أسوأ ثلاثة أحداث في 2017

أسوأ ثلاثة أحداث في 2017

المغرب اليوم -

أسوأ ثلاثة أحداث في 2017

بقلم - توفيق بو عشرين

سنواصل الحديث عن الجزء الفارغ من الكأس المغربية، ونترك للناطق الرسمي باسم الحكومة وأجهزة الدعاية الحديث عن الجزء المملوء من الكأس. هذا هو تقسيم الأدوار في المجتمعات الحديثة… 2017 لم تكن سنة مليئة بالأفراح والمسرات، والذي لم ينتبه إلى الأخطاء التي وقعت خلال 365 يوما الماضية، لن يرى المستقبل إطلاقا.

باستعادة شريط الأحداث المهمة التي تركت وستترك بصماتها على عقل الدولة ودينامية المجتمع، نجد ثلاثة، على الأقل، عناوينها الرئيسة هي: تدبير أزمة الريف أمنيا وليس سياسيا، والبلوكاج الذي انقلب على نتائج أهم اقتراع وقع في المغرب، ثم الطريقة التي تم التخلص بها من زعيم بحجم بنكيران… إليكم التفاصيل التي تشرح الآثار التي ستتركها هذه الأحداث على رحلة المغرب المحفوفة بالكثير من المخاطر في عالم يتغير بسرعة، ومنطقة تغلي بالمتغيرات والمؤامرات.

حراك الريف لم يكن «حدثا» عابرا في يوميات السياسة المغربية، لأسباب عدة: أولا، لأنه انفجر وبقوة في مكان حساس سياسيا وتاريخيا. ثانيا، لأنه كان سلميا ودام سنة كاملة في شارع يغلي، لم يصل صوته إلى العاصمة الرباط. ثالثا، لأن الدولة لم تجد طريقة للتفاهم وللحوار مع شبابه غير فصول القانون الجنائي، والاعتقالات التي طالت المئات، وإلى الآن مازالت المحاكمات جارية وتمطط، لأن أحدا لا يعرف كيف يخرج من هذه الأزمة… صدى حراك الريف يسمع اليوم في جرادة، وقبلها في زاكورة، وبعدها هنا وهناك، وهذا ما يقلق الاستقرار في البلد، ويرفع مخاطر انتقال بؤر التوتر الاجتماعي إلى مدن كبرى، في غياب وسطاء يسهلون الحوار، وبديل يقنع المحتجين بالرجوع إلى بيوتهم. إن إخماد حراك الريف على طريقة الحل الأمني، يشبه إغلاق فم طفل يصرخ من الجوع، لم يعد أحد يسمع صوته، لكن معاناته مستمرة حتى لو لم تصل إلى الجيران.

البلوكاج الذي منع تشكيل حكومة ائتلافية بناء على نتائج الاقتراع، لم يكن حركة سياسية في فن المناورة، ولا تكتيكا عابرا لإجهاد بنكيران وحزبه. البلوكاج السياسي كان أعمق من كل هذا، حيث شكل «انقلابا ناعما» على نتائج الاقتراع، وضربة قاتلة للتصويت السياسي الذي انتعش سنة 2011، وازداد اتساعا في 2015 و2016. ونتيجة هذا الانقلاب السياسي كانت حكومة هجينة لم تقنع أحدا، وكان من تداعياته المدمرة أن «باع» حزب العدالة والتنمية ناخبيه إلى أخنوش ولشكر وامحند العنصر ومن يقف خلف هؤلاء، لذلك، لن يخرج البيجيدي في نسخته العثمانية سالما من عناق الدب هذا، حتى وإن لم يشعر بذلك تيار الاستوزار المخدر الآن، ومن يعش سيقص الحكاية.. حكاية انتصار سياسي تحول إلى هزيمة، لأن نخب المصباح لم تقدر على حمل آمال الناس والدفاع عن صناديق الاقتراع، والبداية من بنكيران الذي لم يأخذ وقته حتى يستفيق من ضربة عزله ليلة الأربعاء 16 مارس، فتصرف تحت تأثير الصدمة، ورفع شعار: «التعامل بإيجابية مع قرار عزله»، فعوض أن يذهب إلى المجلس الوطني، أو يذهب إلى المعارضة، ويحمي أصوات الناخبين، ويحمي وحدة حزبه، فضل الوقوف في مفترق الطرق، وفتح الحزب على «فتنة» أصابت الجميع، مؤمنين بالخيار الديمقراطي وكافرين به، وأصبح هدف المرحلة كله البحث عن أماكن صغيرة تحت شجرة المخزن يستظلون تحتها رافعين شعار الحاجة الحمداوية غير الواقعي: «إيلا خيابت دابا تزيان»… الباقي كان تفاصيل زلزال ضرب بقوة أكبر حزب سياسي، وفتح المجال لميلاد حكومة هجينة دون بوصلة إصلاحية، فيما يريد الدكتور أن يلعب دورا جديا في فيلم كوميدي… ها هو يدفع وحده ثمن إضعاف الحزب، فقد ساعدوه على تشكيل حكومة في أسبوعين، ولم يساعدوه على ترميمها في شهرين!

الحدث الأسوأ الثالث هو طريقة التخلص من عبد الإله بنكيران من على رأس الحكومة أولا، ومن على رأس حزب العدالة والتنمية ثانيا. في المرة الأولى استعملت في إزاحة بنكيران ثمار البلوكاج السياسي الذي كشف تبعية عمياء للأحزاب السياسية للسلطة، ورفضا نفسيا وسياسيا لنتائج الاقتراع، وفي المرة الثانية استعمل «إخوان» بنكيران سلاحا غير نظيف في معركة الولاية الثالثة، هو تخويف المناضلين من مخاطر الاصطدام بالقصر، إن عاد بنكيران إلى مكتبه في حي الليمون، وبهذا جعلوا الملكية طرفا في صراع داخلي في حزب سياسي تفترض فيه الاستقلالية عن الدولة.

الدولة لا تعادي بنكيران لأنه ملكي أكثر من الملك، ولأنه خدم النظام أكثر مما فعل غيره في العشر سنوات الأخيرة، لكن الدولة تتضايق من بنكيران بسبب اتساع شعبيته، لأن هناك من أقنعها بأن البلاد لا تحتاج سوى إلى مصباح واحد يضيء البلاد كلها، وأن المغرب بحاجة في الحقل السياسي إلى أجراء لا إلى شركاء، إلى منفذي تعليمات لا إلى أصحاب رأي وفكر وقدرة على قول لا.

هذه، في نظري، أسوأ ثلاثة أحداث ستستمر معنا هذه السنة وفي السنوات المقبلة، لأن تفاعلاتها أبعد من أن يسدل عليها الستار، والأيام بيننا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أسوأ ثلاثة أحداث في 2017 أسوأ ثلاثة أحداث في 2017



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:16 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
المغرب اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 17:56 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
المغرب اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 17:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 16:52 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مباحثات مغربية أميركية لتعزيز التعاون العسكري المشترك
المغرب اليوم - مباحثات مغربية أميركية لتعزيز التعاون العسكري المشترك

GMT 15:34 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام
المغرب اليوم - سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام

GMT 08:18 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج القوس الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 17:18 2022 الأربعاء ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

« بكتيريا متطرفة » لإزالة التلوث النفطيِ

GMT 23:41 2018 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

هامبورغ أكثر الأماكن المذهلة لقضاء شهر العسل

GMT 14:14 2017 الإثنين ,05 حزيران / يونيو

اتحاد طنجة يخطط لضم نعمان أعراب من شباب خنيفرة

GMT 16:18 2024 الخميس ,04 كانون الثاني / يناير

الإتحاد الأوروبي يطلّق تحقيقاً مع تيك توك ويوتيوب

GMT 22:58 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

الأحرش بطلا للمغرب في القفز على الحواجز

GMT 02:12 2021 الجمعة ,17 أيلول / سبتمبر

أجمل المعالم السياحية في جزيرة كريت اليونانية

GMT 16:08 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

بني ملال تبحث تدبير ما بعد فترة "الحجر الصحي"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib