كرسي محجوز

كرسي محجوز

المغرب اليوم -

كرسي محجوز

بقلم - توفيق بو عشرين

الطريقة الوحيدة لإجراء انتخابات نظيفة في مصر هي طرد المرشحين الجديين من ساحة التنافس، وترك من لا حظ له يلعب دور أرنب سباق، دون حظوظ، ولو قليلة، للوصول إلى الفوز. عندها يمكن الدخول إلى الانتخابات دون خوف، ودون الحاجة إلى تزوير فاضح أو خشونة سياسية. هذه هي طريقة السيسي في تنظيم انتخابات الرئاسة في أكبر بلد عربي.
ستكون انتخابات مارس المقبل في «المحروسة» بيعة هادئة للسيسي، دون منافسة حقيقية، ودون رهان سياسي، لذلك، اعتقل المجلس العسكري، بإيعاز من السيسي، الجنرال المتقاعد سامي عنان، قبل وضع ترشحه، وقبل حتى توجيه التهمة إليه، كما جرى قبل ذلك إرهاب أحمد شفيق، ودفعه إلى الجلوس في منزله بالجلابية، بعد انتقاله من الإمارات إلى القاهرة، وبعث رسائل قاسية إلى ابن شقيق السادات، الذي أعلن انسحابه من المنافسة بسبب جو الخوف الذي ينشره أتباع الرئيس المصري، الذي خطف الحكم بانقلاب عسكري على محمد مرسي قبل خمس سنوات، فيما يواجه المحامي اليساري، خالد علي، خطر إسقاطه من لائحة المرشحين، إذا أيدت محكمة الاستئناف حكما ضده بالسجن بتهمة الإخلال بالحياء العام… هكذا يبدو المشهد المصري، حيث حجز السيسي مكانه في كرسي الرئاسة، مثل عداء يجري وحده في مضمار السباق، فمهما تأخر فإن النصر مضمون، مادام المنافسون غير موجودين.
ولم يكن سامي عنان، البالغ من العمر 69 عاماً، يُمثِّل تحدياً كبيراً أمام السيسي، الجنرال الذي يحكم مصر بيدٍ من حديد منذ العام 2014، حين انتُخِبَ بنسبة 97% من الأصوات، لكن تصريحات الجنرال المتقاعد، وانتقاداته القاسية لسياسة زميله السيسي، الذي زج بالمؤسسة العسكرية في أتون الصراع على السلطة بشكل غير مسبوق، أقلقت الرئيس المصري، إلى درجة أنها أخرجته عن هدوئه، ودفعته إلى تهديد خصومه بطريقة «فتوات الحارة»، عندما قال الأسبوع الماضي: «من يقترب من كرسي الرئاسة من الفاسدين، فليحذرني».
إلى الآن انسحب ثلاثةٌ من المُرشَّحين المُحتَمَلين لسباق الرئاسة، ولم يبق إلا بهلوان اسمه مرتضى منصور، سينشط الحفل، ثم في الأخير سيقول: ‘‘أنا ترشحت لكي لا أفوز، فقط لأخدم بلدي الذي يحتاج إلى أكثر من مرشح للرئاسة’’.
لم تستمر حملة عنان إلا أربعة أيام فقط، وفي إعلان ترشُّحه، يوم السبت الماضي، وجَّهَ الفريق المتقاعد انتقاداتٍ إلى سجل السيسي السياسي، وتعهَّدَ بتعيين هشام جنينة -الذي كان رمزاً لمناهضة الفساد وطَرَدَه السيسي من منصبه- نائباً للرئيس لشؤون حقوق الإنسان. وبدا اختيار جنينة مُخطَّطاً له من أجل ضرب السيسي في بعض أكثر النقاط حساسيةً بالنسبةِ إليه: السجل الضعيف سيئ الصيت لنظامه في مجال حقوق الإنسان، وتحويل جنينة إلى المحاكمة بعدما طرد من عمله رئيساً للجهاز المركزي للمحاسبات في العام 2016، على خلفية تقريره الصادم الذي أفاد بأن الفساد كلَّف مصر ما يربو على 76 مليار دولار خسائر على مدى عقدين من الزمن.
أخطر ما في إغلاق الباب أمام مرشحين أقوياء منافسين للسيسي على كرسي الرئاسة، أن الجنرال القوي في مصر يقول للجميع، وبلا مواربة، إن الذي جاء إلى الحكم بالدبابة لن يذهب بالصندوق، وإنه غير مستعد لدخول لعبة التناوب على السلطة، وإنه لن يخرج من قصر الرئاسة إلى بيته مخافة محاكمته، أو انهيار نظام الخوف الذي بناه منذ الانقلاب على رئيس منتخب، وملء السجون بأكثر من 60 ألف معتقل سياسي من الإخوان المسلمين وشباب ثورة يناير، هذا أولا. ثانيا، إغلاق باب الترشح أمام قيادات سابقة في الجيش، أو أمام مرشحين مدنيين، معناه المزيد من تسييس الجيش، وتحويل المؤسسة العسكرية إلى حزب سياسي يقف خلف رجل واحد هو السيسي، وهذا معناه ربط مستقبل المؤسسة العسكرية بكاملها بمستقبل الرئيس، الذي يعاني نظامه فشلا داخليا وخارجيا، تحاول وسائل الدعاية الداخلية مسح صورته كل يوم، وبطرق دعاية فجة وبدائية. ثالثا، إغلاق باب التنافس في الرئاسة في بلد 90 مليون مواطن رسالة إلى الداخل والخارج، مفادها أن ساكن القصر الرئاسي ليس على جدول عمله إطلاق أي عملية سياسية، حتى وإن كانت شكلية، وأن أداته الوحيدة للحكم هي «القوة»، سواء قوة الجيش أو المخابرات أو الأمن أو الإعلام، مع تسخير القضاء لإضفاء الطابع القانوني على عمليات قمع المخالفين… كل هذه الرسائل التي يبعثها السيسي تقول كلمة واحدة: لا مستقبل لمصر في ظل حكم السيسي.. الباقي تفاصيل تخبر، من يهمه الأمر، بكلفة فاتورة التغيير التي ترتفع، يوما بعد آخر، في أكبر بلد عربي منكوب إلى الآن.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كرسي محجوز كرسي محجوز



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:33 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
المغرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 16:17 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"القوس" في كانون الأول 2019

GMT 21:52 2019 السبت ,03 آب / أغسطس

"الفيل الأزرق 2" يعيد قوة موسم الصيف

GMT 16:19 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

انتبه لمصالحك المهنية جيداً

GMT 14:20 2019 السبت ,29 حزيران / يونيو

طارق مصطفى يساند المنتخب أمام ساحل العاج

GMT 00:51 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

إسعاد يونس تعدّد صفات شريف مدكور برسالة دعم

GMT 09:39 2019 السبت ,06 إبريل / نيسان

أفضل الطرق لتسريحات الشعر الكيرلي في المنزل

GMT 05:32 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

قطر تُقرر مقاطعة نجوم " روتانا " بسبب الأزمة الخليجية

GMT 03:41 2015 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ستيفن كاري يشيد بجهود ليونيل ميسي مع "برشلونة" في الدوري

GMT 01:31 2018 الإثنين ,31 كانون الأول / ديسمبر

أحمد صلاح حسني يشيد بشخصيته في مسلسل "أبواب الشك"

GMT 18:51 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الديكورات الفرنسية الكلاسيكية لمنزل أكثر أناقة

GMT 14:23 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلان الإيطالي يبدأ التفاوض مع لاعب تشيلسي فابريغاس
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib