من حراك الريف إلى الإصلاح السياسي

من حراك الريف إلى الإصلاح السياسي

المغرب اليوم -

من حراك الريف إلى الإصلاح السياسي

بقلم : حسن طارق

منذ شهور، كنت مدعوا إلى جانب كل من الصديقين علي بوعبيد وتوفيق بوعشرين، للحديث في ندوة لجمعية المشروع الجديد، تفاعلا مع أرضية للنقاش أعدها الأستاذ محمد الأشعري، تضمنت توصيفا لمؤشرات التحول السياسي المعاق في بلادنا، مكثفة في سؤال “من يكبل الآخر: الحقل السياسي أم الحقل الحزبي؟”.

صيغة السؤال الحارق، كانت في الواقع تحيل على الحلقة المفرغة التي آلت إليها دينامية الإصلاح، بعد الابتعاد التدريجي عن قوة الدفع التي خلقتها سياقات2011. حيث ووجهت المساحات الجديدة للشرعية الديمقراطية التي خلقها الدستور، بترتيب سلطوي كان يقوم على اعتبار لحظة الربيع المغربي كمجرد تدبير تكتيكي، وكقوس سرعان ما ينبغي غلقه.

وضمن هذا الترتيب، اشتغلت من جديد، وبكثافة آلية التحكم في الأحزاب السياسية، حيث نجحت في النهاية استراتيجية تحييد غالبية الأحزاب المنبثقة من الحركة الوطنية، وتشغيلها بطريقة فجة وكاريكاتورية في المشروع المعاكس لأطروحتها التأسيسية .

كل هذا جعل فكرة الإصلاح السياسي تختنق داخل الحقل المؤسساتي، وفقدت الحزبية المغربية لأول مرة في تاريخها القدرة على المبادرة، وعلى حمل مشروع الإصلاح بعد أن تحولت مجمل تعبيراتها إلى كيانات فاقدة للاستقلالية في القرار.

وهكذا ستأتي حكومة الإهانة، كذروة لحالة من الغرور السلطوي والاطمئنان الغريب لقدرة الدولة على التحكم في كل تفاصيل الحياة العامة، وهي حالة كانت تتعمق تصاعديا كلما ابتعدنا عن لحظة 20 فبراير، معلنة عن نفسها بطريقة مشهدية لا تخلو من الاستفزاز في كثير من المحطات، خاصة في مرحلتها الأخيرة الممتدة من بلاغ خدام الدولة، إلى الانقلاب على المنهجية الديمقراطية.

في الواقع، كنا مع هذه الحكومة التي تضمنت كل علامات ورموز الانتصار على المشروعية الشعبية الصاعدة من تحت، أمام نهاية وعد الإصلاح السياسي الذي شكل واحدا من أركان العرض السياسي الذي رافق دستور 2011.

ولأول مرة منذ التسعينيات كنا أمام مرحلة بلا أي وعد كبير (الانتقال/المصالحة /التناوب/الدستور)، والأكثر من ذلك، كنا في المقابل أمام حقل حزبي عاجز عن حمل الشعار الأكثر مطابقة لمرحلة ما بعد 8 أكتوبر: الحاجة إلى الإصلاح السياسي.

إعادة تركيب هذه الوقائع، تجعلنا نتساءل عما إذا كانت الدولة نفسها من صنع من الشارع، الفضاء الوحيد والممكن للسياسة، معوضة التمثيل بالاحتجاج، ومنظومة الوساطة الحزبية بالحركات الاجتماعية.

بلغة أخرى، قد يصح القول فعلا بأن قوس 20 فبراير قد أغلق، ليس لكي نعود إلى ما قبل 2011، كما كان الحنين السلطوي يتمنى، ولكن لكي تنطلق دينامية جديدة للإصلاح، تتجاوز الأعطاب التي أفشلت التناوب الثاني .

نعم، بمبادرة تجمع بين الحكمة والشجاعة، يمكن تحويل حراك الريف إلى نقطة انطلاق جديد لدورة الإصلاح المعطلة .

الطبقة السياسية مطالبة باستيعاب ما يقع، وبالإنصات للشارع وبالتفاعل مع غضب الشبيبة المغربية، وباقتراح خارطة طريق لإعادة الأمل وبعث الثقة .

ذلك أنها إلى حدود اللحظة، إما تستمر في سياسة “إنكار الواقع”، أو لا تعمل سوى على كتابة حواش رديئة على جواب الأمنيين 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من حراك الريف إلى الإصلاح السياسي من حراك الريف إلى الإصلاح السياسي



GMT 09:40 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

فعول، فاعلاتن، مستفعلن.. و»تفعيل» !

GMT 06:51 2018 الثلاثاء ,13 آذار/ مارس

من يسار ويمين إلى قوميين وشعبويين

GMT 07:57 2018 الثلاثاء ,06 آذار/ مارس

أسوأ من انتخابات سابقة لأوانها!

GMT 06:13 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

خطة حقوق الإنسان: السياق ضد النص

GMT 07:07 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

المهنة: مكتب دراسات

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 17:56 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
المغرب اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 17:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 22:21 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
المغرب اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 15:27 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

هنغاريا تدعم مخطط الحكم الذاتي المغربي لتسوية نزاع الصحراء
المغرب اليوم - هنغاريا تدعم مخطط الحكم الذاتي المغربي لتسوية نزاع الصحراء

GMT 09:19 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن
المغرب اليوم - فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن

GMT 04:55 2018 الثلاثاء ,07 آب / أغسطس

" Chablé" يمثل أجمل المنتجعات لجذب السياح

GMT 07:57 2018 الثلاثاء ,06 آذار/ مارس

أسوأ من انتخابات سابقة لأوانها!

GMT 20:53 2015 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

شجار بالأسلحة البيضاء ينتهي بجريمة قتل بشعة في مدينة فاس

GMT 22:28 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

ولي عهد بريطانيا يقدم خطة لإنقاذ كوكب الأرض

GMT 05:06 2018 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

"Hublot" الخزفية تتصدر عالم الساعات بلونها المثير

GMT 09:11 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

فتاة منتقبة بطلة فيلم "ما تعلاش عن الحاجب"

GMT 07:11 2018 السبت ,25 آب / أغسطس

فولكس" بولو جي تي آي" تتفوق على "Mk1 Golf GTI"

GMT 16:49 2018 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

مكرم محمد أحمد ضيف "الجمعة في مصر" على "MBC مصر"

GMT 16:34 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

مهاجم زامبي على طاولة فريق الدفاع الحسني الجديدي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib