دفتر 20 فبراير ومآله

دفتر 20 فبراير ومآله..

المغرب اليوم -

دفتر 20 فبراير ومآله

بقلم : توفيق بو عشرين

غابت حركة 20 فبراير عن الشارع، لكنها لم تغب عن الذاكرة السياسية المغربية. مازالت بصماتها ظاهرة في دستور 2011، ومازالت ثقافتها تنتعش في الحراك الاجتماعي وفي زيادة الطلب على الاحتجاجات…

تحل الذكرى السادسة لانطلاق حركة 20 فبراير، النسخة المغربية للربيع العربي، يوم الاثنين، ولا بأس من تذكرها وإعادة التفكير فيها بدون نوستالجيا ولا أساطير ولا شيطنة ولا نظرية مؤامرة، فلأول مرة في تاريخ المغرب يخرج شباب متعلم في 54 مدينة وعمالة وإقليما في يوم واحد دون تأطير سياسي ولا نقابي ولا حزبي.. خرجوا في يوم واحد بشعارات واحدة ومطالب واحدة وبعفوية متشابهة، ليقولوا للدولة، وهنا أنقل الشعارات من ألبوم الصور في الأرشيف وليس من الذاكرة: «كرامة حرية عدالة اجتماعية»، «مغرب الجماهير يطالب بالتغيير»، «ليسقط الفصل 19»، «لا للجمع بين الثروة والسلطة»، «الشعب يريد إسقاط الفساد والاستبداد»، «الشعب يريد مغربا جديدا»، «نحن شعب لا يقهر.. يموت أو ينتصر»، «people want change»، «بغينا قضاء الحريات ماشي قضاء التعليمات»… متظاهر حمل لافتة مكتوب عليها بالإنجليزية: «أنا صاحب أجندة: العدالة = الاستقلالية، الديمقراطية = الفصل بين السلط، الكرامة = الشغل والصحة والسكن، الحرية = إعلام حر وأفواه مفتوحة»، «كلنا معنيون»، «نحن الشعب مامفكينش»، «إذا الشعب يوما أراد الحياة»، «باراكا من الظلم والحكرة»، «من أجل ملكية برلمانية»، «مامفكينش»، أما شعار dégage فقد كتب فوق جبين أكثر من مسؤول في الدولة وفي محيط القصر… «علاش حنا فقرا؟ لأنكم أنتوما شفرا»، «نريد دستورا جديدا وانتخابات نزيهة»، «الحرية للمعتقلين السياسيين»… هذا هو دفتر مطالب الشارع، كما أعلن نفسه في شعارات وأعلام ولافتات وفيديوهات وملصقات كانت تنزل إلى الشارع كل يوم أحد، لمدة سنة كاملة تقريبا، مع تفاوت في القوة والزخم والحماس والمشاركة من أسبوع إلى آخر، إلى أن انطفأت الشمعة بما تحقق وما لم يتحقق، لكن، لا بد من إعادة التذكير بدلالات هذه الحركة ومغزاها وموقعها في مسار البناء الديمقراطي الموجود في مفترق طرق اليوم:

أولا: لم يسبق للمغرب أن عرف نزولا قويا ومكثفا للمواطنين في 54 مدينة وعمالة وإقليما، في الأركان الأربعة المملكة، وفي يوم واحد، وبشعارات واحدة.

ثانيا: لم يشهد المغرب، طوال تاريخه، تظاهرات قوية لها مطالب سياسية بحتة. التظاهرات والانتفاضات التي عرفها المغرب (1965،1981، 1984، 1990) كانت لأسباب اجتماعية أولا، وسياسية ثانيا، وجلها انطلق في أعقاب الإضرابات وبعد قرارات للزيادة في الأسعار، ولهذا، فإن حركة 20 فبراير كانت بمثابة نقلة نوعية في مسار الاحتجاج السياسي. ففي حدود علمي، لم ترفع لافتة في الشارع قبل 20 فبراير تطالب بملكية برلمانية.

ثالثا: حركة 20 فبراير كانت حركة الشباب المتعلم وحركة الطبقات الوسطى في المدن، ولهذا جاءت مطالبها سياسية، وطابعها مدنيا، لم نر في تحركاتها وانتفاضتها أي أعمال شغب أو أحداث تخريب. حتى بعدما استعملت قوات الأمن العصا الغليظة في بعض التظاهرات، ظلت الحركة سلمية، بل هناك مظاهرات وزعت فيها الورود على رجال الأمن، عنوانا على التشبث بسلاح السلمية واحترام النظام العام وحماية الممتلكات العامة، والذي لا يتعارض مع حق المطالبة بالإصلاحات السياسية العميقة.

رابعا: حراك 20 فبراير لم يكن وراءه وقود إيديولوجي ولا تأطير حزبي، فلأول مرة تحرك شباب من مختلف الألوان الفكرية والسياسية والإيديولوجية، فكنت ترى العلماني والإسلامي والسلفي والليبرالي واليساري والشيوعي، والذي بلا قبعة إيديولوجية.. الجميع في تظاهرة واحدة، وخلف شعارات ومطالب «ديمقراطية ليبرالية». هذا له دلالات كبيرة للأحزاب والقوى الديمقراطية حول أولويات النضال السياسي اليوم.

خامسا: لأول مرة يتجاوب القصر مع هذا الحراك الشعبي بسرعة كبيرة، حيث انطلقت الحركة من الشارع يوم 20 فبراير، وخرج الملك في التاسع من مارس يستجيب لثلاثة أرباع المطالب المعبر عنها في الشارع، فبشر بدستور جديد، وانتخابات جديدة، وبالتبعية، ببرلمان وحكومة جديدين، كما أعلن حزمة إصلاحات اجتماعية، فأظهر الجالس على العرش أنه لا يخاف الشارع ولا يهاب التغيير.

سادسا: حركة 20 فبراير فتحت الباب لإصلاحات كبيرة، لكن، وبما أنها حركة عفوية وغير منظمة، فإنها سلمت المشعل عمليا للأحزاب السياسية لكي تقطف ثمار الحراك الشبابي، وتنقل مطالبه إلى داخل المؤسسات، لكن الذي حدث أن بعض الأحزاب السياسية ركبت فوق ظهر الحراك، وفي مقدمتها حزب العدالة والتنمية الذي دخل إلى الحكومة، ثم ترك مطالب هذا الحراك عند باب رئاسة الحكومة، وبدأ يدبر دفة الشأن العام بالثقافة القديمة، فانقلبت أولويات المرحلة من قيادة التحول الديمقراطي إلى طلب ود المخزن والتطبيع مع القصر، مع إقرار بعض الإصلاحات الاجتماعية المحدودة، والحفاظ على نظافة اليد، أما الأحزاب الأخرى فإنها كانت من الوهن والضعف بحيث لم تقدر على حمل مطالب الحركة، بل واعتبر البعض من هذه الأحزاب أنها عبء عليه.

المصدر : جريدة اليوم 24

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دفتر 20 فبراير ومآله دفتر 20 فبراير ومآله



GMT 06:02 2018 الأحد ,25 شباط / فبراير

حان وقت الطلاق

GMT 07:26 2018 الجمعة ,23 شباط / فبراير

سلطة المال ومال السلطة

GMT 06:39 2018 الخميس ,22 شباط / فبراير

لا يصلح العطار ما أفسده الزمن

GMT 05:46 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

الطنز الدبلوماسي

GMT 05:24 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

القرصان ينتقد الربان..

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 17:56 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
المغرب اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 17:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 15:27 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

هنغاريا تدعم مخطط الحكم الذاتي المغربي لتسوية نزاع الصحراء
المغرب اليوم - هنغاريا تدعم مخطط الحكم الذاتي المغربي لتسوية نزاع الصحراء

GMT 09:19 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن
المغرب اليوم - فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن

GMT 14:44 2024 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

العلماء يكتشفون أصل معظم النيازك التي ضربت الأرض

GMT 05:21 2016 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

أفضل بيوت الشباب والأكثر شعبية في العالم

GMT 11:00 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"السر المعلن"..

GMT 10:52 2023 الأربعاء ,18 كانون الثاني / يناير

مرسيدس تبدأ تسليم السيارة الأقوى في تاريخها

GMT 22:54 2019 الأربعاء ,13 آذار/ مارس

"فيسبوك" تنفي تعرض الموقع لاختراق

GMT 15:46 2019 الجمعة ,04 كانون الثاني / يناير

فضيحة "شاذ مراكش" تهدّد العناصر الأمنية بإجراءات عقابية

GMT 11:56 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

الحجوي يؤكّد أن تحويل الأندية إلى شركات يتطلب مراحل عدة

GMT 15:09 2018 الإثنين ,24 أيلول / سبتمبر

أحمد عز يواصل تصوير الممر في السويس

GMT 06:39 2018 السبت ,08 أيلول / سبتمبر

تمتعي بشهر عسل رومانسي ومميز في هاواي

GMT 08:50 2018 الأحد ,11 شباط / فبراير

بيور غراي يعدّ من أفضل المنتجعات حول العالم

GMT 21:34 2017 الثلاثاء ,13 حزيران / يونيو

فريق "وداد تمارة" يتعاقد مع المدرب محمد بوطهير

GMT 02:42 2017 الثلاثاء ,22 آب / أغسطس

قمر في فستان أبيض قصير على "إنستغرام"

GMT 09:35 2023 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

محرك البحث "غوغل" يحتفل بيوم المعلم العالمي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib