ثلاث خواطر أردني وأردنية

ثلاث خواطر أردني وأردنية

المغرب اليوم -

ثلاث خواطر أردني وأردنية

بقلم : شهاب المكاحله

الخاطرة الأولى

في الأيام الماضية تبيَن ضعف الإعلام الأردني لا من حيث عدد الإعلاميين المحترفين والمخضرمين بل من حيث كفاءة الإعلام في إقناع الرأي العام برواية أجنبية بطلها صهيوني دخل كل بيت أردني وشارع بل وعاث في الأرض فساداً حتى صار الأردنيون يُصدقون كل رواياته ويزعمون أنه على علم ودراية بما كان وما يكون وحتى ما سيكون وأن ملفات الزعماء العرب ومسؤوليهم بيده. ومع ذلك لم  تنبس وسائل إعلامنا الأردنية ببنت شفة ولم يتمكن أي مسؤول من إقناع الشارع الأردني بأن ما يقال وما يحاك ضد الأردن ليس سوى وهمٍ في مخيلة مخرج سينمائي صهيوني من بني كوهين.

والسؤال الذي يتردد على المسامع هو لِم َكُلُ هذا الصمت المريب على افتراءاته وإهانته للأردن والأردنيين؟ تعلمنا في الثقافة العسكرية أن الحرب الحقيقية ضد الخصم تكون بالاشاعة ثم ينهار الخصم قبل أن يتحرك جيش العدو باتجاه خصمه، بل يسقط بالضربة القاضية قبل أن يتحرك العدو بجيشه. تساءلت مثلي مثل أي أردني مخلص لوطنه ولقيادته لِمَ كُلُ هذا  اللغط ولِمَ كُلُ هذا اللامعقول ولِم َكُلُ اللامبالاة من عدد لا بأس به من المسؤولين؟ أليس الواجب مواجهة حرب الإشاعة بمثلها؟ أليس الواجب تثقيف الشعب بما عليهم عمله حين يتعرضون لحرب إعلامية وقودها الإشاعة المغرضة المدروسة من عدو لا يرحم تدمر المجتمع؟ لا نريد جواباً بل نريد رداً على تلك الماكينة الإعلامية التي تقف وراء شخص لم يكن يوماً مُقنعاً لأقرب الناس له. نريد مسؤولاً حريصاً على البلد يتصدى لمثل هذا  الولد الذي شق الشارع الأردني إلى قسمين.

الخاطرة الثانية

أرسل لي عدد من أقاربي وأصدقائي صورتين عبر قنوات التواصل الاجتماعي ولم أدرِ أأضحك أم أبكي على ما شاهدت! إحدى الصورتين لفأس يده من خشب يقطع شجرة وأخرى لحذاء كبير يُلمعهُ العديد من الشباب ويبدو الحذاء أنه لمسؤول رفيع المستوى لأنه مصنوع من الجلد “الحيواني” الأصلي.

نجد في زماننا هذا أن اللص ليس ذلك من سرق ليعتاش بل من سرق قوت الناس ليملأ خزائنه الفولاذية التي قال عنها سبحانه في محكم كتابه: “إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولى القوة إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين”. أليس عيباً أن يُطارَد لص سرق كومة قش وتستنفر كل القوى الأمنية وغيرها في وقت يتجول فيها سارقو لقمة الشعب والمتاجرون به في الشوارع رافعي رؤوسهم لا تجرؤ على التحدث معهم سلطات بلادهم؟ وما أكثرهم في عالمنا هذا!

وبالعودة إلى قصة صورة الفأس الذي يقطع شجرة التي هي باختصار عِتاب بين تلك الشجرة والفأس إذ تقول: ” صديقي الفأس، إنَ أشدَ ما يُزعجني ويؤلمني ليس أنت أيها الفأس يا من صُنعت من حديدٍ بل يدُكَ التي صُنعت من خشبي”.للأسف هذا واقعنا اليوم!

حين أعطى الشعب الثقة للحكومات الأردنية  المتعاقبة على مدى أعوام على اعتبار أن الشعب هو الشجرة لأنه الأساس وأن أعضاء الحكومة تلك اليد التي تمسك بالفأس، لم يدرِ، أي الشعب، يوماً أو توقع أن تقوم حكومته بقطع يده بل وبترها، في معنى مجازي والعارف لا يُعرف والحكمة في الإيجاز في تلك الرسالة لعل حكوماتنا تدرك أن لا سند لهااليوم إلا الشعب مصدر السلطات ولا عِماد لها اليوم إلا شبابها الذي شبع من الشعارات البراقة والخُطب الرنانة.  

أشعر بالألم لتلك الشجرة التي تموت بسبب عُقوق إبنها الذي من صلبها. لم يشكُ الشعب الأردني يوماً من فراغ إلا بعد أن استفحل الحال ولم يشكُ حكومة غريبة عليه بل شكا تلك الحكومة التي وُلدت من رحم الوطن ولكنها طعنته في ظهره مرات ومرات.

أليست الفأس أداة من حديد

عنيدٍ، لا يَعرف إن أحسنَ صُنعا

بالذهاب يوماً لغابة سروٍ

متودداً أن تعطيه فرعا

هلَا منحتني عصاً تشد أزري

تُعينني وتنفع البرية نفعا

فأجابت بحنان الأم يوما

هاكها مني غُصنا وفِرعا

وما درت المسكينة أنَ

من صُلبها ستنسَل أفعى

تهدمها وتُقطًعِها قِطعاً قِطعا

لو تأملت الحكومات يوماً حديث الرسول، عليه السلام، “إنَ حُسن العهد من الإيمان” لعملتْ بذلك منذ زمن ولم يحتج شباب الأردن الاغتراب أو الهروب من الأردن سعياً لتحقيق أحلامهم التي سرقها حفنة من الفاسدين المارقين العابرين على الطرقات ممن لا يشعرون حين يُخيم الليلُ بوحشته أنهم ظلموا أوأنهم سرقوا أو أنهم اغتالوا عقولاً واستبدلوا الكفاءات بعبارات ألصقوها على فيلاتهم ومكتابهم وشركاتهم وبنوكهم:”هذا من فضل ربي”.

الخاطرة الثالثة

أما صورة قصة ملمعي الأحذية فهم يتسلقون سلالم لتلميع حذاء أحد المسؤولين بل يتسابقون إلى ذلك ما استطاعوا إليه سبيلاً. وبالمقابل ينظر لهم ذلك المسؤول بتكبرٍ وعلوٍ ويعاملهم كالحشرات.  هؤلاء زمرة من المسؤولين للأسف ممن ينطبق عليهم وصف الوصوليين لأنهم لا يرون في الشعب الأردني سوى سُلَم للوصول إلى أهدافهم. وما أن يصلوا إليها حتى يسارعوا بالتخلص ممن أوصلهم في أقرب فرصة.

كفانا شعارات وآن الأوان للتنفيذ لا للتنظير والتسويق للذات بعروض يتسابق فيها الوزراء والمسؤولون لالتقاط الصورالاجتماعية في إشارة انسانية لمدى تواضعهم وهم من ذلك براء. فلينظروا إلى الدول المتقدمة وكيف أن الجميع أمام القانون سواء.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثلاث خواطر أردني وأردنية ثلاث خواطر أردني وأردنية



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib