مرحلة بلا وعود

مرحلة بلا وعود

المغرب اليوم -

مرحلة بلا وعود

بقلم : حسن طارق

بعيدا عن التفاصيل، وبالرغم من اختلاف الآفاق السياسية والفكرية للمنشغلين بسؤال الديمقراطية ببلادنا، ليس ثمة اختلافات كبرى في تقدير عناصر تشخيص اللحظة، انطلاقا من العناوين التالية:

– فشل التناوب الثاني، كما التناوب الأول، على تأمين تحول ديمقراطي ضمن مسار إصلاحي وتراكمي، واضح الأفق.

– عجز في تعايش النظام السياسي مع الإرادة الشعبية المعبر عنها، من خلال صناديق الاقتراع بالرغم من المحدودية الدستورية للمساحات الموضوعة أمام تعبيرات هذه الإرادة، ومن أثر نظام انتخابي يرعى البلقنة ويكرس توازن الضعف، ومن هشاشة البنى الحزبية، ومن سيادة الثقافة التوافقية لدى الأحزاب المستقلة.

– قدرة غير مسبوقة للدولة منذ الاستقلال في ضبط أغلبية مكونات الحقل الحزبي، وتحويلها إلى أدوات طيعة بدون أي مشاريع جماعية مستقلة.

– تعطيل مسالك التأويل البرلماني، وانهيار الفرضيات التأسيسية لدستور 2011: ربط القرار العمومي بصناديق الاقتراع، إعادة تسييس الجهاز الحكومي، إحياء الحياة الحزبية، وتحول النقاش العمومي إلى تنافس بين تصورات مختلفة للسياسات.

– الهجوم على السياسة من خلال تنصيب أغلبية ممنوحة ذات هوية لا سياسية، وتهميش المكونات الحزبية وانتعاش منافذ التنخيب العائلي والزبوني، وسطوة مراكز النفوذ الاقتصادي على القرار العام، والعودة القوية للتقنوقراط والوزراء المصبوغين على عجل، وإحياء المقاربة الأمنية في اختيار البروفيلات.

في العمق، يجب القول إنه لأول مرة منذ بداية التسعينيات، يدخل المغرب  مرحلة سياسية بلا عنوان مركزي للتعبئة قادر على إنتاج المعنى وتغذية الأمل و(الأوهام).

وهذا لا يعنى بلغة أخرى سوى تعميم اليأس والإحباط، ومغامرة الإقدام على حياة عامة قاحلة ومبتلعة بين فكي الجشع الاقتصادي والبلادة التقنقراطية. حياة بلا أفق سياسي محفز، وبدون “وعود” كبرى، ولا “سرديات” ملهمة، ولا مشاريع قادرة على صناعة الحلم الجماعي.

يقع هذا بعد تحول كثير من الشعارات إلى أوهام ذابلة (التناوب، الإصلاح الدستوري، الانتقال الديمقراطي، العدالة الانتقالية، الربيع العربي، محاربة الفساد والاستبداد، الإصلاح في ظل الاستقرار، تنزيل الدستور، التأويل الديمقراطي، الإرادة الشعبية..).

ما العمل إذن؟

إذا كانت الوقائع تؤكد أن فكرة الجبهة الديمقراطية الإصلاحية، قد أصبحت جزءا من مرحلة انتهت، وأن فرضية تحول العدالة والتنمية إلى حامل لمشروع وطني فوق- حزبي قد أصبحت جزءا من الماضي، فإن  الحد الأدنى المطلوب للحفاظ على ما تبقى من حزبية وطنية مستقلة، هو رفع شعار الصمود التنظيمي.

قد يبدو السقف منخفضا ومتواضعا، لكن يبدو أن إحدى الأولويات الأساسية  للمرحلة، هي تحصين البيت الداخلي والوحدة التنظيمية؛ يهم الأمر حزب الاستقلال تماما، مثل ما يعني العدالة والتنمية أو التقدم والاشتراكية.

ألا يوجد أمل في الأفق؟

الجواب يحمله الأستاذ عبدالله حمودي، وهو يدعو على أعمدة العدد السابق من هذه الجريدة للانتباه إلى “التراكم السيكولوجي والنفسي والسياسي الموجود الآن في وجدان الناس، وخاصة الشباب. إن جدلية اليوم توجد بين دينامية التقدم إلى الأمام، وبين محاولات إيقاف الحركة أو إبطائها”.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مرحلة بلا وعود مرحلة بلا وعود



GMT 09:40 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

فعول، فاعلاتن، مستفعلن.. و»تفعيل» !

GMT 06:51 2018 الثلاثاء ,13 آذار/ مارس

من يسار ويمين إلى قوميين وشعبويين

GMT 07:57 2018 الثلاثاء ,06 آذار/ مارس

أسوأ من انتخابات سابقة لأوانها!

GMT 06:13 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

خطة حقوق الإنسان: السياق ضد النص

GMT 07:07 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

المهنة: مكتب دراسات

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:33 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
المغرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 06:38 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة
المغرب اليوم - السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 12:48 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الميزان السبت 26-9-2020

GMT 11:52 2020 السبت ,07 آذار/ مارس

تشكيل الوداد لمواجهة النجم الساحلي

GMT 04:35 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

إليكم أفضل الأماكن في لبنان لهواة رياضة ركوب الشواطيء

GMT 12:34 2019 الخميس ,13 حزيران / يونيو

موزيلا ستطرح نسخة مدفوعة من فايرفوكس

GMT 01:29 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

10 صنادل مميّزة تكمل أناقة الرجل العصري في 2019

GMT 19:33 2019 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

بايرن ميونخ يفقد أحد أسلحته أمام بريمن
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib