البحث العلمي هو الحل

البحث العلمي هو الحل

المغرب اليوم -

البحث العلمي هو الحل

آمال موسى
بقلم - آمال موسى

موضوعياً، فإنَّ نصيبَ البحث العلمي في بلداننا من الميزانيات والاهتمام يتراوح بين الضعيف والمتواضع. ورغم ذلك فإنَّ ذكاء مجتمعاتنا والحد الأدنى من الإمكانات المتوفرة في مجال البحث العلمي قد أثمرا إنتاجَ بحوثٍ علمية متميزة وبروز قامات ذات صيت دولي في مجال العلم.

ومن المهم الاعتراف أنه لسنوات طويلة سادت فكرة أنَّ البحثَ العلمي ترفٌ وشأن خاص بالدول الغنية والكبرى. طبعاً وجود هذه الفكرة له ما يبرره، وعلى رأس هذه المبررات أن البحث العلمي يحتاج إلى المال وإمكانات كبيرة، وهو أمر تقدر عليه الدول الغنية.

هكذا هي المقاربة ولم نطرح السؤال المفصلي حسب اعتقادنا: إلى أي حد أسهم البحث العلمي في جعل البلدان غنية وكبرى ومتقدمة؟

نظنُّ أن هذه المقاربة الواضحة هي التي نحتاجها اليوم من أجل التأسيس لبيئة علمية ولمناخ يشجع على البحث العلمي ويراكمه ويدعمه. فالأمر ليس ترفاً بقدر ما هو استراتيجي وأساسي.

من جهة ثانية، فإنَّ مقاربة البحث العلمي من بوابة الترف كان يمكن تفهمها والتسامح معها في فترة تاريخية معينة، ولكن اليوم، وبحكم ما بات يعرفه سكان الأرض من تغيرات مناخ، ومن حراك عالمي لا يكاد يهدأ، ومن هيمنة غير المتوقع على اهتمامات العالم، ووضع رزنامات تدخل في الأزمات المستجدة؛ فالوجود على كوكب الأرض اليوم بات مرتبطاً بالحلول التي يمكن أن يقدمها البحث العلمي للبشرية. ولم يعد بالإمكان اليوم في ظل وتيرة التغيرات السريعة أن تنتظر شعوب منتجات البحث العلمي للبلدان الغنية عقوداً حتى تستفيد منها؛ لذلك فإن الحل من أجل ضمان الوجود أصلاً الاستثمار في الرأسمال البشري وفي العقل الإنساني وفي العلم من أجل إيجاد الحلول.

من هذا المنطلق، فإنَّ الفقراء هم الأكثر حاجة اليوم للبحث العلمي؛ لأن لا شيء مثل حلول العلماء وابتكارهم قادر على تحسين وضعهم، وخاصة أن الابتكارات المذهلة في مجال الصحة والفلاحة ستنقل الفقراء إلى أفق مختلف كلياً، وهذا لا يشمل الأشخاص والشعوب فقط، بل أيضاً الدول؛ ذلك أنَّ الدول ذات الميزانيات المحدودة والتي لا تمتلك الموارد للتوريد ولتوفير التجهيزات الباهظة والضخمة هي المستفيدة من تشجيعها للبحث العلمي، ومهما كانت الأموال التي ستصرفها على البحث العلمي والذكاء الاصطناعي، فإنها تعد لا شيء عندما يدخل الابتكار حيز التنفيذ. ومن ثمة فإن البحث العلمي يسهم في التخفيض من نفقات الدول والمجتمعات، علاوة على أنه يوفر حلولاً لمشكلات لا يمكن مجابهتها بشكل يفتقر إلى الرهان على العلم.

وكي يكون طرحنا أكثر وضوحاً نطرح مجموعة من الأسئلة: كيف سنحل اليوم مشكلة الشح المائي؟ وما الذي يمكن أن يجنيه قطاع الصحة من الذكاء الاصطناعي، خاصة مع صعوبة توفير التجهيزات الطبية الغالية جداً؟ وكيف السبيل إلى الطاقة بالنسبة إلى البلدان متواضعة الثروات الطبيعية؟ بل ما البديل للطاقات التي ستنفد يوماً ما؟

إن البحث العلمي هو فعلاً ضالة الشعوب المتواضعة في إمكاناتها، وهو أيضاً الضامن لاستمرار ثراء الدول الغنية المتقدمة، بل إن الدخول إلى نادي الدول المتقدمة لا يكون إلا بالبحث العلمي والرهان عليه وتبجيله، حتى ولو كانت إمكانات الدولة ضعيفة؛ لأن الحل والعلاج في الرهان على البحث العلمي لتجاوز الضعف ومظاهر الفقر. ولا يفوتنا أنَّ الانخراط في مجال حقوق الإنسان نفسه يفرض الرهان على البحث العلمي، باعتبار أن حقوقاً عدة تعجز بعض الدول عن تلبيتها لأنها مكلفة، كالحق في الصحة والحق في الغذاء والحق في النقل والحق في التعليم الجيد... والبحث العلمي اليوم بآفاقه الرحبة يقدم حلولاً غير مكلفة ويمكّن من تعميم هذه الحقوق.

أيضاً ظاهرة هجرة الأدمغة والتفريط في علمائنا للعالم المتقدم من الظواهر التي يجب الانتباه إليها أكثر، ووضع إجراءات تساعد على استقرار الباحث الواعد في بلده، مع توفير بيئة علمية ينمو فيها البحث العلمي ويزدهر.

نعتقد أنه من المهم أن نشتغل على الترويج لفكرة أن البحث العلمي قارب نجاة الدول التي تبحث عن القضاء على الفقر والجوع والمساواة وتكافؤ الفرص؛ ذلك أن ميزة البحث العلمي الإبهار بحلول لم تكن موجودة، ولكن العقل البشري يجعل منها حقيقة تفعل فعلها في تحسين واقع المرضى والعلاجات من الأمراض المزمنة، وتستبدل بالتجهيزات المكلفة ما هو متاح وفي متناول الفقير قبل الغني.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البحث العلمي هو الحل البحث العلمي هو الحل



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 00:54 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب
المغرب اليوم - روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب

GMT 22:21 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
المغرب اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 07:41 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إكس" توقف حساب المرشد الإيراني خامنئي بعد منشور بالعبرية

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 06:07 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

صادرات الحبوب الأوكرانية تقفز 59% في أكتوبر

GMT 06:23 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

صندوق النقد يتوقع نمو اقتصاد الإمارات بنسبة 5.1% في 2025

GMT 06:50 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نصائح لتحديد أفضل وقت لحجز رحلاتكم السياحية بسعر مناسب

GMT 04:32 2020 الإثنين ,23 آذار/ مارس

ستائر غرف نوم موديل 2020

GMT 15:48 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

لا تتسرّع في خوض مغامرة مهنية قبل أن تتأكد من دقة معلوماتك

GMT 05:27 2015 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تشن حملة ضد ممثلة نشرت صورها دون الحجاب

GMT 07:16 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

الهاتف "ري فلكس" يطوى ليقلب الصفحات مثل الكتاب
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib