ماذا ربحنا وماذا خسرنا في معركة بان كي مون

ماذا ربحنا وماذا خسرنا في معركة بان كي مون؟

المغرب اليوم -

ماذا ربحنا وماذا خسرنا في معركة بان كي مون

بقلم توفيق بو عشرين

لم نخرج منهزمين ولم نخرج منتصرين من المعركة الدبلوماسية التي دخلناها مع الأمين العام للأمم المتحدة أولا، ومع الإدارة الأمريكية ثانيا، لكن، وكما هو الشأن بالنسبة إلى أي حرب، خرجنا بجراح ومرارة، وحقائق فتحت أعيننا على الخريطة الجديدة للأصدقاء والأعداء، ومن هم في عداد المتحولين من خانة إلى أخرى.. خرجنا من الحرب وقد جرت مياه كثيرة تحت جسرنا.
صادق مجلس الأمن يوم أمس على صيغة مخففة لقرار جديد يطلب من المغرب إعادة الكتيبة المكلفة بالاستفتاء إلى الصحراء في غضون أشهر، ومواصلة المفاوضات لإيجاد حل للنزاع في الصحراء بين المغرب وجبهة البوليساريو، علاوة على التمديد للبعثة الأممية سنة أخرى… قبل هذه الصيغة كان هناك مشروع أمريكي يلزم المغرب بلغة فظة بإرجاع المطرودين من بعثة المينورسو فورا إلى الصحراء، ثم تحولت «فورا» إلى شهرين، ثم تحول الشهران إلى ثلاثة أشهر مع تغيير «يجب إرجاع المطرودين» إلى صيغة: «العمل على الاحتفاظ بكامل أعضاء بعثة المينورسو»، أي أن المغرب وحلفاءه استطاعوا أن يربحوا وقتا، وأن يجدوا مخرجا يحفظ ماء الوجه قبل عودة الشق المدني في بعثة المينورسو إلى الصحراء، وليس بالضرورة عودة العناصر نفسها التي طردت من العيون.
ماذا ربحنا من هذه المعركة؟ ربحنا إبقاء الوضع على ما هو عليه إلى حين خروج بان كي مون من الأمانة العامة للأمم المتحدة في آخر هذه السنة، وقبله إدارة أوباما الذي تعطل التفاهم التقليدي معه، وربحنا عدم العودة إلى إجراءات ومضايقات أخرى كان من الممكن أن يضعها الأمين العام للأمم المتحدة في تقريره السنوي، كما فعل في السابق (توسيع صلاحيات المينورسو أو اقتراح كومنولث أو ما شابه)، وأصبح الموضوع في مجلس الأمن هو: هل يرجع المطرودون من البعثة الأممية في الصحراء أو لا يرجعون؟ ومتى يرجعون؟ ربحنا في هذه المعركة الدبلوماسية وقوف دول الخليج معنا، وتبنيهم المقاربة المغربية لحل نزاع الصحراء، باعتباره نزاعا تغذيه بعض الدول الغربية لزرع الفرقة، وضرب الاستقرار في المغرب كما في المشرق، وربحنا يقظة دبلوماسية وشعبية أظهرت حرص المغاربة على ربح رهان الصحراء، وإعادة تعريف القضية على أنها قضية المغاربة كلهم وليست قضية القصر الملكي لوحده.
أما لائحة خسائرنا من هذه المعركة فهي أننا لم نوفق في إقبار مشروع الاستفتاء، وترك حل واحد على طاولة المفاوضات هو مشروع الحكم الذاتي، وهذا هو المغزى السياسي الكامن خلف طرد المكلفين بالاستفتاء من بعثة المينورسو، وترك العسكريين الذين يحرسون وقف إطلاق النار. هذا موقف خسرناه، والمكلفون بالاستفتاء سيرجعون هم أو آخرون مثلهم إلى مهامهم في الأقاليم الجنوبية. خسرنا أيضا الموقف الأمريكي الذي كان يقف على الحياد أو قريبا من موقفنا، لكنه الآن انعطف إلى الاتجاه الآخر، وهذا كان واضحا في تصريحات بان كي مون أثناء زيارته للصحراء، حيث وصف الوجود المغربي في رمال الصحراء بالاحتلال، ففهم الجميع أن الكوري الجنوبي لا ينطق سوى بلسان أمريكي، واللسان الأمريكي يريد إبقاء الجرح الصحراوي مفتوحا في الجسم المغربي، كما أن واشنطن تريد إزعاج النظام المغربي والضغط عليه بملف الصحراء حتى لا يشعر بأن المعركة انتهت أو حسمت.
هذه، باختصار، هي قائمة الأرباح والخسائر، لكن المعركة مازالت طويلة، وقضية الصحراء لن تحسم هذه السنة ولا في السنوات القليلة المقبلة، لكن المغرب يحتاج إلى تقوية الجبهة الداخلية، وتعزيز الاستقرار الداخلي بالحفاظ على الخيار الديمقراطي الذي سيعطينا احتراما كبيرا في مجتمع الدول، فموضوع الصحراء سيحسم داخليا، إن عاجلا أم آجلا.
أوباما سيغادر مكتبه نهاية هذا العام، وبعده سيغادر بان كي مون ومعه روس وفيلتمان الذي سبب أوجاع الرأس للمغرب، لكن ملف الصحراء سيبقى في الأمم المتحدة عرضة للرياح الآتية من الشرق والغرب، ومهمة الربان المغربي أن يضبط أشرعته على اتجاه الريح، وأن يحسن التعامل مع الأمواج في عالم مضطرب، وهذه مهمة كل الأطراف من القصر، إلى الحكومة، إلى البرلمان، إلى الأحزاب، إلى السفراء، إلى الإعلام، إلى المجتمع المدني، فكلما تحرك المغرب على سكة الديمقراطية، والتنمية، واحترام حقوق الإنسان، وتنويع الشركاء، وبيع صورة جيدة عن البلاد في الخارج، ربحنا نقاطا في ملف الصحراء، والعكس صحيح.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا ربحنا وماذا خسرنا في معركة بان كي مون ماذا ربحنا وماذا خسرنا في معركة بان كي مون



GMT 06:02 2018 الأحد ,25 شباط / فبراير

حان وقت الطلاق

GMT 07:26 2018 الجمعة ,23 شباط / فبراير

سلطة المال ومال السلطة

GMT 06:39 2018 الخميس ,22 شباط / فبراير

لا يصلح العطار ما أفسده الزمن

GMT 05:46 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

الطنز الدبلوماسي

GMT 05:24 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

القرصان ينتقد الربان..

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 00:54 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب
المغرب اليوم - روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب

GMT 22:21 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
المغرب اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 04:55 2018 الثلاثاء ,07 آب / أغسطس

" Chablé" يمثل أجمل المنتجعات لجذب السياح

GMT 07:57 2018 الثلاثاء ,06 آذار/ مارس

أسوأ من انتخابات سابقة لأوانها!

GMT 20:53 2015 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

شجار بالأسلحة البيضاء ينتهي بجريمة قتل بشعة في مدينة فاس

GMT 22:28 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

ولي عهد بريطانيا يقدم خطة لإنقاذ كوكب الأرض

GMT 05:06 2018 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

"Hublot" الخزفية تتصدر عالم الساعات بلونها المثير

GMT 09:11 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

فتاة منتقبة بطلة فيلم "ما تعلاش عن الحاجب"

GMT 07:11 2018 السبت ,25 آب / أغسطس

فولكس" بولو جي تي آي" تتفوق على "Mk1 Golf GTI"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib