مجموعة مآزق… تركها يحيى السنوار

مجموعة مآزق… تركها يحيى السنوار

المغرب اليوم -

مجموعة مآزق… تركها يحيى السنوار

خير الله خير الله
بقلم - خيرالله خيرالله

لم يعش يحيى السنوار رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” ما فيه الكفاية كي يرى ما فعلته يداه ليس على الصعيد الفلسطيني فحسب، بل على صعيد المنطقة كلّها، بما في ذلك بلد مثل لبنان. ربط لبنان، بطلب إيراني، نفسه بحرب غزّة. يدفع حاليا ثمن هذا الربط الذي أدّى إلى تهجير مليون ونصف مليون من مواطنيه… وكي يقول رئيس مجلس الشورى الإيراني (مجلس النواب) محمد باقر قاليباف إن “الجمهوريّة الإسلاميّة” مستعدة للتفاوض مع فرنسا في شأن تنفيذ القرار الرقم 1701.

شئنا أم أبينا، غيّر السنوار المنطقة ودخل التاريخ من بابه العريض. يكفي أنّ الرجل استطاع، بثقافته التي في غاية التواضع، تغيير طبيعة الشرق الأوسط كلّه بما في ذلك طبيعة القضيّة الفلسطينيّة. سمح، بشنه هجوم “طوفان الأقصى”، لإسرائيل بإزالة غزّة من الوجود… فيما العالم في موقف المتفرّج، بل المتعاطف مع الدولة العبريّة.

لا يمكن تجاهل أنّ السنوار غيّر إسرائيل أيضا. إسرائيل ما بعد “طوفان الأقصى”، أي بعد السابع من تشرين الأوّل – أكتوبر 2023، غير إسرائيل قبل ذلك اليوم الذي استطاعت فيه “حماس – السنوار” قتل 1200 إسرائيلي ومواطنين من دول أخرى في مستوطنات غزّة وأسر نحو 250 آخرين ليس معروفا بعد مصير عديدين منهم. أكثر من ذلك، أجبر السنوار إسرائيل على خوض أطول حرب في تاريخها، منذ قيامها قبل ما يزيد على خمسة وسبعين عاما. حوّل السنوار إسرائيل إلى دولة متوحشة لا أكثر. دمرت إسرائيل غزّة في غياب القدرة على تدمير “حماس” ودمرت جزءا من لبنان في غياب القدرة على الانتهاء من الميليشيا المذهبيّة الإيرانيّة المسماة “حزب الله”.

مع قتل السنوار، إثر مطاردة زادت على السنة، انتهت مرحلة وبدأت مرحلة أخرى. أي “حماس” ستخلف “حماس – السنوار” التي حولت غزّة إلى أرض طاردة لأهلها؟ الأكيد أن إسرائيل لم تقض على الحركة التي خدمت أهدافها منذ اليوم الأول لقيامها عن طريق رفع شعارات من نوع “تحرير فلسطين من البحر إلى النهر” أو “فلسطين وقف إسلامي”. خدم هذا النوع من الشعارات كلّ من اعترض في إسرائيل على خيار الدولتين وعلى مفاوضات تؤدي إلى تسوية معقولة ومقبولة تستجيب لحدّ أدنى من تطلعات الشعب الفلسطيني. سهلت “حماس” عبر شعاراتها وصواريخها على أرييل شارون وبنيامين نتنياهو وغيرهما رفع شعار “لا وجود لطرف فلسطيني يمكن التفاوض معه”.

لم تكن “حماس” في يوم من الأيّام سوى في خدمة المشروع التوسعي الإسرائيلي من جهة وخدمة المشروع التوسّعي الإيراني من جهة أخرى. عملت، عبر العمليات الانتحاريّة، على نسف كلّ محاولة تستهدف تحقيق تقدّم للعملية السلميّة التي تلقت الضربة تلو الأخرى منذ اغتيال إسحق رابين في تشرين الثاني – نوفمبر 1995.

أي “حماس” بعد “حماس – السنوار”؟ سيترك الرجل فراغا كبيرا على كلّ المستويات، لكنّ بصماته باقية، خصوصا بعدما كشف أوّل ما كشف مدى إفلاس السلطة الوطنيّة التي على رأسها محمود عبّاس (أبومازن). لا دور لهذه السلطة التي تواجه تحديا كبيرا يتمثل في مواجهة المشروع الإسرائيلي في الضفّة الغربيّة وهو مشروع يستهدف تصفية القضيّة الفلسطينية.

ترك السنوار “حماس” في مأزق اسمه مأزق غزّة. بتدميرها غزّة، دمرت إسرائيل “الإمارة الإسلامية” التي أقامتها الحركة في القطاع منذ منتصف العام 2007 عندما قضت على وجود “فتح” في غزّة. ماذا ستفعل “حماس” في غياب “إمارتها”. هل تعتقد الحركة أنّ العالم، بما في ذلك العالم العربي، سيعيد بناء غزّة من أجل أن تعود “حماس” إلى تولي أمر القطاع؟ المضحك المبكي أنّ الشخص الأقرب إلى السنوار في قيادة “حماس”، ويدعى خليل الحيّة يتحدّث الآن عن أن لا إطلاق للرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزّة من دون “انسحاب إسرائيلي كامل” من القطاع؟ متى يعود الحيّة وغير الحيّة إلى أرض الواقع التي لا مفرّ من العودة إليها؟

في الواقع، خلف السنوار خلفه مجموعة من المآزق. لا يمكن تجاهل المأزق اللبناني الذي لا خروج منه من دون توقف لإطلاق الصواريخ في اتجاه الأراضي الإسرائيلية ومن دون تنفيذ دقيق للقرار 1701 مع ما يعنيه ذلك من خروج لمسلحي “حزب الله” من منطقة عمليات القوة الدوليّة التابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان.

الأهمّ من ذلك كلّه المأزق الإسرائيلي. لا مشروع سياسيا إسرائيليا غير مشروع الاحتلال. ليس معروفا إلى متى تستطيع الدولة العبريّة البقاء في حال حرب على جبهات عدّة، فيما اقتصادها ينهار بشكل يومي.

تستفيد إسرائيل حاليا من مرحلة ما قبل الانتخابات الرئاسيّة الأميركيّة. يتنافس المرشحان دونالد ترامب وكامالا هاريس على استرضائها. ماذا بعد الانتخابات في الخامس من تشرين الثاني – نوفمبر المقبل؟ ليس أكيدا أن الولايات المتحدة ستبقى مستسلمة كلّيا لإسرائيل ولرغبات بنيامين نتنياهو. لدى أميركا مصالح أخرى في المنطقة. سيكون عليها أن تأخذ في الاعتبار أن إعادة بناء غزّة… وحتّى إعادة بناء لبنان، أمران يحتاجان إلى تعاون مع الدول العربيّة القادرة ولتنسيق معها.

يبقى أخيرا المأزق الإيراني الذي خلفه السنوار. سعت “الجمهوريّة الإسلاميّة” إلى استغلال “طوفان الأقصى” إلى أبعد حدود. شنت حروبا خاصة بها على هامش حرب غزّة. جاءت ساعة الحقيقة بعدما صارت في مواجهة مباشرة مع إسرائيل، كذلك مع أميركا إلى حدّ ما. ما الذي ستفعله في حال تلقت ضربة إسرائيليّة قويّة؟ هل تتجرّأ على الرد عن طريق استهداف المنشآت الحيوية في دول الخليج العربي مستخدمة سياسة الابتزاز التي اعتادت ممارستها في كلّ وقت من الأوقات؟

من حيث يدري أو لا يدري… والأرجح أنّه لم يكن يدري، غيّر يحيى السنوار المنطقة. ما لم يغيره وجود شعب فلسطيني على أرض فلسطين، وهو شعب لديه قضيّة لا يمكن تذويبه غدا أو بعد غد.

نقلاً عن "العرب"

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مجموعة مآزق… تركها يحيى السنوار مجموعة مآزق… تركها يحيى السنوار



GMT 16:51 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتصار

GMT 16:49 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إلى الكويت لحضور “قمة الخليج 45”

GMT 16:46 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران والدور الجديد لـ«حزب الله»

GMT 16:44 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران... وسورية المكلِّفة

GMT 16:42 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

من دفتر الجماعة والمحروسة

GMT 16:41 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

السلام في أوكرانيا يعيد روسيا إلى عائلة الأمم!

GMT 16:39 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

«وباء العنف الجنسي» في حرب السودان

GMT 16:38 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

اعتقال نتنياهو بين الخيال والواقع

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib