أوهام الدخول السياسي الجديد

أوهام الدخول السياسي الجديد

المغرب اليوم -

أوهام الدخول السياسي الجديد

بقلم - توفيق بو عشرين

بدأ الحديث عن الدخول السياسي الجديد في المغرب بعد عطلة قصيرة لم يذق فيها أحد طعم الراحة، فالأزمة في الريف مستمرة، و360 شابا مازالوا رهن الاعتقال وهم مهددون بأحكام ثقيلة، ومفعول خطاب العرش مازال يتفاعل في جسد البلاد المرهق، وحكومة العثماني مازالت لم تكتسب شرعية تعطيها قوة لمجابهة المشاكل الكبيرة والمعقدة، وعلى رأسها أزمة البطالة التي ترفع حرارة القاع الاجتماعي، وتفرخ المزيد من الحركات الاحتجاجية، ثم إننا لسنا في فرنسا أو بريطانيا أو إسبانيا، حيث المواسم السياسية لها بداية ونهاية..

إننا في زمن سياسي مغربي دائري لا بداية له ولا نهاية، تتداخل فصوله، وتبقى المبادرة فيه للقصر، وليس للأحزاب السياسية، ولا للحكومات المتعاقبة، ولا للبرلمانات المنتخبة. ومعلوم أن الجالس على العرش غير محكوم بإكراهات الزمن، ولا بأجندة الاقتراع، ولا بضرورة إعطاء الحساب لأحد، ألم يقل محمد الطوزي: «إن الملك مسؤول أمام الله والتاريخ فقط، وليس مسؤولا أمام الشعب»؟

ذن، لندخل الكثير من النسبية إلى حديث «الدخول السياسي المغربي»، ولنتعامل مع الواقع كما هو، لا كما نريد له أن يكون.

لا أتوقع أن تخرج أشياء مهمة من جعبة حكومة العثماني في السنة الجديدة، ومبرراتي كالتالي:

أولا: حكومة العثماني تنقصها المشروعية، أي قبول الناس بها، واقتناعهم بأنها تمثلهم، وقادرة على حل مشاكلهم. صحيح أنها حكومة «شرعية» تأسست على أغلبية برلمانية، وعلى ظهير ملكي، وعلى فصول الدستور، وتملك إصدار القرارات والمراسيم، ودفع مشاريع القوانين إلى برلمان لها فيه أغلبية، لكن هذا وحده غير كاف. هناك شيء آخر ضروري لنجاح الحكومات، وهو روح السياسة المستمدة من قدرتها على إقناع الناس بأنها منهم وإليهم، والحال أن أغلبية العثماني جرى تركيبها خارج نتائج صناديق الاقتراع، وبعيدا عن إرادة الحزب الذي جاء في المرتبة الأولى في الانتخابات. العثماني والداودي ويتيم والرميد… يعرفون هذا جيدا، لكنهم لا يريدون أن يعترفوا به، ويحاولون، في المقابل، أن يغطوا على نقص المشروعية السياسية بمشروعية الإنجاز والحركة والمبادرة والاقتراح، علها تعوض عن ظروف الولادة غير الطبيعية، لكن، إلى الآن، لم نر شيئا ملموسا على الأرض. 

ثانيا: دعم الملك للحكومة غير كاف لتكتسب قوة ومشروعية، لأن الشارع أصبح أكثر فاعلية وتأثيرا في القرار من ذي قبل، فما بالك وقد عمد خطاب العرش الأخير إلى سحب ثقته من الحكومة، وصب الملك جام غضبه على أحزابها ونخبها، حتى اعتقد الناس أن الملك سيحل البرلمان، وسيدفع ببعض الوزراء إلى المحاكمة، وحتى عندما لم يصل القصر إلى هذا المستوى، فقد وصل إلى نتيجة يشعر بها الجميع، بمن فيهم الوزراء، وهي أن الحكومة ازدادت ضعفا على ضعفها الأصلي، وأن طاجين السياسة احترق، ولم يعد أحد ينتظر منه شيئا.

ثالثا: الحكومة، أي حكومة، تحتاج إلى معارضة، والمعارضة اليوم غائبة في المغرب. حزب الاستقلال يعيش على وقع قرار هدم الحزب على من فيه، انتقاما من حميد شباط الذي لم يلعب الدور الذي رسم له، وحزب الأصالة والمعاصرة تائه لا يعرف أين يضع رجله، بعد إقالة إلياس العماري الذي كان هو القناة الرئيسة مع الدولة التي أسست هذا الحزب، واكتشفت متأخرة أنه لا ينفع في شيء، لذلك، فإن الذي سيعارض العثماني ليس شباط ولا العماري ولا نبيلة منيب.. الذي سيعارض العثماني من داخل الحكومة هو عزيز أخنوش، والذي سيعارضه من داخل الأغلبية هو عبد الإله بنكيران، والذي سيعارضه من الخارج هو الجيل الجديد من الاحتجاجات في الشارع. وفي كل الأحوال، ستعيش الحكومة على قصف مستمر من كل الجبهات، وهذا سيحد من فعاليتها ومن قدرتها على إنتاج سياسات عمومية تواجه بها الخصاص الموجود في كل المجالات.

الحكومة لم تخرج من جلباب الموسم السياسي الماضي حتى تدخل إلى موسم سياسي جديد.. ببساطة، الحكومة اليوم جزء من المشكلة وليست جزءا من الحل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوهام الدخول السياسي الجديد أوهام الدخول السياسي الجديد



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:33 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
المغرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 12:48 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الميزان السبت 26-9-2020

GMT 11:52 2020 السبت ,07 آذار/ مارس

تشكيل الوداد لمواجهة النجم الساحلي

GMT 04:35 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

إليكم أفضل الأماكن في لبنان لهواة رياضة ركوب الشواطيء

GMT 12:34 2019 الخميس ,13 حزيران / يونيو

موزيلا ستطرح نسخة مدفوعة من فايرفوكس

GMT 01:29 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

10 صنادل مميّزة تكمل أناقة الرجل العصري في 2019

GMT 19:33 2019 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

بايرن ميونخ يفقد أحد أسلحته أمام بريمن
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib