أميركا والهرب من السؤال الإيراني الصعب…

أميركا والهرب من السؤال الإيراني الصعب…

المغرب اليوم -

أميركا والهرب من السؤال الإيراني الصعب…

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

منذ اندلاع حرب غزّة في السابع من أكتوبر (تشرين الأوّل) الماضي، تظهر في لبنان قضايا مفتعلة من نوع العودة في هذه الأيّام إلى فتح الملفّ…
أوجدت “الجمهوريّة الإسلاميّة” في إيران وضعاً عجيباً غريباً في لبنان عبر فتحها جبهة جنوب البلد يوم الثامن من تشرين الأوّل / أكتوبر الماضي، أي في…
جاء وزير الخارجية بالوكالة الإيراني علي باقري كني إلى بيروت وانتقل منها إلى دمشق ليقول إنّ شيئاً لم يتغيّر في “الجمهوريّة الإسلاميّة”، خصوصاً لجهة الإصرار…

لدى طرح أي موضوع ذي علاقة بالتصعيد في المنطقة، أكان ذلك متعلقا بحرب غزّة أو جنوب لبنان أو تصرّف الميليشيات المذهبيّة التي تحكم العراق أو الأراضي السورية… أو الملاحة في البحر الأحمر، لا يمكن تفادي وجوب التعاطي بطريقة أو بأخرى مع “الجمهوريّة الإسلاميّة” في إيران.

 

فرضت إيران نفسها في كلّ ملفّ من ملفات المنطقة، خصوصاً أنّها تمتلك مفاتيح توسيع حرب غزّة ساعة تشاء من دون التورط مباشرة في أي حرب من الحروب التي تديرها طهران من بعيد…

في النهاية، لا مفرّ من التساؤل عن مدى النفوذ الإيراني داخل “حماس” التي تضع شروطاً مستحيلة من أجل الموافقة على وقف للنار في غزّة بموجب المبادرة التي طرحها الرئيس جو بايدن. تتصرّف “حماس” كما لو أنّها حققت إنتصاراً كبيراً في غزّة بمجرد أنّها تحتجز إسرائيليين. كلّ ما يهمّ الحركة التوصل إلى إتفاق يعيد الوضع في غزّة إلى ما كان عليه قبل السابع من تشرين الأوّل – أكتوبر الماضي يوم شنّت هجوم طوفان الأقصى”.
فرضت إيران نفسها في كلّ ملفّ من ملفات المنطقة، خصوصاً أنّها تمتلك مفاتيح توسيع حرب غزّة ساعة تشاء

حسنا، ما دام المطلوب العودة إلى ما قبل السابع من تشرين الأوّل – أكتوبر الماضي، لماذا كان “طوفان الأقصى” الذي هزّ إسرائيل من أساسها، لكنّه أدى في الوقت ذاته إلى ردّ فعل وحشي. كانت نتيجة ردّ الفعل  تدمير غزّة عن بكرة أبيها وتهجير أهلها.

حماس الداخل غير حماس الخارج

على الطاولة الآن مبادرة أميركيّة تتضمّن تناقضات كثيرة في طليعتها غياب أي موافقة إسرائيليّة رسميّة عليها، خلافاً لما يدعيه مسؤولون أميركيون. لكنّ هل تمتلك “حماس” القوة التي تسمح لها بوضع شروط من أجل قبول المبادرة وفرض تعديلات عليها؟

تكمن المشكلة الأساسيّة في أنّ “حماس” الداخل، أي “حماس” غزّة غير “حماس” الخارج من جهة وفي النفوذ الإيراني على الحركة من جهة أخرى. ليس ما يشير، أقلّه إلى الآن، أن في استطاعة دولة قطر التي استثمرت طويلا في “حماس”، خصوصا منذ سيطرتها على غزة منتصف العام 2007، منافسة “الجمهوريّة الإسلاميّة”. لا يعني ذلك في طبيعة الحال غياب إتصالات قطريّة – إيرانيّة أو محاولات للتنسيق بين الجانبين، بمقدار ما يعني وجود حسابات خاصة بـ”الجمهوريّة الإسلاميّة”. تعتبر “الجمهوريّة الإسلاميّة” “حماس” ورقة من أوراقها في المنطقة من جهة ولا ترى أن هناك ما يدعو إلى وقف سريع للنار من جهة أخرى”.
على الطاولة الآن مبادرة أميركيّة تتضمّن تناقضات كثيرة في طليعتها غياب أي موافقة إسرائيليّة رسميّة عليها، خلافاً لما يدعيه مسؤولون أميركيون

تستطيع الولايات المتحدة تحويل مبادرتها إلى قرار صادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وتستطيع الحصول على تأييد الدول الصناعية السبع الكبرى، التي اجتمعت في إيطاليا، لهذه المبادرة التي حظيت بدعم عربي كبير. لكنّ الحلقة الناقصة تظلّ إيران نفسها ونفوذها داخل “حماس”. يفوق  النفوذ الإيراني النفوذ التركي الذي كان مفترضاً أن يكون الأقوى داخل “حماس” في ضوء العلاقة التي تربط حزب العدالة الحاكم بالحركة. ينتمي الجانبان التركي والحمساوي إلى مدرسة واحدة هي مدرسة الإخوان المسلمين…

كيف ستتعاطى أميركا مع إيران؟

كيف ستتعاطى أميركا مع إيران بعدما تبيّن أن “الجمهوريّة الإسلاميّة” عرفت تماما من أين تؤكل الكتف وكيف جعل حرب غزّة تصبّ في مصلحتها. كان آخر دليل على ذلك الزيارة التي قام بها لبغداد وزير الخارجيّة الإيراني بالوكالة علي باقري كني. إختار الوزير الإيراني التوقيت المناسب لزيارة العاصمة العراقيّة ولأحد المعالم الإيرانية التي أقيمت فيها. ليس مهمّا من التقى باقري في بغداد. المهمّ ذهابه إلى المكان الذي أقيم فيه النصب التذكاري لقاسم سليماني الذي يظهر فيه يدا بيد مع أبو مهدي المهندس نائب قائد “الحشد الشعبي”. بات النصب يرمز إلى حجم النفوذ الإيراني في العراق حيث اغتيل قائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري” مع أبو مهدي المهندس بعيد مغادرتهما مطار بغداد مطلع العام 2020. نفذت مسيّرة أميركيّة عملية إغتيال سليماني الذي يشكلّ الرمز الأبرز للمشروع التوسّعي الإيراني في المنطقة، وهو مشروع أخذ بعدا جديدا مختلفا بعد بدء حرب غزّة وظهور مدى عمق العلاقة القديمة التي تربط بين “حماس” وطهران.

أراد الوزير باقري تأكيد أنّ إيران موجودة في العراق كي تبقى فيه وأن لا شيء يمكن أن يهز هذا الوجود، تماما كما الحال في لبنان وسوريا وشمال اليمن. إنّه واقع لا يمكن للولايات المتحدة تجاهله، خصوصا بعدما تبيّن أن مبادرة بايدن لا  تواجه فقط شروط “حماس” التي ترفض الإعتراف بما حلّ بغزة. تواجه المبادرة الأميركيّة أيضا شروط رئيس الحكومة الإسرائيليّة بنيامين نتانياهو وحلفائه في أقصى اليمين الإسرائيلي. يصر “بيبي” وحلفاؤه على استمرار الحرب من منطلق أن وقفها سيعني عاجلا أم آجلا تغييرا كبيرا في إسرائيل.
أراد الوزير باقري تأكيد أنّ إيران موجودة في العراق كي تبقى فيه وأن لا شيء يمكن أن يهز هذا الوجود

بين شروط “حماس” وشروط الحكومة الإسرائيليّة، لم يعد معروفا كيف سيتصرّف الرئيس الأميركي الذي سيتوجب عليه قريبا الإعتراف بالواقع القائم، أي بالثقل الإيراني في المنطقة. لم يعد من شكّ بأنّ هناك محاولات أميركيّة لإزاحة “بيبي” نتانياهو. تدلّ على ذلك استقالة بني غانتس من حكومة الحرب. وجه غانتس، وهو رئيس سابق للأركان وأحد أبرز المرشحين لتولى رئاسة الحكومة الإسرائيلية مستقبلا، إنتقادات شديدة إلى الحكومة الحالية ورئيسها داعيا إلى انتخابات نيابية باكرة تمهيدا لإحداث تغيير داخل إسرائيل. لكنّ الواضح أنّ التغيير الداخلي الإسرائيلي، الذي تسعى إليه واشنطن، لن يكون كافيا في حال كان مطلوبا مقاربة حرب غزّة من زاوية الحل الشامل في المنطقة.

لن تتمكن أميركا، بقي بايدن أم عاد دونالد ترامب إلى البيت الأبيض بعد أشهر قليلة، من الهرب من السؤال المتمثل بما العمل مع إيران؟ إلى متى الهرب الأميركي من  السؤال الصعب عبر محادثات مباشرة وغير مباشرة مع طهرانعبر سلطنة عُمان وغيرها؟ الجواب أن الهرب لا يمكن أن يستمرّ إلى ما لا نهاية في ضوء غياب الرغبة الأميركية، أو على الأصحّ القدرة لدى واشنطن على الرضوخ لما تريده “الجمهوريّة الإسلاميّة” من اعتراف بدورها الإقليمي المهيمن…

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أميركا والهرب من السؤال الإيراني الصعب… أميركا والهرب من السؤال الإيراني الصعب…



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib