«القمم» أحرقت المراكب مع واشنطن قبل طهران

«القمم» أحرقت المراكب مع واشنطن قبل طهران؟

المغرب اليوم -

«القمم» أحرقت المراكب مع واشنطن قبل طهران

بقلم : جورج شاهين

 بعد أسبوع على مسلسل «قمم مكة» أظهرت الوقائع كثيراً ممّا تمّت قراءتُه في مقرراتها منذ اللحظة الأولى. فقد كانت المفاجأة بحسب ديبلوماسيين غربيين أنها حملت ما يكفي ممّا يعارض التوجهات الرئاسية الأميركية في المنطقة وتحديداً في «صفقة القرن» ولم تأتِ بجديد بالنسبة الى إيران. فكيف يمكن قراءة ذلك؟ وهل حرقت بعضاً من المراكب مع واشنطن قبل طهران؟
لم تأتِ الأيام السبعة التي تلت «قمم مكة» الخليجية، العربية والإسلامية بجديد. فالقراءة الأوّلية التي أُجريت لما تقاطع وتلاقى في بياناتها الثلاثة والوثائق الملحقة بها أوحى بكثير من العناوين التي عبّرت عنها وفي مقدمها رفض واضح وصريح لكل ما يجري تحضيره لما سُمّي «صفقة القرن»، قبل أن تؤكد المؤكد لجهة رفض التوسّع الإيراني ووضع حدّ لإعتداءات طهران التي تدرّجت الى حدود تفجير البواخر الأربع في ميناء الفجيرة وضرب خط نقل النفط من شرق المملكة الى غربها.

فقد اظهرت المواقف المعلنة منها تجاهلاً لمساعي مستشار الرئيس الأميركي جاريد كوشنر وفريقه الذي يقود مساعي السلام لحل النزاع الفلسطيني ـ الإسرائيلي كما يراه في ذروة الإحتقان الذي تعيشه المنطقة. وكأنّ ما هو مطروح يمكن أن يؤدّي الى الفصل بين ما يُسمّى النزاع العربي ـ الإسرائيلي والنزاع بين الدولة اليهودية والسلطة الفلسطينية حصراً من دون أن يحتسب ما دون ذلك من عوائق خارج إطار المجتمع العربي. والى ما هو ابعد من ذلك في اتّجاه الرفض الأوروبي لمثل هذه الخطة والتشكيك الأميركي بها.

لا يتجاهل الديبلوماسيون أنّ القمم تزامنت والجولة الاولى لكوشنر وفريق عمله في المنطقة والتي شملت كلاً من المغرب والأردن وإسرائيل في أولى محطاتها. وكان من الواضح تلاقي ما انتهت اليه القمم وما سمعه الموفد الأميركي في الرباط وعمان وتحديداً في الأردن التي خرج ملكها عبدالله الثاني ليعيدَ تأكيد الثوابت التي تتجاهلها خططه لـ«مشروع الدولتين» والقدس والضفة الغربية، كما بالنسبة الى عملية تبادل الأراضي وحدود ما قبل حرب الـ 67 سعياً الى إلغاء الوجود العربي فيها.

ولم تكتمل الصورة التي تلت مسلسل القمم إلّا بالمواقف المتقدمة لوزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو الذي قدم قبل ايام عرضاً شكّك فيه بإمكانية نجاح «صفقة القرن» في ظلّ المعادلات القائمة في الداخل والخارج. فبومبيو يدرك جيداً المعوقات أمام الخطط السرّية لكوشنر وفريقه. وما تسرّب منها لا يوحي بإمكان توفير الحدّ الأدنى من الإجماع العربي والدولي حولها. وبالإضافة الى سلسلة ملاحظات الكونغرس الأميركي الذي تجاهله قرار رئاسي ينفّذه كوشنر وتلك التي عبّرت عنها أجهزة المخابرات ومجلس الأمن القومي الأميركي، فالعالم بأسره لم يعترف بعد بقرار ترامب بالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل، ولا بمدّ السيادة الإسرائيلية الى اراضي الجولان المحتل وبلا وقف التمويل الأميركي لوكالة «الأونروا»، لا بل فقد سارعوا الى نجدتها بالمال اللازم لضمان خدماتها في الداخل الفلسطيني والخارج تارة تحت عناوين إنسانية وأخرى من اجل مواجهة الإرهاب.

ولذلك، يرى الديبلوماسيون أنّ جولة كوشنر الأوروبية الجديدة التي يستعد لها لن تؤتي بجديد فهو يدرك حجم العتب الأوروبي لتجاهل عواصمهم في كل ما يفكر ويسعى اليه. فثمة عواصم ومن بينها برلين وباريس مثلاً لم تستوعب بعد القرارات الأميركية المالية والإقتصادية التي اتخذها ترامب والتي أعاقت التجارة البينية مع واشنطن على خلفية اعتبارها «القارة العجوز».

على هذه الخلفيات، يبني الديبلوماسيون قراءاتهم لقمم مكة في اعتبار قراراتها قاسية في حقّ الأميركيين الى درجة تهدّد بنسف الجسور التي مدّها ترامب وفرشتها العواصم الخليجية بمليارات الدولارات، فإذا بها تُحرجهم في كل محطة اساسية تعني القضية الفلسطينية التي لم يسقطوها بعد من اولوياتهم العربية والإسلامية، مع الخشية من السباق المزعوم مع طهران التي ترغب بتظهيرهم وكأنهم هم مَن باعوا القضية وقدسها.

وعليه، فقد كانت مقررات القمم، ولا سيما منها القمة الإسلامية موجّهة الى إسرائيل والإدارة الأميركية. فهي من وجهت الدعوات الى كل من إيران وطهران لحضور القمة الإسلامية دحضاً للاتّهامات الإيرانية ومحور الممانعة بالتخلّي عنها واعتبار القضية الفلسطينية «قضية مركزية». وإنّ السلام والأمن كخيار استراتيجي لن يتحقّقا إلّا بانسحاب إسرائيل الكامل من أرض دولة فلسطين المحتلة منذ العام 1967، وفق القانون الدولي وما نصت عليه القرارات الدولية ومبادرة السلام العربية. كذلك دانوا نقل سفارتي الولايات المتحدة الأميركية وغواتيمالا إلى القدس والاعتراف غير القانوني بها عاصمة لإسرائيل ودعوا دول «منظمة التعاون الإسلامي» الى مقاطعة الدول التي فتحت البعثات والمكاتب لديها وقطع العلاقات الاقتصادية ووقف كل أشكال التطبيع حتى تنفيذ القرارات الخاصة بفلسطين والقدس وإقامة السلام العادل والشامل في المنطقة.

ومن دون الدخول في التفاصيل، فقد تقدّمت هذه التوصيات مقرّرات القمة في بيانها الختامي ومعها إدانة «القرار الأميركي بضم الجولان للأراضي الإسرائيلية»، واعتباره «قراراً غير شرعي ولاغياً ولا يترتّب عليه أيّ أثر قانوني». قبل الإشارة الى دور إيران في المنطقة وشكواها الدائمة منها قبل اتهامها بتفجيرات الفجيرة وخط الأنابيب السعودي بعد احداث اليمن والبحرين.

وعدا عن ذلك كله يبقى المستغرب في نظر الديبلوماسيين الاتّهام الذي وُجِّه الى رئيس الحكومة سعد الحريري في القمم وخروجه عن سياسة «النأي بالنفس». فجاء الرد واضحاً في بيان القمة الإسلامية بتقديم ملف لبنان على الملفات الأخرى. فهو تجاهل للمرة الأولى أيّ إشارة الى «حزب الله» ودوره الإقليمي ـ وهو ما حال دون تحفّظ لبنان - وأعطى اللبنانيين «الحق بمقاومة أيّ اعتداء بالوسائل الشرعية»، ودعا الى تطبيق القرارات الدولية بما فيها القرار 1701، ووجّه التحية الى لبنان لإستضافته النازحين السوريين. كما أعطاه حقه بالمنطقة الإقتصادية الخالصة من دون أيّ تنازل وعن حقه في الإحتفاظ بثروته النفطية. فهل يستحق ذلك مثل هذه الإدانة؟

وتأسيساً على ما تقدّم، لا يستطيع أيّ ديبلوماسي إلّا أن يقرأ في القمة نهجاً يؤدي الى نسف الخطط الأميركية للمنطقة وما سُمّي منها «صفقة القرن» تحديداً، وخصوصاً إذا كانت هذه هي عناوينها المرفوضة قبل أن تقلع وعشية «مؤتمر المنامة». ولذلك يصحّ السؤال هل يمكن أن تكون «قمم مكة» قد حرقت المراكب مع واشنطن وإدارة الرئيس الأميركي قبل طهران؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«القمم» أحرقت المراكب مع واشنطن قبل طهران «القمم» أحرقت المراكب مع واشنطن قبل طهران



GMT 15:33 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر عربي اخترته للقارئ

GMT 15:29 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر المتنبي - ٢

GMT 15:18 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

من شعر المتنبي - ١

GMT 23:58 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

شعر جميل للمعري وأبو البراء الدمشقي وغيرهما

GMT 21:18 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أقوال بين المزح والجد

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
المغرب اليوم - الكشف عن قائمة

GMT 16:38 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

إضافة 408 هكتارات من الحدائق والمساحات الخضراء في بكين

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 12:35 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

امرأة تعقد عقد جلسة خمرية داخل منزلها في المنستير

GMT 04:14 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

ارتفاع سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الخميس

GMT 10:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الطاعون يلتهم آلاف المواشي في الجزائر وينتشر في 28 ولاية

GMT 03:21 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة افتتاح مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك

GMT 10:21 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

فضيحة جنسية وراء انفصال جيف بيزوس عن زوجته

GMT 09:04 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

والدة "راقي بركان" تنفي علمها بممارسة نجلها للرقية الشرعية

GMT 05:06 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

جمهور "الجيش الملكي" يُهاجم مُدرّب الحراس مصطفى الشاذلي

GMT 06:44 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

"Il Falconiere" أحد أجمل وأفضل الفنادق في توسكانا

GMT 00:44 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشف قائمة أفخم الفنادق في جزيرة ميكونوس اليونانية

GMT 15:10 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

شركة دودج تختبر محرك سيارتها تشالنجر 2019

GMT 19:15 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

يوسف النصري علي ردار فريق "ليغانيس" الإسباني
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib