سرقوا منا الانتخابات

سرقوا منا الانتخابات

المغرب اليوم -

سرقوا منا الانتخابات

بقلم : توفيق بو عشرين

انتخابات الغابون كانت مثالية في عين علي بونغو، الذي ورث السلطة عن والده والذي حكم البلاد 41 سنة، وذات الانتخابات كانت مزورة بحسب أنصار جان بينغ الذين خرجوا إلى شوارع ليبروفيل أمس يهتفون: «لقد سرقوا منا الانتخابات.»

لم يصبر أنصار المعارض الغابوني جان بينغ على إعلان الرئيس المنتهية ولايته علي بونغو فوزه في الانتخابات الرئاسية بنسبة 49,8%، فعمدوا إلى إحراق البرلمان، والخروج للتظاهر في العاصمة احتجاجا على ما سموه تزويرا للانتخابات في هذا البلد الصغير والغني بالنفط.

رد السلطة لم يتأخر، إذ بعث الرئيس في أول قرار يأخذه بعد تجديد انتخابه على رأس السلطة في البلاد، بقوات الحرس الجمهوري إلى مقر الحزب المعارض، حيث أطلق الجنود الرصاص الحي على المواطنين فقتلوا اثنين على الأقل وأصابوا العشرات، ثم عمد إلى قطع خطوط الهاتف وصبيب النيت، منعا لانتشار الأخبار ومنع التواصل بين المواطنين. كان تشرتشل يقول: «إن أول ضحية تسقط في الحروب هي الحقيقة»، ولو عاش إلى يومنا هذا لغيّر رأيه وقال: «إن أول ما يسقط في الحروب والأزمات في إفريقيا والعالم العربي هو الإنترنيت، هذا الملعون المسؤول عن كل هذه الفتن والقلاقل».

علي بونغو، الرئيس المنتهية ولايته، فاز في كل البلاد بنسبة 49,8%، لكنه في مكاتب معقل والده التقليدي (أوغوي العليا)، فاز يا للعجب بـ 95% في منطقة ارتفعت فيها نسبة المشاركة إلى 99%، هذه الأرقام بعثت شكوكا قوية حول نزاهة الاقتراع حتى وإن كان التلاعب في الصناديق خفيفا ولا يتعدى الفرق في النتائج المعلنة 5000 صوت، فإن النازلة خلقت أزمة كبيرة وعميقة في البلاد كما قالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فديريكا موغيريني، التي وصفت الوضع في الغابون بأنه «أزمة عميقة»، ودعت مختلف الأطراف إلى «الهدوء»، وأضافت: «أن الثقة في نتائج الانتخابات الرئاسية لا يمكن أن تحصل إلا بالتثبت الشفاف مكتبا بمكتب في نتائج الانتخابات». وهذا هو مطلب المعارضة التي دعت إلى إعادة الفرز في المكاتب التي فاز بها بونغو بنسبة 95%، لكن الحكومة رفضت هذا المطلب واختارت التعنت وإطلاق النار وقطع الإنترنيت.

وإذا كانت باريس الحليف الأول لبانغو، قد دعت إلى الهدوء والاحتكام إلى الوسائل السلمية لتسوية الأزمة، وعبرت عن قلقها العميق من اندلاع العنف، «لم تعبر عن القلق العميق ذاته من مسببات العنف وهو المساس بسلامة الانتخابات»، فإن الولايات المتحدة الأمريكية تبنت خطابا نقديا من هذه الانتخابات، ودعت إلى إعادة نشر نتائج كل مراكز الاقتراع وإعادة التثبت من الأصوات وهي طريقة دبلوماسية لتقول إن النتائج المعلن عنها لم تقنعها.

علي بونغو (57 سنة) يحكم البلاد منذ رحيل والده قبل سبع سنوات، والطريقة الملكية الوراثية التي وصل بها علي إلى الحكم في بلد جمهوري أثارت حنق قطاعات كبيرة من شعبه لم تكن تستسيغ حكم والده، الذي دام 41 سنة وتخاف أن يسير الابن على نهج أبيه. ولهذا، فإن الجو السياسي كان مشحونا بما يكفي من عوامل الاحتقان التي انفجرت بعد ظهور مؤشرات عدة على التلاعب بالانتخابات، وهو ما لم يقبله شعب مسالم (1,8 مليون نسمة) لم يعتد على قلاقل وانقلابات وحروب القارة السمراء.

في التسعينيات من القرن الماضي، عقد عمر بونغو والد علي بونغو ندوة صحافية في القصر الجمهوري للافتخار بتجديد ثقة الشعب فيه وحصوله على ولاية جديدة، لكن الغرور ذهب بالشيخ عمر بعيدا إلى درجة أنه قال: «لقد حصلت على 105% من الأصوات»، فاستغرب صحافي فرنسي من هذه النسبة المستحيلة رياضيا، وسأل الرئيس عن هذا اللغز الذي يجعله يفوز بعدد من الأصوات أكبر من المعبر عنها، فرد عليه عمر بونغو ببساطة واستخفاف: «لقد صوت عليّ الشعب كله ومعه الأجانب والمقيمون في الغابون». ضحك الجميع من هذا التبرير ولم يسأل أحد الرئيس عن أحقية الأجانب في التصويت، ولا عن استحالة مشاركتهم في الانتخابات دون أن يكونوا مسجلين في قوائم الاقتراع.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سرقوا منا الانتخابات سرقوا منا الانتخابات



GMT 06:02 2018 الأحد ,25 شباط / فبراير

حان وقت الطلاق

GMT 07:26 2018 الجمعة ,23 شباط / فبراير

سلطة المال ومال السلطة

GMT 06:39 2018 الخميس ,22 شباط / فبراير

لا يصلح العطار ما أفسده الزمن

GMT 05:46 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

الطنز الدبلوماسي

GMT 05:24 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

القرصان ينتقد الربان..

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 17:56 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
المغرب اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 17:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 22:21 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
المغرب اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 04:55 2018 الثلاثاء ,07 آب / أغسطس

" Chablé" يمثل أجمل المنتجعات لجذب السياح

GMT 07:57 2018 الثلاثاء ,06 آذار/ مارس

أسوأ من انتخابات سابقة لأوانها!

GMT 20:53 2015 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

شجار بالأسلحة البيضاء ينتهي بجريمة قتل بشعة في مدينة فاس

GMT 22:28 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

ولي عهد بريطانيا يقدم خطة لإنقاذ كوكب الأرض

GMT 05:06 2018 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

"Hublot" الخزفية تتصدر عالم الساعات بلونها المثير

GMT 09:11 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

فتاة منتقبة بطلة فيلم "ما تعلاش عن الحاجب"

GMT 07:11 2018 السبت ,25 آب / أغسطس

فولكس" بولو جي تي آي" تتفوق على "Mk1 Golf GTI"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib