عقد ثلاثي الأبعاد للتنمية

عقد ثلاثي الأبعاد للتنمية

المغرب اليوم -

عقد ثلاثي الأبعاد للتنمية

آمال موسى
بقلم - آمال موسى

يمكن القول إن استراتيجيات التنمية والتقدم التي يجب أن تتبناها البلدان اليوم شبه متشابهة ومعلومة المجالات والقطاعات والأهداف: اليوم العالم يتجه نحو الرقمنة والذكاء الاصطناعي والابتكار والتجديد والطاقات البديلة.

طبعاً من الجيد أن تكون الرؤية واضحة والأهداف محددة، حتى لو كانت الخطوات من أجل التنفيذ متفاوتة، وأحياناً أقل من المطلوب. ومن حسن الحظ أن الخطاب حول المستقبل اليوم في بلداننا وبلدان كثيرة من العالم يركز على هذه المحاور الكبرى التي بات من الواضح أنها فعلاً المستقبل، لأن الحياة في كوكب الأرض أصبحت مرتبطة إلى حد كبير بالطاقات البديلة والابتكار، شرط معالجة تداعيات تغييرات المناخ.

إذن الأهداف واضحة ومحدَّدة للجميع. والسؤال الجدير بالطرح يتمثل فيمن سيحقق هذه الأهداف؟

نعتقد أن هذا السؤال مهم للغاية، وهو مهمَل ومسكوت عنه. في حين أن الحديث عن تمويل تحقيق الاستراتيجيات والمشاريع والأهداف يكاد يكون الخبز اليومي للمهتمين بمهن الغد وطاقات المستقبل. ولقد آن الأوان كي نطيل النقاش العمومي العقلاني الصريح حول مَن هي الأطراف الموكول إليها تحقيق التنمية في دول العالم، وبشكل خاص الدول السائرة في طريق النمو باعتبار أن الدول المتقدمة أسست منذ زمن خريطة الفعل التنموي وحددت القائم بها. أما في بلداننا فإن القوة التي ستحقق التنمية لم تُطرح للنقاش فوق الطاولة بشكل يوزع الوظائف والمسؤوليات ويخلق تقاليد عمل واضحة وعقداً واضح البنود لتحقيق التنمية.

للوهلة الأولى قد يبدو للبعض السؤال عن الفاعلين في التنمية ومَن هم اليوم وفق ما عرفته مجتمعاتنا من تغييرات سؤالاً بديهياً، وأن الدولة هي المسؤولة عن تحقيق التنمية، وما يُتناول اليوم عالمياً من خطاب حول التنمية ومن انخراط في خطط أممية واضحة الأهداف والرزنامة يحمّل الدولة مسؤولية خوض تجارب التنمية التي هي معركة كبرى وحقيقية من أجل حياة أفضل وأكثر ديمومة في كوكب الأرض.

في الحقيقة العالم تغير، وليست الدولة هي فقط المسؤولة عن تحقيق التنمية. ذلك أن التنمية وفق معايير جديدة تقوم على التجديد والابتكار وفعل ثقيل جداً ويتسم بالشمولية وتعدد الأبعاد، وهو ما يحتم تقاسم المسؤولية وتوزيع الأدوار من أجل تحقيقها. وكلامنا يستبطن استحالة أن تقوم أي دولة بتحقيق التنمية بمواصفاتها الجديدة بمفردها من دون أن يكون هذا العمل الجبار موزعاً على 3 أطراف.

وهكذا، من المهم أن نتنبه إلى أنه لا يكفي تحديد محاور التنمية وبنودها ومجالاتها. ولا يكفي أيضاً تحديد تكلفة المشاريع التنموية، بل إن تحديد هوية الأطراف الفاعلة في التنمية في القرن الجديد يأتي على رأس أولوياته.

صحيح أن الدولة هي المسؤولة رقم واحد، باعتبار أن الميزانية تعود إليها، ولكن دور الدولة اختلف في هذه المرحلة عن المراحل التاريخية السابقة، وأصبح يدور بالأساس حول توفير البنية التحتية والخدمات التي تمكّن من الاستثمار، ومن تقريب الخدمات، خصوصاً البنية التحتية التي تتصل بوسائل النقل والطرقات المعبدة، مع الإشارة إلى أن الدول السائرة في طريق النمو لا تستطيع الاقتصار على دور توفير البنية التحتية؛ من طرقات وتجهيز ونقل، بل لها دور اجتماعي إزاء الطبقات الهشة التي تجعلها المخاطر الراهنة والأزمات المتراكمة أكثر هشاشة وأقل صموداً أمام الأزمات.

الطرف الثاني المهم في تحقيق التنمية المستدامة، وفي تخفيف أعباء البطالة، وفي تحريك عجلة الاستثمار هو القطاع الخاص، وهو عنصر أساسي، ومن دونه لا تنمية بالشكل الذي ترتضيه التنمية وبالوتيرة الزمنية التي تستلزمه. لذلك من الجيد أن تكون هناك تشريعات مشجعة ومناخ للاستثمار وللأعمال يحفز على ريادة الأعمال والمغامرة ورفع التحديات التنموية الاقتصادية.

هل تكفي الدولة والقطاع الخاص لتحقيق التنمية ذات التكلفة الباهظة والتحديات الجديدة المتصلة بالذكاء الاصطناعي والتجديد والطاقات البديلة؟

طبعاً لا يكفيان، والخطط الأمية وهي تضع التصورات وتحدد الأهداف وضعت حصة واضحة للمجتمع المدني ودوراً أساسياً باعتبار أن التنمية الجديدة شاملة ومتداخلة ومندمجة في غاياتها ومؤشراتها وهو ما يحتم مشاركة فعالة من المجتمع المدني.

الفكرة الرئيسية التي أردنا الإلحاح عليها أن التنمية اليوم هي من مسؤولية الدول والقطاع الخاص والمجتمع المدني، ومن الضروري أن تكون التنمية منجزة وبأقل وقت ممكن وبتمويل يسير من ناحية الحصول عليه... كل هذا يعني أن بنود عقد التشبيك والعمل بين الأطراف الثلاثة هي المحددة لنجاح مسار التنمية وتحقيق الأهداف من عدمه.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عقد ثلاثي الأبعاد للتنمية عقد ثلاثي الأبعاد للتنمية



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 00:54 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب
المغرب اليوم - روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب

GMT 22:21 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
المغرب اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 07:41 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إكس" توقف حساب المرشد الإيراني خامنئي بعد منشور بالعبرية

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 06:07 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

صادرات الحبوب الأوكرانية تقفز 59% في أكتوبر

GMT 06:23 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

صندوق النقد يتوقع نمو اقتصاد الإمارات بنسبة 5.1% في 2025

GMT 06:50 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نصائح لتحديد أفضل وقت لحجز رحلاتكم السياحية بسعر مناسب

GMT 04:32 2020 الإثنين ,23 آذار/ مارس

ستائر غرف نوم موديل 2020

GMT 15:48 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

لا تتسرّع في خوض مغامرة مهنية قبل أن تتأكد من دقة معلوماتك

GMT 05:27 2015 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تشن حملة ضد ممثلة نشرت صورها دون الحجاب

GMT 07:16 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

الهاتف "ري فلكس" يطوى ليقلب الصفحات مثل الكتاب
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib