ضمير العالم في أزمة

ضمير العالم في أزمة

المغرب اليوم -

ضمير العالم في أزمة

آمال موسى
بقلم - آمال موسى

يصادف اليوم 5 أبريل (نيسان) «اليوم الدولي للضمير»، ويعود اعتماده ضمن الأيام الدولية إلى سنة 2019، أي أنه ليس عريقاً ويندرج ضمن دعوة الجمعية العامة جميع الدول الأعضاء ومؤسسات منظومة الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية والإقليمية، فضلاً عن القطاع الخاص والمجتمع المدني، إلى بناء ثقافة السلام بمحبة وضمير وفقاً للثقافة السائدة وغيرها من الظروف أو الأعراف في المجتمعات، بطرق منها إتاحة التعليم الجيد وتنفيذ أنشطة التوعية العامة، مما يعزز التنمية المستدامة.

وفي الحقيقة يأخذنا هذا اليوم للتفكير في مواضيع ومعانٍ عدة: أولها أن فكرة هذا اليوم دليل على ملاحظة الافتقار إلى الضمير أو لنقل في أقل الحالات هناك مشكل يتصل بالضمير ومدى وجوده. كما أنه يمكن الاستنتاج أو الافتراض بأن النخب الأممية تفطنت في 2019 إلى أن مسألة الضمير تقف حجر عثرة أمام تحقيق الخطط الأممية وأهداف التنمية المستدامة.

إذن هناك إقرار علني وصريح بأنه لا أهداف ستتحقق من دون ضمير حي وصادق ويقظ. والحقيقة نلاحظ هنا أنه لا يمكن القضاء على الجوع والفقر وضمير العالم يغط في نوم عميق. ولن يتم تأمين التعليم الجيد وجودة الحياة من دون ضمير. ومن يتأمل أهداف التنمية المستدامة يلاحظ أنها تدافع عن المهمشين في الأرض وعن ضحايا النظام العالمي الجديد، باعتبار أن الذين هم خلف الركب عادة هم من لم يستطيعوا الالتحاق بالركب لأسباب مادية. بمعنى آخر فإن مقولة «لا أحد خلف الركب» لا يمكن تحقيقها أو التقدم في مسار تحقيقها إلا بضمير في عالم يمتلك ضميراً، ومن دون ذلك سيظل عالم لقمان على حاله.

ومثل هذا الاستنتاج الذي يربط بين الإقامة في العالم والتنمية المستدامة والاستقرار وثقافة السلام إنما يرفع مسألة الضمير إلى مرتبة الشرط، ويجعل من التحلي بالضمير على مستوى العالم أساس بناء الأمن في العالم. وهنا نصل إلى بيت القصيد ومكمن الداء إذ إن السؤال في هذا المضمار تحديداً: كيف التأسيس لثقافة الضمير وكيف يمكن إقناع أقوياء العالم بأهمية الضمير وبالتنمية المستدامة؟

فيجب ألا ننسى أن إدراج يوم دولي يثمن قيمة الضمير إنما يثير المشكلة الأخلاقية التي فيها العالم اليوم وأكثر من أي وقت مضى. بل إن غالبية المشكلات التي تعيشها الشعوب المقهورة اليوم في أفريقيا أو فلسطين إنما هي دليل ساطع عن أزمة ضمير لدى العالم. وأيضاً مشاهد الفقراء والجائعين والموتى بآلات الحرب المتنوعة، كلها صور توثق لغياب الضمير.

لذلك فإن إحياء «اليوم الدولي للضمير» اليوم بالذات نعتقد أنه سيكون في غاية الإحراج للعالم، وهو مناسبة لتأكيد ضعف الضمير، وأيضاً سيكون كل الفاقدين للضمير في الساحة الدولية واضحين للجميع: فأين الضمير وأهل غزة فقدوا أكثر من 33 ألف شهيد، نصفهم نساء وأطفال؟

من الجيد أن نحيي «اليوم الدولي للضمير»؛ فهو فرصة للانتباه والتذكر أن هناك شيئاً يتصل بالإنسان دون سواه من الكائنات الحيّة، ألا وهو الضمير.

إنه يوم الدعوة إلى أخلقة العالم. ويخطئ من يعتقد أن هذا الخطاب مثالي وطهوري النزعة، ولعل ظاهرة الإرهاب أكبر دليل على مثل هذه القراءة الخاطئة. أليست الشبكات الإرهابية تقتات من الخزان الاجتماعي للمهمشين الذين يعرفون أنهم بعيدون من المشاركة الاقتصادية، أي أنهم يعانون من الفقر والبطالة؟

هذا يعني صراحة أن أمن العالم وحتى الذين لا ضمير لهم في خطر؛ فالضمير هنا يصبح حماية لأنه سيدلك إلى مقاربة الربح والغنيمة، مقاربة تأخذ بعين الاعتبار والحساب الأمن الذي لا معنى من دونه للمال الأملاك.

مما لا شك فيه أن الشعوب اليوم تعرف لمحة لا تخلو من مرارة، وهي نتاج تراكمات من الأحداث سببها غياب الضمير الإنساني؛ إذ إن الصراع بين الخير والشر وأصحاب الضمير وفاقديه كان دائماً قائماً. والجديد أن أنصار الضمير غير فاعلين ولا حول ولا قوة لهم، وهذا أمر مخيف جداً لأنه يؤذن بخراب العالم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ضمير العالم في أزمة ضمير العالم في أزمة



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 00:54 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب
المغرب اليوم - روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب

GMT 22:21 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
المغرب اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 07:41 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إكس" توقف حساب المرشد الإيراني خامنئي بعد منشور بالعبرية

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 06:07 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

صادرات الحبوب الأوكرانية تقفز 59% في أكتوبر

GMT 06:23 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

صندوق النقد يتوقع نمو اقتصاد الإمارات بنسبة 5.1% في 2025

GMT 06:50 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نصائح لتحديد أفضل وقت لحجز رحلاتكم السياحية بسعر مناسب

GMT 04:32 2020 الإثنين ,23 آذار/ مارس

ستائر غرف نوم موديل 2020

GMT 15:48 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

لا تتسرّع في خوض مغامرة مهنية قبل أن تتأكد من دقة معلوماتك

GMT 05:27 2015 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تشن حملة ضد ممثلة نشرت صورها دون الحجاب

GMT 07:16 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

الهاتف "ري فلكس" يطوى ليقلب الصفحات مثل الكتاب
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib