دبلوماسي وقح

دبلوماسي وقح

المغرب اليوم -

دبلوماسي وقح

بقلم : توفيق بو عشرين

دخل السفير المغربي في مدغشقر، محمد عمار، التاريخ الدبلوماسي المغربي من أسوأ أبوابه، فهو أول سفير يُطرد من منصبه بطريقة مهينة، وهو أول سفير مغربي يُتهم علانية بسرقة مساعدات إنسانية في بلاغ رسمي للخارجية، وهو أول سفير مغربي يتهم بالعنصرية والتمييز على أساس ديني في بلاد خريطتها العرقية والدينية معقدة، وهو أول سفير مغربي يتجرأ على رئيس الدولة التي تستضيفه، ويتقدم لإعطائه دروسا في استقلالية القرار السياسي في بلاده وأمام العموم، ما اعتبر إهانة لأعلى سلطة في البلاد.

كل هذه الفضائح لم يكتشفها وزير الخارجية «المفعفع»، ولا الذين سبقوه في الخارجية، ولم تصل إليها يد وزارة المالية، ولا اللجنة المختصة في مراقبة السفارات التابعة للخزينة العامة للمملكة، حتى جاء الملك محمد السادس، في زيارة رسمية، ووجد فضيحة السفير تنتظره، ما أثار غضبه، فأطاح برأس محمد عمار بطريقة غير مسبوقة.

هذا الدبلوماسي قضى 10 سنوات في منصبه، وهذا هو المشكل رقم واحد. لا يوجد قانون ولا عرف في الخارجية المغربية، كما في الدول الأخرى، يحدد عمر كل سفير في سفارة بلاده، وهذا ما يخلق انحرافات وعلاقات مشبوهة، وبزنس يسيء إلى مصلحة البلاد وسمعتها. هناك سفراء قضوا 20 سنة في المنصب نفسه، وهناك سفراء يداومون في مستشفيات باريس أكثر مما يداومون في مكاتبهم، ومع ذلك، لا يوجد من يصحح هذه الأوضاع، ويقترح سفيرا جديدا للمهمة. هناك سفراء عينوا في بلاد عربية وهم لا يعرفون حرفا واحدا في لغة الضاد ولا تقاليد الشرق الأوسط، وهناك سفراء عينوا في بلدان تحمل زوجاتهم جنسيتها، في تضارب مصالح خطير جدا على سلامة وأمن المملكة… لقد رأينا أخيرا بدعة دبلوماسية غريبة لا تحدث حتى في جمهوريات الموز في أمريكا اللاتينية.. رأينا سفيرة مغربية تتدخل لدى رئيس دولة أجنبية ليتوسط لها لدى سلطات بلادها لكي تبقى سفيرة هناك، مع العلم أن قرار تنقيلها من سفارة إلى أخرى صدر في مجلس وزاري وتسرب إلى الصحافة.

صدم الرأي العام، مساء الاثنين، وهو يقرأ بلاغ اتهام الخارجية ضد السفير محمد عمار، ورجع التساؤل القديم/الجديد حول مصير إصلاح الآلة الدبلوماسية المعطوبة في البلاد، والتي توجد في علبتها اختلالات وفضائح وغرائب وزبونية وعلاقات مشبوهة لسفراء مع مصالح أجنبية و… ألم يحن الوقت لإصلاح هذا البيت؟ ألم تقتنع الدولة بعد بأهمية العمل الدبلوماسي؟ ألم تصل الدولة إلى طريقة لتنظيف البيت الدبلوماسي المغربي؟

إليكم بعض وصايا إنجلترا لسفرائها، جمعتها من عدة قراءات ومطالعات، قد تصلح للتفكير في مهمة الدبلوماسي:

الدرس الأول: إذا حدثت مشكلة فعالجها بالاتصال… أول ما يتعلمه الدبلوماسي البريطاني قبل أن يسافر لتمثيل بلده في الخارج… الدرس الثاني: تحدث مع الجميع ولا تترك الآخرين يتعرفون عليك. عرف بنفسك حتى دون أن تطلب شيئا، فأنت لا تعرف متى تحتاج إلى مخاطبك. الدرس الثالث: لا تترك أعداءك كتلة واحدة في مواجهتك، فرق بينهم تسد. الدرس الرابع: لا تثق في كل ما تسمعه من أصدقائك قبل أعدائك. أبق عينيك مفتوحتين على الأفعال لا الأقوال. الدرس الخامس: الدبلوماسي هو الجندي المجهول الذي لا تتحدث عنه كتب التاريخ، لهذا اعلم أنك خط الدفاع الأول عن مصلحة بلدك، وأن العسكريين هم خط الدفاع الأخير. الدرس السادس: لا يوجد أعداء دائمون ولا أصدقاء دائمون، هناك فقط مصلحة دائمة، لهذا، عرف بمصلحة بلدك كل صباح. الدرس السابع: لا تكذب حتى لا تفرط في مصداقيتك، لكن، لا تقل الحقيقة كاملة، ركز على الجوانب التي تخدمك وتخدم بلدك. كن ذكيا وحذرا، ولا تتوقف عن البحث عن الوسائل التي توصلك إلى هدفك. الدرس الثامن: تحتاج إلى مهارات كثيرة لإقناع حكومة البلد الذي تشتغل فيه، كما تحتاج إلى مهارات أكثر لإقناع حكومة بلدك باتخاذ قرارات تراها مناسبة. أنت دبلوماسي في الاتجاهين لخدمة هدف واحد. الدرس التاسع: أسوأ سفير هو الذي يبلغ وزير خارجيته بما يريد سماعه، ويتجنب ذكر الأشياء التي تقلق حكومة بلاده. الدرس العاشر: التقاليد والأعراف والبرتوكولات الدبلوماسية ليست أمورا شكلية في عمل السفير، إنها جزء من جوهر عمله، لهذا يجب أن يحرص عليها، وأن يكون في مستوى تمثيل بلده في اللباس والطعام وطريقة الحديث وأسلوب تبليغ الرسائل وتقنية التفاوض، فالسفير لا يمثل نفسه، بل يمثل بلاده وتاريخها وثقافتها. الدرس الحادي عشر: سلاح الدبلوماسي ثلاث أدوات: إتقان لغة البلد الذي يشتغل فيه، ومظهره الأنيق، وثقافته وشبكة علاقاته الواسعة. الدرس الثاني عشر: على الدبلوماسي أن يحذر ثلاثة أشياء: الخمر والنساء والمال. عليه أن يبقي مسافة كافية إزاء هذه الإغراءات وهو في سفارة بلاده حتى لا يدخل منها أعداؤه. الدرس الثالث عشر: في الدبلوماسية، كما في التجارة، أفضل الصفقات وأفضل العلاقات وأفضل المعلومات هي التي تكون حول مائدة طعام أو في قاعة حفلات، حيث يسود الارتخاء والارتياح، وتحل الكثير من عقد الألسن والنفوس. الدرس الرابع عشر: أشعر محاوريك بأهميتهم مهما كانوا صغارا، فأنت لا تؤدي ضريبة على ذلك، ولا تفترض في الآخرين الغباء، بل تعامل معهم دائما بحيطة وحذر، وابذل مجهودا لتجعل مصالح بلادك ومصالحهم شيئا واحدا. الدرس الخامس عشر: على الدبلوماسي أن يتصرف كالإطفائي الذي يحتاج إليه الناس أكثر في أوقات الأزمات عندما تشتعل النار في البيت، وكذلك الدبلوماسي، عليه أن يخفض حرارة التوتر بين بلده والدولة التي يشتغل فيها مهما كانت مبررات النزاع، لأن السلام والأمن والمصالح هي مقياس نجاحه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دبلوماسي وقح دبلوماسي وقح



GMT 06:02 2018 الأحد ,25 شباط / فبراير

حان وقت الطلاق

GMT 07:26 2018 الجمعة ,23 شباط / فبراير

سلطة المال ومال السلطة

GMT 06:39 2018 الخميس ,22 شباط / فبراير

لا يصلح العطار ما أفسده الزمن

GMT 05:46 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

الطنز الدبلوماسي

GMT 05:24 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

القرصان ينتقد الربان..

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 17:56 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
المغرب اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 17:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 14:44 2024 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

العلماء يكتشفون أصل معظم النيازك التي ضربت الأرض

GMT 05:21 2016 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

أفضل بيوت الشباب والأكثر شعبية في العالم

GMT 11:00 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"السر المعلن"..

GMT 10:52 2023 الأربعاء ,18 كانون الثاني / يناير

مرسيدس تبدأ تسليم السيارة الأقوى في تاريخها

GMT 22:54 2019 الأربعاء ,13 آذار/ مارس

"فيسبوك" تنفي تعرض الموقع لاختراق

GMT 15:46 2019 الجمعة ,04 كانون الثاني / يناير

فضيحة "شاذ مراكش" تهدّد العناصر الأمنية بإجراءات عقابية

GMT 11:56 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

الحجوي يؤكّد أن تحويل الأندية إلى شركات يتطلب مراحل عدة

GMT 15:09 2018 الإثنين ,24 أيلول / سبتمبر

أحمد عز يواصل تصوير الممر في السويس

GMT 06:39 2018 السبت ,08 أيلول / سبتمبر

تمتعي بشهر عسل رومانسي ومميز في هاواي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib