن من حق بن كيران رئاسة الحركة “إذا تم ترشيحه” باعتباره عضوا فيها وله كامل الحق في قيادتها، منذ ذلك التصريح والأنظار تصوب نحو هذا السيناريو الذي من شأنه أن يتيح لبن كيران العودة إلى الحياة السياسية مجددا، بعد إخراجه منها في مؤتمر الحزب في شهر ديسمبر الماضي، ولكن هذه المرة من بوابة “الدعوة”.

الأهم في الموضوع أن سيناريو مثل هذا ليس مستبعدا، أو على الأقل يبقى مفتوحا في وجه بن كيران إذا لم يحصل داخل الحركة ما يمكن أن يغير طبيعة الأمور غدا. فالشيخي لم يكن ليطلق مثل ذلك التصريح لو لم يكن في الأمر رغبة في إعداد الأجواء داخل الحركة سلفا، وتمهيد الطريق أمام حصول هذا المخطط. كما أن رئيس الحركة ما كان ليصرح بذلك لو لم يكن الموضوع قد نُوقش داخل هياكل الحركة، التي يعد بن كيران عضوا فيها. والشيخي نفسه ليس سوى أحد تلامذة بن كيران، وكان يعمل في ديوانه عندما كان الأخير رئيسا للحكومة ما بين 2011 و2016، قبل أن يتم دفعه إلى رئاسة الحركة بمباركة من بن كيران نفسه عام 2014 خلفا لمحمد الحمداوي.

من شأن تصدّر بن كيران للحركة أن يخرجه من عزلته السياسية التي يوجد فيها اليوم، منذ أن تم إعفاؤه في البلاغ الشهير للديوان الملكي في شهر مارس من العام الماضي، واعتراض طريقه من لدن الحزب في مؤتمره الأخير أمام محاولته البقاء للمرة الثالثة أمينا عاما ضدا على القوانين الداخلية، على الرغم من نجاحه في إدخال تعديل على القانون الأساسي للحزب بما يسمح له بالترشح مرة ثالثة، لكن المؤتمرين اختاروا سعدالدين العثماني بديلا له.

ولعل بن كيران يسعى إلى الاستمرار في البقاء في قلب الحياة السياسية ولا يريد الانزواء.

وتظهر تصريحاته أمام مؤتمر شبيبة الحزب، في الأول من فبراير الماضي، التي هاجم فيها حلفاء حزبه داخل الحكومة وعلى رأسهم عزيز أخنوش رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، أن الرجل يرفض قرار حزبه بقطع لسانه ويصر على مواصلة حروبه التي بدأها مع دخوله إلى الحكومة قبل سبعة أعوام.

يعتقد عبدالإله بن كيران، ومؤيدوه سواء داخل التوحيد والإصلاح أو داخل حزب العدالة والتنمية، أن عودته إلى رئاسة الحركة سوف تتيح له خلق نوع من التوازن مع الحزب الذي لم يعد يوجد في قيادته

وكانت تلك التصريحات قد أزعجت قيادة الحزب وشركاءه في الحكومة، قبل أن يتم استدراك الأمر بتوقيع ميثاق جديد للأغلبية الحكومية تتفق فيه على التفاهم والانسجام دون التفات إلى الأصوات الصادرة عن أشخاص من خارجها.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح يتعلق بدعوى فك الارتباط بين الحزب والحركة.

فعلى الرغم من أن هذا الانفصال مجرد دعوى لا سند لها واقعيا، إلا أن المسؤولين في الحزب والحركة، وبينهم بن كيران نفسه، ظلوا دائما يؤكدون عليه وينفون وجود أي ارتباط بين التنظيمين، وطالما كان بن كيران يلح على ترسيم هذا الانفصال علنيا عندما كان رئيسا للحكومة، لكن انطلاقا من نزعة براغماتية لتجنب أي مضايقة يمكن أن تأتيه من الحركة، لا عن قناعة مبدئية أو اعترافا بأمر واقع.

ربما يعتقد بن كيران، ومؤيدوه سواء داخل التوحيد والإصلاح أو داخل حزب العدالة والتنمية، أن عودته إلى رئاسة الحركة سوف تتيح له خلق نوع من التوازن مع الحزب الذي لم يعد يوجد في قيادته، ولذلك يريد إحياء الدور الفعلي الذي كانت تقوم به الحركة في السنوات الأولى لإنشاء حزب العدالة والتنمية في نهاية التسعينات، وهو دور الوصاية على الحزب.

فقد قاد بن كيران منذ الثمانينات الجماعة الإسلامية، ثم حركة الإصلاح والتجديد عام 1992، وأشرف على عملية التوحيد بين هذه الأخيرة ورابطة المستقبل الإسلامي عام 1996، وهي الوحدة التي أدت إلى إنشاء حركة التوحيد والإصلاح الحالية، ولعب الدور الأول عام 1997 في إلحاق هذه الأخيرة بحزب الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية الذي كان يقوده عبدالكريم الخطيب، قبل أن يتم اختطاف الحزب نهائيا من أعضائه القدامى وتغيير اسمه إلى حزب العدالة والتنمية بعد أن هيمن أعضاء الحركة على جميع هياكله.

ويدرك بن كيران بأن الحركة التي لعبت هذه الأدوار في الماضي يمكن أن تلعب أدوارا جديدة اليوم في حال وصوله إلى رئاستها وإعادة تنشيطها من جديد.

بيد أن الصورة ليست على هذا الشكل في جميع الأحوال، إذ يمكن لعودة بن كيران إلى رئاسة الحركة أن تفجر صراعات قوية بين هذه الأخيرة والحزب، أو بين السياسة والدعوة إن صح التعبير.

فبعد أكثر من عقدين على دخول غمار العمل السياسي، وبعد تجربتين حكوميتين، انفتحت أمام أعضاء الحزب فرص كثيرة للاغتناء والإثراء والنفوذ، ولم يعد من الممكن تصور خضوع الحزب للحركة، كما أن الخطاب الدعوي نفسه لم يعد مغريا حتى لأعضاء الحزب نفسه الذين غاصوا في لغة المكاسب، أحرى أن يغري الشباب الذي لم يعد يرى في الحركة الإسلامية نموذجا دعويا أو مثالا أخلاقيا.

علما بأن الحركة لم تعد قادرة على الاستقطاب تماما والكثيرون انفضوا من حولها بعد أن لاحظوا حالة الاندفاع وراء المصالح، ولذا فإن جلوس عبدالإله بن كيران على كرسي الرئاسة في الحركة غدا من شأنه أن يضاعف عزلته السياسية وأن يظهره بمظهر السياسي الذي يريد الالتفاف على فشله بارتداء زي الدعاية، وهو أمر سيكون مضحكا لمن سيقارنون وضعه الجديد بوضعه السابق كرئيس للحزب ورئيس للحكومة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بن كيران وخطة العودة من باب الدعوة بن كيران وخطة العودة من باب الدعوة



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:33 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
المغرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib