ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

المغرب اليوم -

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

سيحاول دونالد ترامب تغيير الولايات المتحدة. هل ينجح في ذلك في ضوء الانتصار الكاسح الذي حققه على كامالا هاريس والذي سمح بالعودة إلى البيت الأبيض؟ الجواب أنّ ذلك ليس معروفاً بعد في ضوء صعوبة هذه المهمة التي تتطلب نسف مفاهيم كثيرة تعتبر جزءاً لا يجزّأ من الحياة السياسية في البلد. بين أبرز هذه المفاهيم موازين معيّنة بين السلطات الثلاث (التنفيذية والتشريعية والقضائية) يحفظ هامشاً للحرية لكلّ سلطة من جهة ويسمح للكونغرس بمنع طغيان البيت الأبيض على الشأن العام داخلياً وخارجياً من جهة أخرى.

الأمر الوحيد الأكيد أنّ ترامب سيحاول أن يكون شبه ديكتاتور في بلد اعتاد فيه مجلسا الكونغرس، كذلك القضاء، الحؤول دون تمكن المقيم في البيت الأبيض أن يكون طليق اليدين كلّياً.

يظهر ذلك واضحاً من خلال الشخصيات التي اختارها الرئيس العائد كي تشغل مواقع مهمة في إدارته. بات في الإمكان القول، في ضوء مراجعة النبذات الشخصية المتعلّقة بكلّ من هذه الشخصيات أن ما حصل في الولايات المتحدة مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض ابتداء من العشرين من يناير المقبل، سيمهد لانقلاب، بكلّ ما في الكلمة من معنى. فما يجمع بين معظم الذين شغلوا مواقع مهمّة في الإدارة الأميركية الجديدة أنّهم من خارج المؤسسات التقليدية الأميركية، كما يريدون تغيير طبيعة هذه المؤسسات. الأكيد أنّه يجمع بين معظم هؤلاء أيضا الولاء لليمين الإسرائيلي ومواقف متطرفة من إيران وحتى من الصين وروسيا.

على رأس الذين أتى بهم ترامب، من أجل تنفيذ انقلابه، يأتي إيلون ماسك، أغنى أغنياء العالم الذي أخذ على عاتقه ترشيد الإنفاق الحكومي من دون أخذ في الاعتبار للفارق بين مؤسسات الدولة وخصوصياتها من جهة والشركات الخاصة التي تستهدف تحقيق الربح من جهة أخرى. الأهم من ذلك كلّه، أن ماسك سيكون صاحب رأي في السياسة أيضاً. كان إلى جانب ترامب عندما اتصل بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، تمهيداً لصفقة ما مع فلاديمير بوتين.

تثير هذه الصفقة كلّ الشكوك الأوروبية، إذ يخشى أن تفرض الإدارة الأميركية الجديدة تخلي أوكرانيا لروسيا عن أراض احتلها جيشها أخيراً. أكثر من ذلك، بات على أوروبا اتخاذ مواقف خاصة بها تأخذ في الاعتبار أن أميركا غير مهتمة بسقوط أوكرانيا في يد روسيا والانعكاسات الخطيرة لمثل هذا التطور. بكلام أوضح، ستجد أوروبا نفسها مضطرة للتعاطي مع أميركا من نوع مختلف على استعداد للتخلي عن حلف شمال الأطلسي (ناتو) الذي يشكل عماد الدفاع عن العالم الغربي.

ليس إيلون ماسك الشخص الوحيد الذي يعبّر عن خطورة الانقلاب الذي ينوي العائد إلى البيت الأبيض تنفيذه. هناك أيضاً وزير الدفاع المعيّن بيت هيغسيث، الذي كان ضابطا في الحرس الوطني الأميركي. خدم هيغسيث في العراق وأفغانستان قبل الانتقال إلى العمل في الإعلام، في «فوكس نيوز» تحديداً. سيدير الرجل الذي يبلغ الـ44 من العمر والذي غطى جسده بالأوشام، التي بينها وشم لصليب كان يحمله المشاركون في الحملات الصليبية، إدارة أكبر آلة حرب في العالم تمتلك موازنة تقدر بـ850 مليار دولار سنوياً. سيشرف هيغسيث على مليون وثلاثمئة ألف عسكري في الخدمة ومليون وأربعمئة ألف من العسكريين الاحتياطيين والموظفين الإداريين المدنيين. بالنسبة إلى ترامب، ستكون مهمة هذا الضابط السابق، الذي لا يعرف الكثير عن وزارة الدفاع والمؤسسة العسكرية، تطهير هذه المؤسسة من عدد من الضباط الكبار، الذين لم يخفوا خشيتهم من عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض واعترضوا على سياسات معيّنة نادى بها. عاد ترامب وهاجسه الانتقام من كلّ من قاوم تلك العودة واعتبره خطراً على الديمقراطيّة وعلى المؤسسات الأميركية.

من يعيّن وزيراً للدفاع من هذا النوع، يسهل عليه إرسال القسيس السابق مايك هوكابي، سفيراً إلى إسرائيل. معروف عن هوكابي أنّه مؤيد لكلّ ما يمثله اليمين الإسرائيلي الذي يسمّي الضفة الغربية يهودا والسامرة، استناداً إلى التوراة. لا يخفي هوكابي، الحاكم السابق لأركنساو، أنّه داعم للاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربيّة، أي لاستمرار الاحتلال. كذلك لا يخفي علاقته بالوزيرين بتسلئيل سموتريتش (وزير المال) وجدعون سعار (وزير الخارجية) اللذين يمثلان أقصى التطرف الإسرائيلي. كيف يمكن لسفير من هذا النوع لعب دور الوسيط مع الجانب العربي من جهة إعادة إسرائيل إلى جادة الصواب وإفهامها أنه يوجد شعب فلسطيني لا يمكن تجاوزه بغض النظر عما ارتكبته «حماس» من جهة أخرى؟

يوجد بالطبع آخرون، سيحتلون مواقع مهمة في الإدارة الجديدة. هؤلاء يثيرون كلّ أنواع المخاوف. إنّّهم يرمزون في الوقت ذاته إلى نية دونالد ترامب في الذهاب بعيداً في انقلابه الداخلي الذي سيعني مزيداً من الأزمات والمشاكل في داخل الولايات المتحدة وفي العالم، خصوصاً عندما يطرح موضوع إيران وسلاحها النووي ودورها الإقليمي. يأتي ذلك في وقت تبدو أوروبا في وضع الحائر من أمره والباحث عن موقع في هذا العالم، خصوصاً في حال تخلي إدارة دونالد ترامب عن سياسة دعم أوكرانيا وعن حلف شمال الأطلسي (ناتو).

يبقى الأخطر من ذلك كلّه، إلى إشعار آخر، أنّ لا حسيب ولا رقيب على البيت الأبيض لسنتين على الأقل، بعدما سيطر الجمهوريون على مجلسي الكونغرس. هل ينجح ترامب في انقلابه أم تجبره الأحداث التي يمرّ فيها العالم على التصالح مع الواقع والتخلي عن سياسات أقرب إلى الوهم من أي شيء آخر؟

وحده الوقت كفيل بالردّ على هذا التساؤل فيما ستكون هناك حاجة إلى تأقلم الإدارة الجديدة مع ما يشهده العالم من تطورات سريعة في أماكن مختلفة. لا يقتصر الأمر على أوكرانيا حيث رشحت معلومات ان الرئيس بايدن الذي لايزال في البيت الأبيض سمح باستخدام صواريخ أميركيّة بعيدة المدى لإفشال الهجوم الروسي الأخير الذي تدعمه قوات كوريّة شمالية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور



GMT 19:50 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

نكتة سمجة اسمها السيادة اللبنانية

GMT 19:48 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

اكتساح حلب قَلبَ الطَّاولة

GMT 19:46 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

جاءوا من حلب

GMT 19:44 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

هو ظل بيوت في غزة يا أبا زهري؟!

GMT 19:39 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

... عن الانتصار والهزيمة والخوف من الانقراض!

GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 19:33 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الأوركسترا التنموية و«مترو الرياض»

GMT 19:30 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

بعيداً عن الأوهام... لبنان أمام استحقاق البقاء

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:50 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

ميركل تكشف السر وراء صورتها الشهيرة مع بوتين والكلب الأسود
المغرب اليوم - ميركل تكشف السر وراء صورتها الشهيرة مع بوتين والكلب الأسود

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين

GMT 08:25 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

نتائج القسم الثاني لكرة القدم بالمغرب

GMT 07:21 2023 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

أبرز النجمات اللواتي ارتدين البدلة الرسمية هذا العام
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib