العودة إلى البيت الإفريقي رهانات وتحديات

العودة إلى البيت الإفريقي رهانات وتحديات

المغرب اليوم -

العودة إلى البيت الإفريقي رهانات وتحديات

بقلم : توفيق بو عشرين

«بعد تفكير عميق، بدا لنا واضحا أنه يمكن علاج الجسم المريض من الداخل بنجاعة أكبر من علاجه من الخارج»، هذه الجملة مأخوذة من الرسالة الملكية إلى الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي، إدريس ديبي، وفيها يعلن محمد السادس باسم المغرب عودة بلاده إلى البيت الإفريقي، الذي غادره مضطرا قبل 32 سنة بعدما جرى التغرير بمنظمة الوحدة الإفريقية وهي كانت يومذاك قاصرا، حسب وصف الرسالة الملكية، فارتكبت خطيئة الاعتراف بكيان وهمي جرح مشاعر المغاربة، وكان لا بد لهم أن يغضبوا… ومع إعلان العودة إلى الأسرة الإفريقية، يوضح الملك استراتيجية العمل المقبلة للتصدي للمرض من الداخل، أي تتبع علاج مدروس وفعال لتصحيح خطأ منظمة الوحدة الإفريقية التي اعترفت بجمهورية اللاجئين الصحراويين في مخيمات تيندوف، في الوقت الذي لم تقبل فيه جمهورية عبد العزيز/غالي عضوا في الأمم المتحدة، ولا في جامعة الدول العربية، ولا في منظمة المؤتمر الإسلامي.
لكن يجب تنبيه الرأي العام إلى حقائق يجب ألا ينساها، فدخول المغرب إلى بيت الاتحاد من الباب الرئيس لا يعني أن البوليساريو ستطرد من النافذة أوتوماتيكيا، حتى وإن كان هذا العضو لا يتوفر على شروط ومقومات الدولة، كما هي منصوص عليها في القانون الدولي. تجميد عضوية الجمهورية الصحراوية الوهمية في الاتحاد الإفريقي يتطلب معركة قانونية وسياسية ودبلوماسية طويلة ومعقدة، فميثاق الاتحاد الإفريقي لا ينص سوى على حالة واحدة لتجميد عضو من أعضائه، وهي حدوث انقلاب عسكري في إحدى الدول الأعضاء فيه، وهذا الفراغ القانوني في الميثاق التأسيسي للاتحاد يحتاج إلى استراتيجية طويلة الأمد لإقناع أصدقاء المغرب في إفريقيا بتبني وجهة نظره، وإقناع جزء من خصومه بالتزام الحياد في المعركة المقبلة، ومحاصرة الخصوم في مؤسسات الاتحاد، حتى يتمكن المغرب في المستقبل من استصدار قرار بتجميد عضوية البوليساريو، حتى لا تعطل عمل الاتحاد الإفريقي كما فعلت مع اتحاد المغرب العربي.
إن الهدف الأول من الرجوع إلى الاتحاد الإفريقي هو شغل الكرسي الفارغ، وثانيا هو منع الجزائر وحلفائها من توظيف آليات الاتحاد الإفريقي ضد المغرب (لا ننس أن الجزائر وجنوب إفريقيا نجحا قبل سنوات قليلة من استصدار قرار من مؤتمر الاتحاد يقضي بإحداث منصب المبعوث الإفريقي لنزاع الصحراء، ووضعوا في هذا المنصب رئيس موزنبيق المتقاعد جواكيم شيسانو)، أما ثالث هدف قريب أمام المغرب فهو الدخول إلى الهيكل البيروقراطي للاتحاد الإفريقي، وخاصة المفوضية الإفريقية، وفيها مجلس الأمن الإفريقي الذي يرأسه رمطان العمامرة، وزير خارجية الجزائر وأحد أشد أعداء المغرب في الجارة الشرقية.
المغرب اليوم يعود إلى البيت الإفريقي بأوراق رابحة كثيرة، أولاها أن دولا إفريقية عديدة سحبت اعترافها بالجمهورية الصحراوية، وثانيا أن الرباط اقترحت مشروعا جديا لحل سياسي لنزاع الصحراء لا غالب فيه ولا مغلوب، وهذا الحل اعترف بصدقيته مجلس الأمن الدولي، وهو موجود الآن على طاولة المفاوضات المتعثرة، وثالثا، المغرب الذي رجع إلى الاتحاد الإفريقي هو مستثمر مهم في عدد من الأقطار الإفريقية، وعضو نشيط في جهود مكافحة الإرهاب عسكريا واستخبارتيا، وهو أحد الأصوات المبشرة في المنتديات الدولية بغد إفريقي واعد. كل هذه الأوراق تعطيه قوة دفع كبيرة ليلعب أدوارا نشيطة في الاتحاد الإفريقي، الذي أصبح الناطق الرسمي باسم القارة السمراء في كل المنتديات العالمية، والذي أصبحت شواغله هي التنمية وحل النزاعات المسلحة واستتباب الأمن في القارة المضطربة.
لقد كان لافتا بعث رسالة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي عن طريق رئيس مجلس النواب، رشيد الطالبي العلمي، عوض وزير الخارجية والتعاون، وذلك لتأكيد أن عودة الرباط إلى البيت الإفريقي قرار الأمة المغربية وليس فقط قرار النخبة الحاكمة، ولهذا، فإن أمام الرباط والحكومة المقبلة ورش كبير قانوني وسياسي ودبلوماسي من أجل الاندماج في حركية الاتحاد الأوروبي، وتصريف مشروع طموح للدولة المغربية في محيطها الإفريقي، وفي الوقت نفسه خوض معركة كبيرة مع اللوبي الجزائري الذي وظف وسيوظف الاتحاد الإفريقي ضد المغرب ووحدته.
أول امتحان يجب أن نربحه لتقوية إشعاع الدولة المغربية في الخارج، أكثر مما هو حاصل الآن، هو ربح رهان انتخابات السابع من أكتوبر، وتنظيم انتخابات تشريعية أكثر نظافة مما سبقها، هذا سيعطي رسالة قوية إلى أصدقائنا وخصومنا، مفادها أن المغرب الذي انسحب سنة 1984، حين كان إدريس البصري يفصل خرائط البرلمان بمدة طويلة قبل إجراء الانتخابات، هذا مغرب ولى وجاء مكانه مغرب يحترم صندوق الاقتراع حتى، وإن لم تعجب نتائجه البعض.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العودة إلى البيت الإفريقي رهانات وتحديات العودة إلى البيت الإفريقي رهانات وتحديات



GMT 06:02 2018 الأحد ,25 شباط / فبراير

حان وقت الطلاق

GMT 07:26 2018 الجمعة ,23 شباط / فبراير

سلطة المال ومال السلطة

GMT 06:39 2018 الخميس ,22 شباط / فبراير

لا يصلح العطار ما أفسده الزمن

GMT 05:46 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

الطنز الدبلوماسي

GMT 05:24 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

القرصان ينتقد الربان..

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 00:54 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب
المغرب اليوم - روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب

GMT 22:21 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
المغرب اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 04:55 2018 الثلاثاء ,07 آب / أغسطس

" Chablé" يمثل أجمل المنتجعات لجذب السياح

GMT 07:57 2018 الثلاثاء ,06 آذار/ مارس

أسوأ من انتخابات سابقة لأوانها!

GMT 20:53 2015 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

شجار بالأسلحة البيضاء ينتهي بجريمة قتل بشعة في مدينة فاس

GMT 22:28 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

ولي عهد بريطانيا يقدم خطة لإنقاذ كوكب الأرض

GMT 05:06 2018 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

"Hublot" الخزفية تتصدر عالم الساعات بلونها المثير

GMT 09:11 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

فتاة منتقبة بطلة فيلم "ما تعلاش عن الحاجب"

GMT 07:11 2018 السبت ,25 آب / أغسطس

فولكس" بولو جي تي آي" تتفوق على "Mk1 Golf GTI"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib