العالم في حرج مضاعف هذا الشهر

العالم في حرج مضاعف هذا الشهر

المغرب اليوم -

العالم في حرج مضاعف هذا الشهر

آمال موسى
بقلم - آمال موسى

في هذا الشهر سيحيي العالم مناسبتين كبيرتين؛ الأولى الاثنين المقبل، وهو اليوم العالمي للطفل، والمناسبة الثانية تتعلق باليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، الذي يصادف الجمعة المقبل، إضافة إلى انطلاق الحملة الدولية حول نفس الموضوع.

لنضع هاتين المناسبتين في سياق ما تعانيه الطفولة والنساء في غزة من قتل وإبادة، تجاوزت القانون الإنساني الدولي والأعراف الدولية، وسندرك كم هو العالم في حرج، سواء اعترف بذلك أم أنكر.

فإلى أي مدى يمكن أن نحتفل بهاتين المناسبتين، و3 أرباع شهداء أحداث غزة من الأطفال والنساء؟

من جهة ثانية، فإننا نتبين أيضاً أهمية الأيام الدولية، لأنها محطة دورية لقياس واقع الممارسات، والمنجز، والحقيقي، والوهمي.

إنها لحظة صعبة بامتياز، وحرج كبير للعالم بأسره. كما أنها لحظة حرج مضاعف بالنسبة إلى المنظمات الأممية التي أخذت على عاتقها النضال من أجل حقوق الطفل ومن أجل ضحايا العنف بأشكاله المتعددة.

وأمام آلاف الأرواح التي زهقت، لا بد من أن ينخرط العالم في نقاش حقيقي حول النظري، والواقعي، والخطابي، والمعيش. لا يمكن أن يمرّ اليوم العالمي للطفل، واليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، دون أن يقول العالم والنخب كلمتهما وينخرطا في نقد ذاتي حقيقي صريح.

ما يحدث منذ تاريخ أحداث غزة وقصف المستشفيات وقتل الفلسطينيين العزل والأطفال والنساء والرجال هو تدهور صورة الخطاب الحقوقي وفقدانه جاذبيته، وهو في الحقيقة تدهور يدمر المنجز الإنساني، ونحتاج إلى الانتباه كي لا ننزلق في تداعيات الصدمة والخيبة، ونميز بين وجاهة القيم والمبادئ والقوانين وبين سقوط الممارسات. ذلك أنه في القبول برسائل الواقع تنازل عن القيم والمبادئ.

بل إن الدفاع عن الأرواح التي قتلت لا يكون إلا بالتمسك بالقانون الإنساني والأعراف وحقوق الإنسان. بهذا الخطاب فقط تظهر عيوب المعتدي على القوانين الدولية. وليس من مصلحتنا بالمرة إسقاط هذه المستندات القوية التي ناضلت من أجلها نخب متتالية عبر التاريخ، لأنه في هذه الحالة الرابح الأكبر هو المتجاهل للقانون الدولي الإنساني والأعراف.

لذلك، فإنه بالتوازي مع الحرج والأسف لا مفر من إحياء اليوم العالمي للطفل الذي انطلق منذ أكثر من نصف قرن، وتحديداً سنة 1954، كي يتذكر كل العالم أن هناك اتفاقية دولية تعنى بحقوق الطفل تعود إلى سنة 1989 صادقت عليها دول عدة. ومن المهم أن يتذكر العالم والجهات المانحة الدولية أن ما يقومون به من متابعة دقيقة لواقع العنف ضد النساء يحتاج إلى رؤية أكبر، وإلى حصانة حقيقية تقي النساء من القتل والوجع والفقد، باعتبار أن العنف لا يتجزأ.

إذن هو حرج لا شك في ذلك، ولكنه حرج منتج يمكن توظيفه من أجل مزيد إحراج لكل المعتدين على الأطفال والنساء.

من المهم أن يقف العالم أمام المرآة ويرى نفسه جيداً ويراجع آليات الدفاع عن القوانين والحقوق.

من المفروض أن تشهد المؤسسات الأممية مراجعة حقيقية إذا رغبت في تدارك أمر مصداقيتها.

من الصعب أن يموت آلاف من النساء والأطفال في غزة بكل هذه البشاعة والإصرار على القتل، وتستمر الحال على ما هي عليه فيما يخص القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان...

سيهيمن أطفال غزة الأبرياء يوم الاثنين المقبل على احتفالية اليوم العالمي للطفل الذي رفع السنة الماضية شعار الشمول لكل طفل، والحال أننا لا نزال نناضل من أجل الحق في الحياة.

ما يمكن أن نتعلمه من الدم الذي سال والأرواح التي صمتت عن الحياة والأجساد التي تحولت إلى أشلاء أنه لا يكفي النضال من أجل الحقوق والقوانين والقيم الإنسانية بالثقافة واللغة، بل إنه لا بد بالتوازي مع ذلك من خلق آليات تحمي القانون الدولي الإنساني وتجعل منه خطاً أحمر بالنسبة إلى الجميع ودون استثناء.

من هذا المنطلق، فإن المتوقع أن تحتفل المجتمعات والنخب التي تدافع عن الطفولة والنساء باليومين؛ العالمي للطفل، والعالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، أكثر من أي سنة مضت، لأن الحقوق منقوصة ولم ينجح العالم حتى الآن في وضع آليات تحمي فعلاً القوانين وحقوق الإنسان.

فليعبر العالم بصوت عالٍ عن حرجه المضاعف.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العالم في حرج مضاعف هذا الشهر العالم في حرج مضاعف هذا الشهر



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 00:54 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب
المغرب اليوم - روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب

GMT 22:21 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
المغرب اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 09:19 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن
المغرب اليوم - فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن

GMT 04:55 2018 الثلاثاء ,07 آب / أغسطس

" Chablé" يمثل أجمل المنتجعات لجذب السياح

GMT 07:57 2018 الثلاثاء ,06 آذار/ مارس

أسوأ من انتخابات سابقة لأوانها!

GMT 20:53 2015 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

شجار بالأسلحة البيضاء ينتهي بجريمة قتل بشعة في مدينة فاس

GMT 22:28 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

ولي عهد بريطانيا يقدم خطة لإنقاذ كوكب الأرض

GMT 05:06 2018 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

"Hublot" الخزفية تتصدر عالم الساعات بلونها المثير

GMT 09:11 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

فتاة منتقبة بطلة فيلم "ما تعلاش عن الحاجب"

GMT 07:11 2018 السبت ,25 آب / أغسطس

فولكس" بولو جي تي آي" تتفوق على "Mk1 Golf GTI"

GMT 16:49 2018 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

مكرم محمد أحمد ضيف "الجمعة في مصر" على "MBC مصر"

GMT 16:34 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

مهاجم زامبي على طاولة فريق الدفاع الحسني الجديدي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib