حَراك في الريف حراك في اللغة

حَراك في الريف.. حراك في اللغة

المغرب اليوم -

حَراك في الريف حراك في اللغة

بقلم - حسن طارق

ربما هو فيكتور هيغو من قال: “عندما تقع الثورات انتبهوا إلى المعاجم”. في المغرب لم تقع ثورة، لكن احتجاجات الريف استطاعت خلخلة المعجم !
ذلك أن الحراك الواقع ارتبط منذ البدء بحراك اللغة، فجزء كبير من مسار بناء الهوية الاحتجاجية وتعزيز قدرتها التعبوية، ترسخ بالأثر السحري للجملة الشهيرة “طحن مو”.
وقبل أن نصل إلى “بيك يا وليدي” التي تحولت إلى وسم شهير بوسائط التواصل (هاشتاگ)، استطاعت بعده أن تلج بسلاسة قبة البرلمان، لتكرس كاستعارة قوية على إحساس مجتمعي ممهور بدهشة عارمة ممزوجة بالسخرية تجاه عبث الدولة.
كنا قد وقفنا على الاحتجاج وهو يتحول، كذلك، إلى ظاهرة لغوية محملة بالكلمات والرموز والشعارات والعناوين، تخترق ملامح الخطاب وجغرافية الاحتجاج (تسمية ساحات الحسيمة من طرف قيادة الاحتجاج كشكل من أشكال إعادة الامتلاك الرمزي للفضاء والمدينة).
في قلب كل ذلك توجد بالقطع كلمة “الحراك” نفسها !

الأستاذ محمد المنبهي المدلاوي، الباحث في اللسانيات، أعاد نشر نص سابق حول 20 فبراير، يتطرق في تقديمه إلى مصطلح “الحراك”، واصفا إياه بالتعبير “الوافد الجديد” من المشرق، مشيرا إلى عدم سلامته من حيث الصياغة اللغوية وقواعد الاشتقاق .

أما الصديق الباحث عزالدين بونيت، فقد ذهب بعيدا في حفريات الكلمة، لكي يصل إلى ربطها بأحداث اليمن للعام 2007 مع مطالب استقلال الجنوب، دون أن يستطيع الحسم ما إذا كان الفاعلون أنفسهم من نحتوا المصطلح للدلالة على ديناميتهم السياسية، أم إنه ولد في سياق التغطيات الإعلامية للحدث، خاصة من طرف قناتي “الجزيرة” القطرية و”العالم” الإيرانية .

ليخلص أستاذ “الآداب والمسرح” في أگادير إلى أن الكلمة “مشؤومة”، لأنها لا تحمل أي ملمح من ملامح نبل “الثورة”، ولا تليق بتطلعات الشباب المغربي وأحلامه في التقدم والكرامة.

وإذا كانت بعض الأدبيات العلمية أو المدنية التي انشغلت بتفاعلات أحداث الحسيمة، قد فضلت الوقوف على ضفة “الحياد اللغوي”، حيث اعتمدت مثلا “المبادرة المدنية لأجل الريف” في تقريرها مصطلح “الحركة الاحتجاجية المطلبية” للدلالة على الأحداث، حيث لم تأت على ذكر كلمة “الحراك” إلا منسوبة إلى تعبير المشاركين في الاحتجاج، فإن

وثيقة “تقدير موقف” التي أصدرها المركز العلمي “مغارب”، قد فضلت توصيف الدينامية التي فجرها حدث الموت المفجع لمحسن فكري بنفس عنوانها الحركي والإعلامي: “حراك الريف”.

وهو الأمر نفسه الملاحظ في كثير من بيانات التضامن الموقعة من طرف مثقفين أو باحثين، وإن كان من الطبيعي هنا أن يتحول “التبني اللغوي” إلى جزء من التضامن السياسي.

على أن العحيب هو أن كلمة “الحراك”، قد تسربت إلى اللغة القضائية المعروفة بحرصها على الدقة والشكلانية في تدبير معجمها الخاص، وهكذا تضمن مثلا قرار محكمة النقض بإحالة ملف قضية رفاق الزفزافي إلى محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء؛ كلمة الحراك، بل إنها تكررت ثلاث مرات في نص القرار.
ربما، لم يعرف مدبجو قرار الإحالة على محكمة البيضاء، أنهم بذلك، قد كرسوا انتصار المحتجين في اللغة والسياسة، قبل أن يبحثوا لأفعالهم عن تكييف في القانون والمساطر !

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حَراك في الريف حراك في اللغة حَراك في الريف حراك في اللغة



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 17:56 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
المغرب اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 17:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 22:21 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
المغرب اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 15:27 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

هنغاريا تدعم مخطط الحكم الذاتي المغربي لتسوية نزاع الصحراء
المغرب اليوم - هنغاريا تدعم مخطط الحكم الذاتي المغربي لتسوية نزاع الصحراء

GMT 09:19 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن
المغرب اليوم - فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن

GMT 04:55 2018 الثلاثاء ,07 آب / أغسطس

" Chablé" يمثل أجمل المنتجعات لجذب السياح

GMT 07:57 2018 الثلاثاء ,06 آذار/ مارس

أسوأ من انتخابات سابقة لأوانها!

GMT 20:53 2015 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

شجار بالأسلحة البيضاء ينتهي بجريمة قتل بشعة في مدينة فاس

GMT 22:28 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

ولي عهد بريطانيا يقدم خطة لإنقاذ كوكب الأرض

GMT 05:06 2018 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

"Hublot" الخزفية تتصدر عالم الساعات بلونها المثير

GMT 09:11 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

فتاة منتقبة بطلة فيلم "ما تعلاش عن الحاجب"

GMT 07:11 2018 السبت ,25 آب / أغسطس

فولكس" بولو جي تي آي" تتفوق على "Mk1 Golf GTI"

GMT 16:49 2018 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

مكرم محمد أحمد ضيف "الجمعة في مصر" على "MBC مصر"

GMT 16:34 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

مهاجم زامبي على طاولة فريق الدفاع الحسني الجديدي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib