قراءة في فنجان 2016

قراءة في فنجان 2016

المغرب اليوم -

قراءة في فنجان 2016

توفيق بو عشرين

لست عرافا ولا منجما، وأبصم بالعشرة على مقولة ( كذب المنجمون ولو صدقوا )، لكن الصحافي بالإضافة الى أنه مؤرِّخ اللحظة، فهو ترمومتر لقياس اتجاهات الأحداث، أما الغيب فلا يعلمه إلا الله.

دخول لعبة التوقعات محفوف بالمخاطر، لكن هذا التمرين له قواعد، وأولها تجميع الأحداث وتحليل الوقائع والانتباه الى المقدمات، التي تفضي الى النتائج، مع الاحتفاظ دائما بهامش للخطأ، كما يفعل الاقتصاديون ومحللو البورصة، يقرؤون الارقام في سياق الاحداث والتطورات والمؤشرات الظاهرة، وهذا لا يسد الباب امام المفاجآت والاحداث غير المتوقعة سارة احيانا وحزينة اخرى …

هذه لائحة توقعاتي لسنة 2016 وحتى اذا تحقق منها 70٪ فلن أسجل نفسي في قائمة العّرافين …
1: أتوقع بداية نهاية داعش في السنة المقبلة، حيث سيفقد البغدادي وعصابته ملاذاتهم الامنة في العراق وسوريا، لكن ارهاب داعش سيستمر في عمليات يائسة في الشرق والغرب، أتوقع ان يعود اكثر من نصف كتيبة الدواعش المغاربة الى بلادهم، سيفضلون السجن على الموت في العراق او سوريا تحت نيران القصف الامريكي والروسي على الدولة المزعومة، ستنتقل داعش من دولة الى فكرة ومن جيش الى خلايا سترجع الى نموذج أمها الأصل القاعدة، فكر متطرف عابر للحدود يضرب ويختبئ…
2: أتوقع ان يفوز حزب العدالة والتنمية بالمرتبة الاولى في الانتخابات التشريعية القادمة، فإذا كان هذا حزب المصباح قد ضاعف أصواته في الانتخابات الجماعية الاخيرة ثلاث مرات ( 2009 حصل على 500 الف صوت في 2015  حصل على 1.6 مليون صوت )، فانه مرشح ليرفع من رصيده الانتخابي في 2016 نظرا لعوامل كثيرة أهمها :ضعف خصومه، وقوة تنظيمه، وكارزمية زعيمه، وحصيلته المتوسطة في الحكومة، علاوة على ان الطبقة الوسطى في المدن مازالت ترى في بنكيران املا في الاصلاح، رغم القرارات الصعبة التي اتخذها، كما أتوقع ان يحصل بنكيران على فرصة ثانية لقيادة الحكومة ما بعد 2016، رغم العواصف التي احاطت وتحيط به، فلا يوجد منافس قوي له من داخل الحزب، لكن الأمور لن تكون بسهولة 2011، حيث كان الربيع العربي ينفخ ريحه في شراع زعيم المصباح.
3:  الحكومة المقبلة ستكون حكومة ائتلافية، وسيدخل اليها حزب الاستقلال، وقد يجر معه الاتحاد الاشتراكي، الذي سيتضرر كثيرا في صناديق 2016 ، بفعل المنافسة القوية، التي تشهدها المدن مع البيجدي والقرى مع الاصالة والمعاصرة، فالوردة فقدت توقعها السياسي والانتخابي، لهذا سيقتنع لشكر ان خيار نبيل بنعبد الله كان الأصوب، وسيحاول ترميم ما تكسر من الحزب بدخول الحكومة المقبلة لا معارضتها، شباط سيبقى لولاية واحدة على راس الاستقلال، وسيغادر أمانة الحزب سنة 2016 بعد ان يطمئن على عودة حزب سيدي علال الى مكانه الطبيعي في الحكومة ، والأقرب لخلافة شباط هو نزار بركة، الذي لم يتورط في صراع الإخوة الأعداء ولا يلاحقه إرث ثقيل او ملفات سوداء، مثل غلاب واحجيرة وياسمينة بادو.
4: سنشهد سنة صعبة جدا على الاقتصاد الوطني، حيث سينزل معدل النمو من 5% سنة 2015 الى 2٪ سنة 2016، ‏ بفعل الجفاف، وبفعل تراجع عائدات السياحة، التي تضررت وستتضرر بالارهاب العابر للحدود، لكن أسعار النفط ستبقى دون الأربعين، وعدد من المستثمرين الأجانب ستجذبهم مشاريع التصنيع التي تقدم تحفيزات وهدايا مغرية، كما ان مشاريع الطاقة المتجددة والاقتصاد الأخضر سيدفعهم لتجاوز مخاوفهم السياسة والأمنية ، في المقابل ستنهار عدة شركات كبيرة في المغرب مثل (لاسمير واليانس) وغيرهما، وسيبقى العقار في الخط الأحمر، وستتبع الابناك سياسة احترازية اكبر اتجاه القروض والتسهيلات المالية للمقاولات الصغيرة والكبيرة، وهذا ما سيفاقم مشكلات الاقتصاد المغربي خاصة وان دول الخليج لم تف حتى بربع وعودها لمساعدة المغرب في 2015 وسيقل وفاءها في سنة 2016.
5: نزاع الصحراء لن يعرف تطورات دراماتيكية، لكن متاعب الديبلوماسية المغربية ستزيد بزيادة صعود الاحزاب اليسارية الى الحكم في اكثر من بلد أوروبي، وبذلك ستصير ساحة معركة المغرب حول صحرائه هي الامم المتحدة وأوروبا وليس افريقيا، فالمثلث العدواني الذي كانت الجزائر واحدة من أطرافه مع جنوب افريقيا ونيجيريا سيضعف .
مرض الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة سينتقل الى البلاد المرشحة لاضطرابات قوية السنة المقبلة بفعل نزول أسعار النفط وزيادة مصاريف الدولة، التي تدعم جل احتياجات الشعب، علاوة على تفاقم الصراع حول السلطة بين بوتفليقة وشقيقه وبقايا الجنرالات الذين قَص الرئيس المريض أجنحتهم …
6: سيظل المغرب مستقرا سنة 2016 لكن حرارة الاحتجاجات في الشارع ستزيد بفعل عوامل عديدة، وأهمها غياب حلول ناجعة للبطالة، غياب محاورين ووسطاء اقوياء في صفوف النقابات والشركاء الاجتماعيين، وبسبب اتساع وتطور ثقافة الاحتجاج لدى الشباب الذي اظهر السنة الماضية في ثلاث مناسبات قدرته على التأثير في القرار الحكومي وعلى اجبار الدولة على أخذ مطالبه بعين الاعتبار ( احتجاجات طنجة ضد امانديس، احتجاج الطلبة الأطباء على مرسوم الخدمة الإجبارية، واحتجاجات الأساتذة المتدربين على مرسومي بلمختار)، في المحطات الثلاث كانت منصة التعبئة والتحرك هي الفايس بوك، وكانت الاحتجاجات خارج الأُطر النقابية التقليدية، هذا الامر سيتواصل ويتسع السنة المقبلة …
7:حقوق الانسان والحريات العامة والصحافة والإعلام في المغرب ستعيش اوضاع صعبة سنة 2016، وستتأثر بفعل التراجعات السياسية، التي بدأت قبل ثلاث سنوات، سيبقى عقل الدولة مشغول سنة 2016 بهاجس الاٍرهاب، والسلطة تنظر الى صورتها التي تتحسن في مرآة المخابرات العالمية اكثر مما تنظر لصورتها في مرآة امنستي وهيومان رايت ووتش و صحافيون بلاحدود، والتي تزيد سوء سنة بعد اخرى ،والحزب الكبير اي العدالة والتنمية لا يرى ان الدفاع عن حرية المجتمع وحقوقه من الأوليات الان ،هو يرى ان تطبيع علاقته بالقصر وتثبيت أقدامه في التسيير وتحسين صورته في الغرب هي الأولوية في الظرف الحالي، وهو يراهن على تفهم الراي العام لاكراهاته، وهو يردد ضمنا ( اذا وجدتم أحسن من هذا الله يبارك )، بالمقابل يعوض عن خسارته في هذا الملف بالتصعيد الكلامي مع التحكم الذي لا يراه مجسدا سوى في البام …
أتوقف هنا حتى لا أزيد من احتمالات الخطا في هذه التوقعات، استقبلوا السنة الجديدة بأمل حتى وان كُنتُم من دعاة التشاؤم فكوا الاشتباك مع الماضي وسيروا الى مستقبل أفضل، فالأسوء هو ما عشناه في سنة حمراء لم ينقطع الدم فيها لا تضيفوا سنة الى عمركم بل أضيفوا أمل الى حياتكم …

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قراءة في فنجان 2016 قراءة في فنجان 2016



GMT 19:34 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 19:31 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 19:28 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 19:22 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 19:19 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 19:16 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 19:14 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

GMT 18:02 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 00:54 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب
المغرب اليوم - روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب

GMT 22:21 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
المغرب اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 04:55 2018 الثلاثاء ,07 آب / أغسطس

" Chablé" يمثل أجمل المنتجعات لجذب السياح

GMT 07:57 2018 الثلاثاء ,06 آذار/ مارس

أسوأ من انتخابات سابقة لأوانها!

GMT 20:53 2015 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

شجار بالأسلحة البيضاء ينتهي بجريمة قتل بشعة في مدينة فاس

GMT 22:28 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

ولي عهد بريطانيا يقدم خطة لإنقاذ كوكب الأرض

GMT 05:06 2018 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

"Hublot" الخزفية تتصدر عالم الساعات بلونها المثير

GMT 09:11 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

فتاة منتقبة بطلة فيلم "ما تعلاش عن الحاجب"

GMT 07:11 2018 السبت ,25 آب / أغسطس

فولكس" بولو جي تي آي" تتفوق على "Mk1 Golf GTI"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib