حديث الأرواح شوية لربي وشوية لقلبي أو عن إسلامنا المغربي مرة أخرى

حديث الأرواح: شوية لربي وشوية لقلبي (أو عن إسلامنا المغربي مرة أخرى) !

المغرب اليوم -

حديث الأرواح شوية لربي وشوية لقلبي أو عن إسلامنا المغربي مرة أخرى

المختار الغزيوي

في البلد هاته الأيام أحاديث غريبة عن الغيبيات وعلاقتها بنا، وهل هي موجودة حقا وهل يجوز أن نلصق بها كل شيء وأي شيء، وهل يمكن أن نضع في نفس السلة رئيس الوزراء الذي قال إن سقوط المطر مرتبط برضا الله علينا مع خطيب سلا الذي قال إن الهزات المتكررة في الحسيمة عقاب لمن يتاجرون في المخدرات؟
البعض يقول لا، والبعض يقول نعم، وكعادتنا في نقاشات اليوم لا أثر لبعض من اعتدال في النقاش، علما أن المغربي حسم هذا النقاش قبل هذا الوقت بكثير وعاش بروحه وبدنه قادرا على الاعتدال إلى حد قد لايفهمه العديدون من المتورطين في هذا الجدال البيزنطي
أنا حداثي أو هكذا أتخيل نفسي، لكنني إنسان غيبي أؤمن بكثير من الغيبيات ولا أجد في الأمر أي تناقض. “‪”أنا بعدا” حين ضيق الحال أصيح بكل قوة الصمت في دواخلي “ياااااارب” ولا أجد فيها أي تناقض مع حداثتي”‬ بالعكس أجد في جزء كبير من روحانيات أعتنقها راحة لا أجدها في أي مكان آخر من المنطق أو التفسير العلمي لكل شيء
وأنا مؤمن إيماني الفردي بخالقي، لكنني أبحث حين الحاجة عن التفسير العلمي لظواهر الطبيعة مثلا، وأعرف أن حركات الأرض والهزات التكتونية لا علاقة لها لا بمخدرات ولا بماشابه، وأن كثيرا من تفسيرات القدماء لهاته الظواهر هي تفسيرات ناتجة عن الجهل وعن عدم قدرتهم حينها على فهم كل شيء
وأنا أيضا علمي في عقلي أبحث عن التفسير المنطقي للأمور، لكن دون أن أصادر حق من يريد أن يعتقد بأن الله يعاقبنا أو يجازينا، بل ربما تجدني أحيانا أؤمن مثله بأن بعض ذنوبنا يلزمها فعلا بعض الجزاء الخفي، وأقبل أن يقول لي الناس في الشارع إن “الشتا تعطلات حيت عيقنا” وقس على ذلك ما يؤسس وعي أو لا وعي شعبنا، ولا أرى حاجة لسب الناس ولا لوصفهم بالتخلف حينما يقولون لي ذلك
بالعكس أطلب من أصدقائي الحداثيين، وهم عباقرة لديهم تفسير علمي لكل شيء أن يرأفوا بعقولنا المتوسطة التي قد ترى جانبا روحيا أو غيبيا أو غير قابل لتفسير علمي أو رياضي لأمر ما، وأن يتركوا لجزء منا الحق في هذا الغباء الجميل، وفي هذا التفكير المتوسط.
طبعا أغتاظ حين أرى خطيب جمعة يربط داخل بيت الله، مكان الراحة الروحي الأول، بين مصاب يهدد الناس في منطقة عزيزة على قلوبنا جميعا هي الريف الأشم وبين معاصي هؤلاء القوم دون أن يدرك أنها فعلا أرض الأولياء والصالحين، ولكنني أربط المسألة بضرورة إبعاد مثل هؤلاء الفضوليين عن الحديث فيما لايفقهون فيه شيئا، ولا يفقهون أساسا في طريقة توظيفه أو الحديث عنه أي شيء.
لكنني وأنا المولود في المجتمع المغربي لا في غيره، المترعرع هنا، المسكون بالهنا، المهووس بالهنا، الحالم بالخير كل الخير للهنا، أجد الأمر طبيعيا أن أرفع الرأس يوما إلى السماء وأن أنادي ربي طالبا رحمته، في الشتاء وفي غير الشتاء
ولكم أبتسم برأفة حين أضبط صديقا أو صديقة من أصحاب “الحداثة أكثر من اللازم” حين يمرض لهم عزيز أو عزيزة، وتسمع على لسانهم في المستشفى عبارة “ياربي شافيه” أو “ياربي شافيها”.
أردد في الدواخل مني بكل خشوع “آمين”، وأقول إن الرافد الديني فينا كائن، وأن هذا الجانب الروحي العميق أمر ثابت لا يتزحزح.
نعم كل واحد منا يتعامل معه بطريقته، لكنه فعلا فينا وبنا ومعنا كائن، والهدف العاقل هو أن نجعله محركا لنا إلى الأمام لا جارا لنا جميعا إلى الخلف من خلال تركه للمغالين ومتطرفي القلوب والعقول ومن متديني السياسة المتاجرين بعقيدتنا من أجل المناصب
تلك القشعريرة التي تنتابني كلما سمعت أذان الفجر، سواء نهضت لأصليه أم مثلت دور من لم يسمع شيئا واستغفرت ربي بعد ذلك، تقول لي كل شيء في هذا الموضوع، دون ادعاء كاذب، ودون تعالم فارغ، ودون رغبة ديكتاتورية في الحجر على الآراء الأخرى فقط لأنها لا تروقني
العلمانية أصلا هي هاته: أن تضمن لمن لا يريد عبادة ذلك، لكن أن تضمن أيضا لمن يريد تعبدا وتقربا لربه وامتثالا له ودعاء وتفسير كل شيء بالغيبيات أن يتمكن من ذلك
المغربي حسمها وقالها منذ القديم “شوية لربي وشوية لقلبي”. هذا هو الاعتدال. المشكلة أن صوت التطرف في الجانبين أصبح أقوى
لأسف الأسف بطبيعة الحال

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حديث الأرواح شوية لربي وشوية لقلبي أو عن إسلامنا المغربي مرة أخرى حديث الأرواح شوية لربي وشوية لقلبي أو عن إسلامنا المغربي مرة أخرى



GMT 19:34 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 19:31 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 19:28 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 19:22 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 19:19 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 19:16 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 19:14 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

GMT 18:02 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 17:56 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
المغرب اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 17:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 22:05 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يقول ما حصل في لبنان ليس هدنة بل اتفاق مستدام.
المغرب اليوم - هوكشتاين يقول ما حصل في لبنان  ليس هدنة بل اتفاق مستدام.

GMT 01:29 2023 السبت ,23 أيلول / سبتمبر

فيسبوك يغير شعاره إلى اللون الأزرق الداكن

GMT 20:43 2023 الإثنين ,01 أيار / مايو

المغرب يُنافس في بطولة العالم للملاكمة

GMT 21:54 2023 الجمعة ,17 شباط / فبراير

الليرة تسجل تدهوراً جديداً فى لبنان

GMT 23:47 2023 الأحد ,15 كانون الثاني / يناير

أسواق الخليج تتباين ومؤشر "تداول" يتراجع 0.2%

GMT 20:22 2022 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

عملة "بيتكوين" تخسر أكثر من عشر قيمتها في 24 ساعة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib