لا تفضحونا أمام العالم

لا تفضحونا أمام العالم

المغرب اليوم -

لا تفضحونا أمام العالم

بقلم : توفيق بو عشرين

في سابقة من نوعها في كل التاريخ الدبلوماسي المغربي، أقدم وزير الخارجية والتعاون، صلاح الدين مزوار، على محاولة جديدة لـ«فعفعة بنكيران»، ونقل صراعه السياسي مع رئيس الحكومة إلى بيانات وزارة الخارجية، حتى يعلم القريب والبعيد أن في البلاد أزمة سياسية وبلوكاجا كبيرا، وأن الأطراف المنزعجة من نتائج الاقتراع فقدت أعصابها، وقررت نقل معركتها من الساحة الداخلية إلى الساحة الخارجية، و«للي ماشرا يتفجج».

بدأت القصة عندما أدلى رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، قبل أسبوع، بتصريح صحافي لوكالة «قدس بريس»، التي سألته عن موقفه مما يجري من مآسٍ إنسانية في حلب، ومن قصف للمدنيين وقتل للأبرياء في سوريا، فرد بنكيران بعفويته المعهودة: «لا أستطيع أن أنام من هول ما أرى من كارثة إنسانية في سوريا، ولا أعرف لماذا تدمر روسيا سوريا، في حين أنه كان الأولى أن تكون موسكو جزءا من الحل في سوريا».

السفير الروسي في الرباط، وكأي سفير تعرضت سياسة بلاده للانتقاد، طلب موعدا مع وزير الخارجية والتعاون لشرح موقف بلاده من التدخل العسكري في سوريا، فأعطاه وزير خارجية المغربي موعدا، واستمع إليه، وقدم له شروحات حول الموقف الرسمي للبلاد. كان يمكن أن ينتهي الموضوع هنا، بدون ضجة ولا بيان ناري، ولا تقريع لرئيس حكومة المغرب من قبل وزير خارجيته، على اعتبار أن مسؤولين كبارا في العالم في أوروبا وأمريكا وآسيا سبق أن فلتت منهم تعليقات شخصية أو إنسانية على مواقف دول صديقة وغير صديقة، فتم اللجوء إلى إصلاح الأمر بطرق دبلوماسية وفنية لا تمس هيبة المناصب التي يشغلونها، لكن، وبما أننا في «أجمل بلد في العالم»، فقد اختار «الفعفاع» أن «يضرب الطر» لرئيس الحكومة، وأن يخرج ببيان يقرع فيه بنكيران، ويصف أداءه بالارتجال، حيث جاء في البيان الذي تلي في وسائل الإعلام الرسمية: «إن اتخاذ مواقف رسمية من هذه الملفات المعقدة لا يمكن، بالنظر إلى خطورتها، أن يكون محط ارتجال، أو تعبيرا عن وجهات نظر شخصية».

لنتأمل فقرات هذا البيان التي تشرح موقف الخارجية المغربية من الأزمة السورية.. ينص البيان على «حرص المملكة على شراكتها الاستراتيجية مع روسيا، وثبات موقفها من الملف السوري المتمثل في الالتزام من أجل إيجاد حل سياسي يضمن استقرار سوريا، ويحافظ على وحدتها الوطنية والترابية، والانشغال بالمآسي الإنسانية الخطيرة التي خلفتها الأزمة السورية».

إذن، في العمق، الموقف الدبلوماسي الرسمي للمغرب لا يبتعد كثيرا عما قاله بنكيران، الذي استنكر التدخل العسكري الروسي، اللهم إلا إذا رأى صلاح الدين مزوار في الطائرات الروسية التي تقصف أطفال حلب بأطنان من المتفجرات حلا سياسيا يضمن استقرار سوريا، ويحافظ على وحدتها الترابية، وينشغل بالمآسي الإنسانية لشعب شقيق!

إذا كان بنكيران قد ارتكب هفوة بالتعبير التلقائي عن مشاعره إزاء الحرب السورية، فإن وزير الخارجية والتعاون ارتكب خطأ كبيرا بنقل خلافاته مع حزب العدالة والتنمية إلى المجال الدبلوماسي، عن طريق تقريع مؤسسة رئاسة الحكومة، وإظهارها أمام العالم وكأنها دمية لا قيمة لها، وأن الجالس في مكتبها يرتجل ويعبر عن مواقف شخصية، وأن وزيره في الخارجية يمكن أن يتجرأ عليه، وأن يقطر الشمع فوق رأسه، كما فعل من قبل وزير الداخلية ووزير المالية في بيان خدام الدولة. حتى وزير الفلاحة، عزيز أخنوش، لاحت له الفرصة لاستغلال الحادثة، أول أمس في لقاء حزبي «انتهى بالفوضى الخلاقة»، حيث قال: «إن جلالة الملك هو الوحيد الذي يتحدث في السياسة الخارجية، ولا أحد غيره يمكن أن يتدخل في المجال الدبلوماسي». بدون تعليق.

يتغير الأشخاص وتبقى المؤسسات.. يزول الأفراد وتبقى الدولة… رجاء، لا تفضحونا أمام العالم.

جريدة اليوم 24

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا تفضحونا أمام العالم لا تفضحونا أمام العالم



GMT 06:02 2018 الأحد ,25 شباط / فبراير

حان وقت الطلاق

GMT 07:26 2018 الجمعة ,23 شباط / فبراير

سلطة المال ومال السلطة

GMT 06:39 2018 الخميس ,22 شباط / فبراير

لا يصلح العطار ما أفسده الزمن

GMT 05:46 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

الطنز الدبلوماسي

GMT 05:24 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

القرصان ينتقد الربان..

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:33 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
المغرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 12:48 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الميزان السبت 26-9-2020

GMT 11:52 2020 السبت ,07 آذار/ مارس

تشكيل الوداد لمواجهة النجم الساحلي

GMT 04:35 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

إليكم أفضل الأماكن في لبنان لهواة رياضة ركوب الشواطيء
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib