إطلالة على فنجان 2018

إطلالة على فنجان 2018

المغرب اليوم -

إطلالة على فنجان 2018

بقلم - توفيق بو عشرين

كما ودعنا سنة 2016 على إيقاع الاحتجاجات في الريف، نودع سنة 2017 على أصوات الغضب في جرادة، وبين الحدثين هناك مياه كثيرة تجري تحت الجسر المغربي، سمتها الرئيسة أن الناس تعبوا من الفقر والتهميش والحكرة، وتقسيم البلاد إلى أقلية محظوظة، وأغلبية لا تملك شيئا، وأن الملاذ هو الشارع، وأن مكبر الصوت هو التظاهر.

ماذا ينتظرنا في 2018؟ الغيب علمه عند الله، والتوقع تمرين محفوف بالمخاطر، لكنه مبني على تجميع الأحداث، وتحليل الوقائع، والانتباه إلى المقدمات التي تفضي إلى نتائج، والتقاط الاتجاه العام لتطور الأحداث، مع الاحتفاظ دائما بهامش للخطأ.

إذا صمدت حكومة العثماني إلى نهاية 2018، فإنها ستزداد ضعفا على ضعف، وذلك راجع إلى ضيق هامش الحركة أمام الطبيب النفسي، وراجع إلى تنافر استراتيجيات مكونات الأغلبية، فالأحرار مستعجل لطي صفحة المصباح في رئاسة الحكومة، وراجع أيضا إلى ضعف حزب العدالة والتنمية في المشهد السياسي، بسبب خلافاته الداخلية العميقة، والثقة التي اهتزت وسطه، لذلك، سيصبح سيناريو «دحرجته» من الحكومة أمرا واردا جدا، ذهابا إلى انتخابات سابقة لأوانها، ستغيب عنها نسبة مشاركة معقولة، وستختفي إبانها شعبية حزب المصباح، ومدفعية بنكيران.

أتوقع في 2018 أن يتم الاستغناء عن خدمات إلياس العماري في حزب التراكتور بطريقة خشنة، بعدما رفض الانسحاب بهدوء من حزب له أصحابه، لأن المخطط كله تغير، إذ تخلصت الدولة من بنكيران ومن شباط ومن نبيل بنعبد الله، ولم يعد البام رأس حربة في المعركة ضد البيجيدي. كما أتوقع أن يخرج بنشماس من رئاسة مجلس المستشارين في نهاية 2018، وأن يجري تحويل جزء من ممتلكات البام السياسية إلى حزب الأحرار الذي يقوده أخنوش.

في 2018 أتوقع أن تتسع رقعة الاحتجاجات، وأن تنتقل من المدن الصغرى والهامشية إلى المدن الكبرى في المركز، وذلك تحت ضغط سنة جافة سيفقد فيها الاقتصاد الوطني عشرات الآلاف من الوظائف، علاوة على أن هناك طلبا متزايدا على تظاهرات الشارع، في غياب أمل في الحكومة والمؤسسات المنتخبة، وفي غياب الثقة في قدرة الدولة على سد الخصاص الذي يتسع كل يوم، بسبب إفلاس النموذج التنموي الذي اتبعه المغرب منذ عقود.

أتوقع في 2018 أن يخرج معتقلو حراك الريف من زنازينهم، إما بفعل سياسة التهدئة ومحاولات نزع الفتيل من حراك أصبح يلهم آخرين، ويحرج الدولة في الداخل والخارج، أو بفعل الزوابع التي ستضرب القاع الاجتماعي المعبأ بكل المواد المتفجرة: البطالة، الفقر، التهميش، غياب المرافق الحيوية، وتغييب المحاورين الاجتماعيين أو السياسيين.
أتوقع في 2018 أن تنزل نسبة النمو إلى ما دون 3% بفعل جفاف هذه السنة، وغياب مناخ اقتصادي قادر على استقطاب رؤوس أموال أجنبية مهمة، أو تحريك الرأسمال الداخلي المشغول بالاستثمار في اقتصاد الخدمات متوسط المدى وضعيف المردودية في ما يخص وظائف الشغل، فيما تستمر الأبناك في جني أرباح كبيرة وغير مبررة بفعل ضعف رقابة الدركي (بنك المغرب) وغياب مجلس المنافسة.

أتوقع في 2018 أن يستمر الخطاب النقدي للملك تجاه الأحزاب السياسية والإدارة، وأن تعقب «الزلزال» الحالي زلازل صغيرة، لكن مردوديتها السياسية والسيكولوجية ستبقى محدودة، مادامت الحياة السياسية معطوبة، ولا تنتج ممارسات ديمقراطية، ولا تخلق نخبا جديدة، ومادامت الحكامة مفقودة في الإدارة التي تكلس حسها، وانحرفت عقيدتها عن خدمة الصالح العام.

أتوقع في 2018 أن يظل «الستاتيكو» هو المهيمن على ملف الصحراء في الأمم المتحدة، مع مناوشات هنا وهناك في الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي، والشيء نفسه في العلاقة بالجارة الجزائر، إلا إذا غاب بوتفليقة بفعل الموت، وعوضه واحد من صقور السلطة في الجزائر، حيث سيجنح إلى الحروب الكلامية ضد المغرب لتعبئة الرأي العام الجزائري حوله في الداخل.

أتوقع أن تسوء أوضاع حقوق الإنسان وحرية التعبير والنشر في المغرب، وأن يزداد الطوق ضيقا حول عنق ما بقي من صحافة حرة في البلاد، وذلك بفعل التراجع العام في المشهد السياسي، وخوف السلطة من الشارع الذي لم يعد أحد يراقبه، أو يدعي التحكم فيه، في حين سيزداد نفوذ وتأثير منصات التواصل الاجتماعي وصحافة المواطن، وحضور المواقع الإلكترونية بأخضرها ويابسها، وفي المقابل ستضعف أكثر سلطة تلفزيونات الدولة ووسائل الإعلام التي تدور في فلكها، بفعل اتساع الوعي الإعلامي وسط الشباب في الفضاء المفتوح.

أتوقع أن تحدث أشياء إيجابية ومنجزات صغيرة وكبيرة، لكن إحصاءها ليس من وظيفة الصحافي الذي يتلخص دوره في نقل الأخبار السيئة، والحديث عن القطارات التي لا تصل في الموعد.. إنها حرفة أشبه بشركات دفن الموتى، لا يلومها أحد على نشاطها المرتبط دائما بالخبر السيئ، وكل عام وأنتم بعيدون عن هذه التوقعات.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إطلالة على فنجان 2018 إطلالة على فنجان 2018



GMT 14:36 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

انتقام... وثأر!

GMT 14:29 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 14:20 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

GMT 13:58 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

بايدن والسعودية

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:33 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
المغرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 16:17 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"القوس" في كانون الأول 2019

GMT 21:52 2019 السبت ,03 آب / أغسطس

"الفيل الأزرق 2" يعيد قوة موسم الصيف

GMT 16:19 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

انتبه لمصالحك المهنية جيداً

GMT 14:20 2019 السبت ,29 حزيران / يونيو

طارق مصطفى يساند المنتخب أمام ساحل العاج

GMT 00:51 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

إسعاد يونس تعدّد صفات شريف مدكور برسالة دعم

GMT 09:39 2019 السبت ,06 إبريل / نيسان

أفضل الطرق لتسريحات الشعر الكيرلي في المنزل

GMT 05:32 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

قطر تُقرر مقاطعة نجوم " روتانا " بسبب الأزمة الخليجية

GMT 03:41 2015 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ستيفن كاري يشيد بجهود ليونيل ميسي مع "برشلونة" في الدوري

GMT 01:31 2018 الإثنين ,31 كانون الأول / ديسمبر

أحمد صلاح حسني يشيد بشخصيته في مسلسل "أبواب الشك"

GMT 18:51 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الديكورات الفرنسية الكلاسيكية لمنزل أكثر أناقة

GMT 14:23 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلان الإيطالي يبدأ التفاوض مع لاعب تشيلسي فابريغاس
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib