مجتمعاتنا والهدف الخامس

مجتمعاتنا والهدف الخامس

المغرب اليوم -

مجتمعاتنا والهدف الخامس

آمال موسى
بقلم - آمال موسى

يبدو لنا أن الشعار الذي رفعته الأمم المتحدة بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للمرأة يصب في جوهر القضية الأساسية وشديد الالتصاق بخطة التنمية المستدامة 2030، وهي خطة تطرح أهدافها الـ17 المسألة الاقتصادية أحياناً بشكل صريح في هدف القضاء على الفقر وبشكل غير مباشر بطرح هدف المساواة بين الجنسين التي تعاني تمايزاً اقتصادياً أنتج بدوره تمايزاً في الأدوار والتأثير وتقاسم السلطة بأشكالها المعروفة والرمزيّة تحديداً.
يعتبر الهدف الخامس حول تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين جميع النساء والفتيات في صميم أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر التي وضعت سقفاً زمنياً لا يتجاوز 2030، بل إنّ هذا الهدف مدخل وأولوية دولية ورافد مهم للقضاء على الفقر والتهميش ونبذ كل أشكال التمييز ودفع حركة التنمية الشاملة بمختلف أبعادها.
وأن يتم تحديد سقف زمني لبلوغ هدف المساواة فإن ذاك يعني ضرورة رسم استراتيجية تؤمن لنا أن نكون في الموعد مع المساواة مثلنا مثل العالم. كما أن الالتزام بتاريخ معين هو في حد ذاته معطى إيجابي لأنه خلق في بلداننا التزاماً شاملاً، ما يضمن التقدم في مسار المساواة ومعالجة ما أمكن من عراقيل تشريعية واقتصادية وثقافية.
وكما نعلم فإن الثقافي وما يتصل بالعقليات يظل مفتوحاً زمنياً. غير أن ما يؤثر في وتيرة تغير العقليات والتمثلات هو حجم التغيير في الواقع الاقتصادي للمرأة ومدى وجودها كفاعلة وشريكة في الفعل والقيادة وامتلاك وسائل الإنتاج والثروة. أي أن التمثلات والعقليات تتغير بتغير الواقع ودائماً الواقع يسبق التمثلات.
من ناحية أخرى، من المهم أن نُغير من مقاربتنا لمسألة المرأة في السياق الاقتصاديّ. كثيراً ما نتحدث عن حق المرأة في التمتع بالفرص الاقتصادية ولا نتناول الموضوع من زاوية حق الاقتصادات العربية في توظيف قدرات النساء والاستفادة منها في لحظة عربية وعالمية التحدي الأساسي فيها اقتصادي.
وفي هذا الصدد نطرح هذه الأسئلة المباشرة: إلى أي مدى اليوم الاقتصادات العربية في حاجة أكثر من أي وقت مضى إلى دور المرأة وذكائها وإرادتها وحماستها وقدرتها على رفع التحديات؟ ما الذي يعرقل الاستفادة الكاملة من طاقات الجنسين وذكائهما في خلق الثروة وتأمين تراكمها؟ ثم كيف تسهم المرأة العربية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وما المطلوب من الأطراف الفاعلة في مجتمعاتنا حتى يتسنى لدور المرأة أن ينتهج الطريق المؤدية إلى النجاح؟
في الحقيقة وحتى ندرك ما علينا النضال من أجله، فإنه لا يمكن بلوغ الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة والرامي لتحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين جميع النساء والفتيات، إلا من خلال إعمال حقهن في امتلاك وسائل الإنتاج وضمان وصولهن إلى مصادر التمويل والتكنولوجيات ونفاذهن إلى الأسواق، وهو مطمح يعرف في غالبية بلداننا بعض الصعوبات المختلفة الأبعاد على رأسها العقليات والثقافة والآيديولوجيات التي لا تؤمن بالمساواة بين الجنسين وتنتصر للهيمنة الذكورية في حقول الفعل الاجتماعي كافة.
وليست الغاية من التمكين الاقتصادي للمرأة تحسين مستوى عيشها – على أهمية ذلك – فقط، بل الهدف الأساسي هو تكريس حقوقها الاقتصادية والاجتماعية التي تنبني على العدالة والإنصاف ومبادئ الحقوق الإنسانية والمواطنة الحقيقية.
وحيث إن كل الدول مطالبة بمتابعة التقدم المحرز بخصوص خطة 2030 للتنمية المستدامة وأمام التحديات الراهنة التي تواجهها بلداننا، خصوصاً تداعيات «كوفيد - 19» وما يشهده العالم من تغييرات، فإنه من الضروري العمل على النهوض بواقع المرأة العربية الاقتصادي والاجتماعي من خلال:
- مراجعة القوانين التمييزيّة وإرساء منظومة قانونيّة ضامنة للمساواة وتكافؤ الفرص بين الجنسين ووضع إطار تشريعي لحماية النساء من جميع أشكال العنف، خاصة العنف الاقتصادي، وضمان المساواة في الأجر.
- دفع المبادرة الاقتصاديّة النسائيّة والمساهمة في الرفع من تشغيليّة المرأة.
وفي الحقيقة قد آن الأوان لخلق دينامية بين البلدان العربية لتبادل الخبرات في مجال تجارب كل بلد عربي في التمكين الاقتصادي للمرأة ومحاولة الاستفادة من بعضنا مع الانفتاح على التجارب العالمية في هذا المجال. فنحن في حاجة ماسة لخطة عمل عربية تهدف لتبادل التجارب والخبرات حول برامج التمكين الاقتصادي للنساء ودفع المرأة للاستثمار وتعبيد الطريق لها، وهنا نراهن كثيراً في إطار مفهوم المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات على ممارسة المؤسسات الماليّة في البلدان العربية تمييزاً إيجابياً مع النساء ذوات الطموحات الاقتصادية واللاتي يحاولن بعث المشروعات، إضافة إلى التفكير في كيفية خلق بدائل لشروط تعجيزية خاصة في المجال الفلاحي الذي يشترط ملكية الأرض للحصول على التمويل وهي مسألة تحتاج إلى حل، لأن في انخراط النساء في المجال الفلاحي من بوابة صاحبات المشاريع الفلاحية وليست يداً عاملة فقط، تجديداً للفلاحة الذي يضمن الأمن الغذائي لأي مجتمع.
إن في التعويل على النساء تجديداً للاقتصاد الذي حانت اللحظة كي تدفع عجلته بأيادي الرجال والنساء سواسية في الشراكة والثروة وامتلاك وسائل الإنتاج.
اقتصاداتنا لم تستفد كما يجب إلى حد الآن من العقل الاقتصادي للمرأة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مجتمعاتنا والهدف الخامس مجتمعاتنا والهدف الخامس



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 00:54 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب
المغرب اليوم - روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب

GMT 22:21 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
المغرب اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 07:41 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إكس" توقف حساب المرشد الإيراني خامنئي بعد منشور بالعبرية

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 06:07 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

صادرات الحبوب الأوكرانية تقفز 59% في أكتوبر

GMT 06:23 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

صندوق النقد يتوقع نمو اقتصاد الإمارات بنسبة 5.1% في 2025

GMT 06:50 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نصائح لتحديد أفضل وقت لحجز رحلاتكم السياحية بسعر مناسب

GMT 04:32 2020 الإثنين ,23 آذار/ مارس

ستائر غرف نوم موديل 2020

GMT 15:48 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

لا تتسرّع في خوض مغامرة مهنية قبل أن تتأكد من دقة معلوماتك

GMT 05:27 2015 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تشن حملة ضد ممثلة نشرت صورها دون الحجاب

GMT 07:16 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

الهاتف "ري فلكس" يطوى ليقلب الصفحات مثل الكتاب
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib