النظام الإيراني لا تراجع لا إصلاح

النظام الإيراني... لا تراجع لا إصلاح

المغرب اليوم -

النظام الإيراني لا تراجع لا إصلاح

مصطفى فحص
بقلم : مصطفى فحص

سواء ألغى النظام شرطة الأخلاق أم لم يلغها، الأهم أنه تحت وطأة الاحتجاجات اتخذ خطوته الأولى إلى الوراء، تراجع ظاهرُه واضح، تنازُل أمام المحتجين في محاولة يائسة لاحتوائهم، أما مضمونه، أيْ القرار، فإنه يحتوي على كثير من الغموض، ولا يوحي بأن النظام يدرك عمق أزمته، بل يكابر ويراهن على عامل الوقت حتى تتسنَّى له الظروف المواتية لكي يعيدَ الأمور إلى النصاب الذي يريد. لكن ما لم يدركه النظام في المشهد المستمر منذ أكثر من 10 أسابيع أن الوقت أو الزمن يسير باتجاه مخالف لاتجاهه، وبأنَّ حركة الاحتجاجات التي أسَّست لحالة التمرد في الشارع بدأت تترك تداعياتها على بنيته الداخلية، دفعت كبار شخصيات الثورة والدولة إلى نوع من التبرؤ من أفعال النظام، وأوضح دليل على محاولة التمايز عنه التصريح الأخير لرئيس الجمهورية السابق الإصلاحي محمد خاتمي، الذي دعا إلى «مد يد العون للطلاب والاعتراف بجوانب الحوكمة الخاطئة قبل فوات الأوان».

بدا خاتمي في تصريحه الذي أثار حفيظة قوى النظام التي هاجمته بعنف كمن يعلن انشقاقه علانية، انشقاق وصل إلى مستوى أنه وصف شعار الاحتجاجات الرئيسي «امرأة، حياة، حرية» بـ«الرائع». وهذا ما يمكن عدّه جرأة كبيرة من رجل دين في نظام ثيوقراطي، وشجاعة من شخصية مؤثرة، لا يمر كلامها مرور الكرام، ويمكن وضعه في عدة سياقات واحتمالات، خصوصاً أنه من الصعب التشكيك في نيات خاتمي حتى لو اتهمه البعض بأنه قد يكون مدفوعاً من بعض أطراف النظام من أجل تنفيس الشارع، ولكن هناك احتمال آخر أيضاً هو أن يكون أحد أطراف النظام يحاول الاستنجاد بخاتمي قبل فوات الأوان، ولكن يبقى الأمر اللافت أن خاتمي تبنى الشعار الأبرز الذي ترفعه حركة الاحتجاجات، وهذا ما لا يمكن أن يساوم عليه النظام.
السؤال الذي يطرح نفسه حول معضلة النظام الإيراني المزدوجة: هل هو قادر على التراجع؟ وهل يمكن أن يستفيد نوعاً ما من موقف الرئيس خاتمي؟! الاحتمال الأقرب أن النظام في طبيعته ليس بإمكانه تقديم تنازلات حقيقية، وهذا يعني أنه من المستحيل أن يقوم بخطوات إصلاحية حقيقية، وهنا يجب التفريق بين الإصلاحات والحركة الإصلاحية، رغم أن هناك من يربط بينهما، أي لا إصلاحات من دون الإصلاحيين.
فعلياً، من المستحيل أن يتراجع النظام عن موضوع الحجاب، وبالعكس فإن إلغاء شرطة الأخلاق ليس إلا لأنها فشلت في تحقيق مهمتها، وقد يوكل الأمر إلى جهات أخرى تنفذه بأسلوب جديد أكثر احترافية، خصوصاً أنه وضع نظام عقوبات مالية على من لا ترتدي الحجاب، من خلال حرمانها من التعاملات البنكية، فالحجاب الإلزامي هو غطاء عقائدي لشكل النظام، من يطالب بنزعه أشبه بمن يريد رفع الستر عنه، وهذا من المستحيلات في قاموسه. أما من ناحية أن يكون التراجع مقدمة لإصلاحات، يحاول النظام إبقاء تراجعه شكلياً حتى لو كان فيه انتصار معنوي لحركة الاحتجاجات، ما يعني أن الإصلاحات مستحيلة.
في هذا السياق يرى عدد من العارفين بالشأن الإيراني أن بعد تجربة عقود من حكم الإصلاحيين والمعتدلين، كانت هناك صعوبة في إصلاح النظام من الداخل، وهذا الأمر يشير إلى ضعف تأثير التيار الإصلاحي السياسي على طبيعة نظام الجمهورية عندما كان في السلطة، ما يدفع إلى التساؤل حول موقف الرئيس خاتمي وأين يمكن وضعه، فبالنسبة للمفكر التنويري الإيراني مصطفى ملكيان فإنَّ هناك حالة يأس من إمكانية إصلاح النظام الإيراني، إذ قال: «أنا لست إصلاحياً لأنني رأيت أن جميع الطرق مغلقة»، وهذا يعني أن ثمة قناعة تكونت لدى نخب إيرانية مؤثرة بأنه من المستحيل إصلاح النظام.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النظام الإيراني لا تراجع لا إصلاح النظام الإيراني لا تراجع لا إصلاح



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 06:38 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة
المغرب اليوم - السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 12:48 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الميزان السبت 26-9-2020

GMT 11:52 2020 السبت ,07 آذار/ مارس

تشكيل الوداد لمواجهة النجم الساحلي

GMT 04:35 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

إليكم أفضل الأماكن في لبنان لهواة رياضة ركوب الشواطيء

GMT 12:34 2019 الخميس ,13 حزيران / يونيو

موزيلا ستطرح نسخة مدفوعة من فايرفوكس

GMT 01:29 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

10 صنادل مميّزة تكمل أناقة الرجل العصري في 2019

GMT 19:33 2019 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

بايرن ميونخ يفقد أحد أسلحته أمام بريمن
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib