ما هي «خطوط الدفاع» عــن العهد والحكومة

ما هي «خطوط الدفاع» عــن العهد والحكومة؟!

المغرب اليوم -

ما هي «خطوط الدفاع» عــن العهد والحكومة

بقلم - جورج شاهين

بمعزل عن النتائج التي توصّل اليها مجلس الوزراء في جلسته أمس، وما يمكن أن يصوغه من أوراق إنقاذ ومقترحات وخطط تعد الحكومة بها، من الصعب جداً أن تشكّل صدمة كافية تؤدي الى إقناع اللبنانيين بالخروج من الشارع. فسقف المطالب تجاوز الكثير مما يمكن ان تقوم به الدولة في ظلّ الوضع الاقتصادي والمالي المعقّد، والترهل السياسي الذي أصاب فريق الحكم، خصوصاً بعد عجز دعاة الحفاظ على الحكومة عن تبرير موقفهم على خلفية استحالة تشكيل الحكومة البديلة ومخافة الوقوع في فراغ لا يمكن التكهن بمداه ونتائجه الكارثية ما لم يكن هناك تفاهم يبدو مستحيلاً حول النظرة الى أيّ تعديل وزاري، فكيف إذا كان الأمر يتصل بتشكيلة حكومية جديدة في ضوء التوازنات الدقيقة في البلاد.

كل التطورات الداخلية والخارجية المحيطة بالأزمة لا توحي بوجود هامش واسع للحركة. فقد عبّر الشارع بما لا يقبل أيّ جدل عن أن هناك الكثير مما هو مطلوب لإرضائه باعتراف كثر من انصار الحراك ورافضيه. فما جرى التداول به في الشارع وبات على كل شفة ولسان القى الضوء على الكثير ممّا كان محظوراً مقاربته من قبل.

فكيف والحال الذي يعيشه أهل الحكم، فمنهم لم يرَ في ما حصل سوى دعم لمطالبه، وهو أمر استفزّ كثر ورفع عدد المتظاهرين. وأياً تكن أهمية ما تمّ التوصل اليه، هناك سيل من الملاحظات يؤدي البحث فيها الى صعوبة تقدير ما ستكون عليه ردود الفعل لاستعادة الحياة الطبيعية في البلاد. ففي الأفق بوادر أزمة حقيقية بين أهل الحكم والحكومة انفسهم قبل بلوغ مرحلة الحوار مع الشارع ومحاولة استرضائه.

والأخطر من كل ما يمكن التوصل اليه، ان هناك من يراهن على قدرة الشارع على البقاء على حيويته، وهو يسأل عن الحد الأقصى من بقاء الناس في الشارع، ومن سيصرخ أولاً من أهل الحكم والحكومة وأطراف التسوية في البلاد. ففي مقابل من يعتبر نفسه متضرراً من الحراك هناك من يعتقد أنه سيكون من بين المستفيدين منه، إما لاستعادة زمام المبادرة وما فقده من صلاحيات أو لجهة ممارسة الضغوط ليعود الخصوم الى أولوياتهم اللبنانية.

وعلى هامش المواقف مما يجري، هناك من يعتقد أنّ الدولة شُلّت نتيجة أخطاء بعض أهل الحكم وتماديهم في ممارسات لم يكن من السهل وقفها أو الحدّ منها نتيجة بعض التسويات الداخلية وضغوط الخارج. فهناك من يعتقد صادقاً ان التحولات في المنطقة يمكن استثمارها في الداخل والبناء عليها قبل تحميل جزء من المسؤولية الى اداء البعض من «أبناء» العهد بعدما أفصح كثر في السرّ والعلن عن مسؤولية وزير الخارجية رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل نتيجة مواقفه الأخيرة التي أدّت الى بروز الكثير من الخلافات القائمة الى سطح الأحداث إن على المستوى الداخلي أو الإقليمي والدولي.

على هذه القاعدة برزت المواقف المتناقضة وتقدمت الاتهامات الداخلية بين شركاء التسوية وأطراف الحكومة الذين توجه اليهم رئيس الحكومة سعد الحريري لأول مرة بصراحة غير مسبوقة في رسالته الشهيرة التي أطلق فيها مهلة الـ 72 ساعة التي اتخذها لنفسه لاتخاذ القرارات المناسبة ان لجهة محاولته الخروج من المأزق الذي وضعه فيه الشارع او لجهة تحميل هذه الأطراف مسؤولية دعمه للخروج من الأزمة قبل ان يضطر الى رمي الكرة المتفجرة في ملاعب الآخرين.

فليس سراً القول إنّ ما بلغته الحركة في الشارع وضع الجميع أمام مسؤوليات كبيرة أرخت بظلالها على قلة من المسؤولين الذين يمكنهم المبادرة والتضحية ببعض الامتيازات التي قادت الى الاحتقان الداخلي. كما بالنسبة الى بعض الأزمات المستحدثة مع الخارج، ولاسيّما القوى الدولية والدول والمؤسسات المانحة. فمجرد الحديث عن تبخر الآمال التي عقدت لتسييل بعض من مليارات مؤتمر «سيدر» واستدراج الدعم الخليجي المادي والنقدي الى لبنان يشكل إشارة إدانة الى مواقف باسيل في اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة قبل 10 ايام وسعيه متفرداً خارج الإجماع العربي واللبناني الى استعادة سوريا الى الجامعة العربية، قبل أن يهدد بقلب الطاولة على الجميع في خطاب اليوم التالي في الحدت.

والى كل هذه المعطيات لا يكفي اعتراف رئيس الجمهورية أمام مجلس الوزراء أمس بـ«انّ ما يجري في الشارع يعبر عن وجع الناس» لإرضائهم. وقبل ان يرفض «تعميم الفساد على الجميع» باعتباره «يحمل ظلماً كبيراً» كان جزءاً من المتظاهرين وشركاء التسوية والحكومة قد وجّهوا السهام الى فريق عمله الرسمي والحزبي بتحميلهم المسؤولية، وهو ما أبطل أهمية موقفه. ففي اعتقاد كثر أنه جاء متأخراً بعد اتهامه بعقد التسويات مع الفئة التي كان يستهدفها قبل دخوله الى قصر بعبدا وفي محطات عدّة من وجوده فيه.

على كل حال، فما هو ثابت حتى ساعة كتابة المقال أن مقررات مجلس الوزراء وما جاءت به من اصلاحات كانت مستحيلة ان ترضي المنتشرين في الشوارع والساحات.

وهو أمر يعترف به من وضعها قبل غيره. وان التفاهم عليها لا يكفي لاستعادة الثقة بالحكم والحكومة، فهي لم تعد مجانية وهو ما سيفتح الأفق على أزمة من نوع آخر. فهل يتوحد أهل الحكم في هذه المواجهة؟ أم أنّ هناك اكثر من حصان طروادة في صفوفهم؟ وما هي خطوط الدفاع التي يمتلكها الحكم؟ وهل يتذكر بعضهم أنه كانت هناك مهلة مئة يوم أمام بعض الوزراء لإثبات نجاحهم أو فشلهم وقد تمّ تجاوزها بأشهر؟ وهل يدفع الثمن بعض من قاد او تسبب بسرعة الحراك عير المحسوبة في توقيتها فقط، وليس في شكلها ولا في مضمونها؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما هي «خطوط الدفاع» عــن العهد والحكومة ما هي «خطوط الدفاع» عــن العهد والحكومة



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib