الإيراني في سورية في غياب الروسي

الإيراني في سورية... في غياب الروسي

المغرب اليوم -

الإيراني في سورية في غياب الروسي

خيرالله خيرالله
بقلم : خيرالله خيرالله

تعطي زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لدمشق فكرة عن ضعف الموقف الروسي في سورية. لم يعد في سورية سوى لاعب أساسي واحد يقف إلى جانب النظام. هذا اللاعب هو اللاعب الإيراني وذلك في ضوء انهماك فلاديمير بوتين في الحرب الأوكرانيّة.

ليس تعرض الكرملين لهجوم بواسطة مسيرتين سوى دليل على أنّ بوتين خسر الحرب الأوكرانيّة. لن يدفع الثمن في الداخل الروسي فحسب، سيدفعه أيضاً في أنحاء مختلفة من العالم، حيثما تعتقد موسكو أنّ لديها وجوداً عسكرياً أو ثقلاً سياسياً. فشل الهجوم بواسطة المسيرتين على الكرملين، لكنه يبقى لهذا الهجوم طابعه الرمزي بغض النظر عن الجهة التي تقف خلفه، أكانت أوكرانيا أم لا.

لا شكّ أن هناك لاعبين آخرين على الأرض السوريّة. يوجد الإسرائيلي الذي قرّر ضرب أهداف قرب مطار حلب قبل يومين من وصول الرئيس الإيراني إلى دمشق.

من يضرب مطار حلب كان يستطيع تعطيل مطار دمشق ساعة يشاء من دون خشية من أي ردّ فعل. يوجد الأميركي الذي يسيطر على قسم لا بأس به من الثروات السوريّة، بما ذلك قسم من الأراضي الزراعية وحقول النفط والغاز. يوجد أيضاً التركي الذي يسيطر على جزء من الشمال السوري...

يسمّي النظام السوري الاحتلالات الإسرائيلية والأميركيّة والتركية بالاحتلالات «غير المشروعة» أو «غير الشرعيّة».

جاء الإيراني ثم جلب الروسي للمساعدة في بقاء النظام، أقلّه في دمشق.

كيف يمكن لنظام لا يمتلك أصلا أي شرعيّة من أي نوع كان شرعنة الاحتلالين الروسي والإيراني؟

بعيداً عن الجدل الدائر في شأن الاحتلال الشرعي والاحتلال غير الشرعي، تعبّر زيارة الرئيس الإيراني عن تطور في العلاقات بين دمشق وطهران.

يتناول هذا التطور طبيعة هذه العلاقة، خصوصا أن «الجمهوريّة الإسلاميّة» تدرك جيدا أنّ الفضل الأوّل لبقاء النظام على قيد الحياة يعود إليها وحدها. بكلام أوضح، لم تعد إيران في حاجة إلى روسيا في سورية.

لدى بشّار الأسد، من دون شكّ الشعور نفسه تجاه بوتين. لو لم يكن الأمر كذلك، لما رفض رئيس النظام السوري الاستجابة لرغبة بوتين في عقد لقاء بينه وبين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل موعد الانتخابات الرئاسية التركية في الرابع عشر من مايو الجاري.

مثلما ترمز المسيرتان اللتان استهدفتا الكرملين إلى ضعف بوتين، ترمز زيارة رئيسي لدمشق إلى إحكام السيطرة الإيرانية على النظام السوري في غياب أي منافس على الأرض.

في النهاية، لا يستطيع الأسد الإجابة عن أي سؤال يوجهه إليه أي مسؤول عربي يلتقيه، خصوصاً أن لديه حساسية زائدة على ذكر القرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن... أو تجاه العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى المناطق التي أخرجوا منها على يد النظام أو الميليشيات المذهبيّة التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني.

جاء الرئيس الإيراني إلى دمشق في هذا التوقيت بالذات ليؤكّد أنّ «الجمهوريّة الإسلاميّة» باتت «الاحتلال الشرعي الوحيد» في سورية. أكثر من ذلك، جاء ليؤكّد أن لدى «الجمهوريّة الإسلاميّة» ما تكرّس به هذا الاحتلال الذي يعني بين ما يعنيه تغيير التركيبة الديموغرافيّة لسورية.

كيف ذلك؟ يكفي الإيرانيين القيام بجردة حساب مع النظام السوري كي يحققوا ما تصبو إليه «الجمهوريّة الإسلاميّة». ستكشف أي جردة حساب حجم الدين المترتب على سورية من جهة وحجم الاستثمارات والمساعدات الإيرانية للنظام... هذا إذا وضعنا جانبا الميليشيات المذهبيّة ذات المشارب المختلفة التي وضعت في تصرّف الأسد منذ بداية الثورة الشعبيّة التي استهدفت نظامه الأقلّوي.

يبدو الوجود الإيراني في سورية أقوى من أي وقت في حين ضعف النفوذ الروسي أكثر من أي وقت.

ما نراه في سورية اليوم نتيجة من نتائج الحرب الأوكرانيّة التي يرفض بوتين الاعتراف بأنه خرج منها خاسراً... وأنّ مستقبله السياسي صار على المحكّ.

في المقابل، عرف الجانب الإيراني بدهائه المعهود استغلال الرئيس الروسي إلى أبعد حدود منذ خريف العام 2015 وذلك بغية إنقاذ النظام السوري الذي لا غنى عنه لـ«الجمهوريّة الإسلاميّة». استغلّ الجانب الإيراني بوتين وبات الآن في وضع المستغني عنه في سورية.

مع مجيء إبراهيم رئيسي إلى دمشق، دخلت الأزمة السوريّة مرحلة جديدة. لا يقتصر الأمر على اضمحلال النفوذ الروسي بمقدار ما أنّ السؤال الأساسي ما ستكون عليه المواقف الأميركية والتركيّة والإسرائيلية؟ الأكيد، بالنسبة إلى تركيا أن لا بد من انتظار نتائج الانتخابات الرئاسية فيها.

إذا فاز أردوغان، لن يتغيّر شيء.

إذا فاز منافسه كمال كيليتشدار أوغلو، ستكون تركيا أكثر أطلسيّة، أي انتماء لحلف شمال الأطلسي ولأميركا.

أما أميركا نفسها، فليس ما يشير إلى أنّ في نيتها التخلي عن القرار 2254 وعن أحداث تغيير حقيقي في سورية. تبقى إسرائيل التي تجد ضمانة في بقاء النظام السوري الحالي الذي أخذ على عاتقه تفتيت سورية بدعم إيران وميليشياته.

لم يوجد في المنطقة نظام قدّم كلّ هذه الخدمات لإسرائيل تحت شعاري «المقاومة» و «الممانعة» منذ ما قبل سقوط الجولان تحت الاحتلال في العام 1967.

من الواضح أن إيران، حيث يتعرّض النظام لتحديات لا سابق لها في ضوء فشله الداخلي على كلّ صعيد، تفكّر في مرحلة ما بعد الحرب الأوكرانية. هذا ما يفسّر إلى حدّ ما المصالحة مع المملكة العربيّة السعوديّة، برعاية صينيّة.

جاء رئيسي إلى دمشق في إطار تجميع أوراق «الجمهوريّة الإسلاميّة».

سبقه وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان إلى لبنان، ليؤكّد أن هذا البلد مستعمرة إيرانيّة لا اكثر. يبقى الأهمّ، في ما يخص زيارة رئيسي لسورية الثمن المطلوب دفعه مقابل الديون المترتبة على دمشق. كم سيعطي النظام «الجمهوريّة الإسلاميّة» من الأراضي وما هي القطاعات التي سيسمح له بالسيطرة عليها... ما دام لا منافس روسيا له بعد الآن؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإيراني في سورية في غياب الروسي الإيراني في سورية في غياب الروسي



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
المغرب اليوم - الكشف عن قائمة

GMT 03:28 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

يستقبل الرجاء الكوديم والوداد يواجه الفتح

GMT 03:05 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

تواركة يعمق جراح شباب المحمدية

GMT 08:39 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عملة البتكوين تتخطى 80 ألف دولار للمرة الأولى في تاريخها

GMT 02:38 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تسعى لشراء قمح في ممارسة دولية

GMT 19:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 00:46 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

دبي تعلن عن أكبر صفقة عقارية هذا العام بأكثر من 137 مليون دولار

GMT 15:58 2019 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

المغرب الفاسي يسدد ديون الضمان الاجتماعي

GMT 06:55 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

طريقة عمل بروتين لشعرك من "المواد الطبيعة"

GMT 01:31 2023 الثلاثاء ,17 كانون الثاني / يناير

آرون رامسديل يتعرض للانتقادات في آرسنال

GMT 20:41 2020 الأحد ,26 تموز / يوليو

غرف نوم باللون التركواز

GMT 03:47 2019 الأحد ,20 تشرين الأول / أكتوبر

ثعلب وسنجاب بطلا أفضل صورة للحياة البرية لعام 2019

GMT 11:48 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

شخصيات في حياة أحمد زكي والعندليب

GMT 00:01 2013 الأحد ,09 حزيران / يونيو

فقمة القيثارة مخلوق غريب لايتوقف عن الأبتسام

GMT 12:14 2017 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

السعادة المؤجلة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib