نكستان كبريان لترمب وجونسون ولكن

نكستان كبريان لترمب وجونسون... ولكن!

المغرب اليوم -

نكستان كبريان لترمب وجونسون ولكن

إياد أبو شقرا
بقلم : إياد أبو شقرا

يجب الإقرار بأنَّ أحداثَ الساعات الـ48 الماضية في الولايات المتحدة وبريطانيا شكّلت نكستين كبريين لزعيمي تيار اليمين المحافظ القوي داخل المؤسستين السياسيتين للبلدين، الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ورئيس الحكومة البريطانية الأسبق بوريس جونسون.

إذ إنَّ توجيه 37 تهمة لترمب في قضية أرشيف البيت الأبيض، التي تتصل بملفات عسكرية نووية ووثائق سرية حسّاسة أخذها معه، واحتفظ بها في منزله الخاص بعد مغادرته الرئاسة، مسألة في غاية الخطورة.

وفي يوم إعلان لائحة الاتهام في أميركا بحق ترمب، تقدّم رئيس الوزراء البريطاني الأسبق بوريس جونسون باستقالته من عضوية مجلس العموم، متخلّياً عن مقعده النيابي في الضواحي الغربية للعاصمة لندن.

ولقد جاءت خطوة جونسون على أثر الكشف عن نتيجة التحقيق الرسمي الذي أُجري حول مخالفته قوانين التباعد الاجتماعي ومنع الاختلاط في حمأة جائحة «كوفيد-19» باستضافته في مقر إقامته الرسمي ملتقيات أكل وشرب دُعي إليها جمع من زملائه وأصدقائه ومحازبيه. ويذكر أن رئيس الحكومة الأسبق أنكر، في حينه، التقارير الصحافية عن تنظيمه تلك الملتقيات، التي أطلقت عليها مُسمى فضيحة «بارتي غيت»... على غرار فضيحة «ووتر غيت» التي أنهت حكم الرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون عام 1974.

وزارة العدل الأميركية أفادت بأنه عندما غادر دونالد ترمب البيت الأبيض خلال يناير (كانون الثاني) 2021، إثر خسارته الانتخابات الرئاسية الأخيرة أمام منافسه الديمقراطي الرئيس الحالي جو بايدن، أخذ معه «صناديق كاملة» من الملفات السرّية العائدة إلى وزارة الدفاع (البنتاغون) ووكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أيه) ووكالة الأمن القومي وغيرها من وكالات الاستخبارات. ومن ثم، احتفظ بها «بشكل غير آمن» في منزله الخاص «مار آ لاغو»، بولاية فلوريدا.

وتابعت الوزارة، في بيانها، أن الرئيس السابق كان يستضيف في تلك الأثناء – أي منذ يناير 2021 – في ذلك المنزل مناسبات اجتماعية كبيرة شارك فيها عشرات آلاف الضيوف، وفق لائحة الاتهام المقدمة إلى محكمة فيدرالية (اتحادية) في فلوريدا. وفوق ذلك، شملت لائحة التهم ليس فقط تهماً كـ«الاحتفاظ بمعلومات تتَّصل بالأمن القومي» تتضمن أسراراً نووية أميركية، بل أيضاً «عرقلة سير العدالة» عبر الإدلاء بشهادات كاذبة. والآن، ينتظر أن يمثُل ترمب أمام القضاء لأول مرة يوم الثلاثاء المقبل في مدينة ميامي، كبرى مدن ولاية فلوريدا، حيث جرت بعض أهم فصول القضية.

ولكن، مع أنَّ الجانبَ القانوني هو الذي يتصدّر الأخبار حتى اللحظة، فإن التداعيات الأهم والأخطر ستكون سياسية بامتياز تتعلق: أولاً، بفرص عودة الرئيس السابق إلى الساحة السياسية من سباق معركة انتخابات الرئاسة المقبلة. وثانياً، بمستقبل الحزب الجمهوري ونفوذ تيار ترمب فيه... سواءً بقي في السباق أو أُخرج منه.

في بريطانيا، قد لا يكون المشهد أقل إثارة، خصوصاً أن شخصية بوريس جونسون ليست أقل إثارة للجدل من شخصية ترمب. فلكل من الرجلين «شخصية» مميّزة يعشقها محبّوه ويمقتها خصومه، ثم لكلٍّ من الرجلين هفوات وسلوكيات غير مألوفة - وأحياناً طريفة – لا تتوافر في الساسة المحترفين العاديين. وما شهدته لندن، قبيل تخلّي جونسون عن مقعده النيابي، إدانة قانونية ومسلكية واضحة. وما أعلن في حصيلة التحقيق المفصّل أن رئيس الوزراء الأسبق «ضلّل البرلمان»، وبالتالي، أوصى التحقيق بتعليق عضويته في مجلس العموم «لفترة طويلة». سياسياً، قلة يشكّون بأن ترمب، في حال تفاديه الإدانة، لن يواصل حملته الرئاسية، بل يتوقعون مواصلتها بزخم وعناد أكبر. وبالفعل، لدى ترمب حسابات عدة يريد أن يصفيها من أجل استعادة هيمنته على التيار المحافظ المتشدد داخل الحزب الجمهوري.

معركته الأولى حتماً يخوضها ضد متحديه الأبرز منذ شهور، حاكم ولاية فلوريدا رون دي سانتيس. ولكن لا تقل أهمية بكثير معركته الثانية ضد نائبه السابق مايك بنس الذي يتهمه أتباع ترمب المتحمسون بأنه «خذل» رئيسه منذ الهجوم على مبنى الكونغرس ونأى عنه... آملاً كسب تيار الاعتدال الضائع داخل الحزب. وطبعاً ثمة تساؤلات عن اتجاه أصوات الأقليات، وفي الساحة الجمهورية اليوم بضعة مرشحين «أقلياتيين» من السود والآسيويين.

وبناءً عليه، قد يكون من المبكّر طي صفحة دونالد ترمب إذا بقي تياره قوياً في أوساط الجمهوريين.الوضع قد يكون مختلفاً مع بوريس جونسون، الذي عجّل بشنّ «حربه» داخل حزب المحافظين ضد رئيس الوزراء ريشي سوناك وفريقه، بعدما اتهمهم علناً بالتآمر عليه.

حتى الآن، استطلاعات الرأي لا تعطي المحافظين قراءات مطمئنة. وقد يغدو الوضع أسوأ بالنسبة لهم إذا تفاقمت الانقسامات داخل الحزب، في حين لا يزال حزب العمال المعارض في وضع مريح نسبياً تحت قيادة معتدلة، لكنها تفتقر إلى الجاذبية والمواقف القاطعة.

وهنا يشير كثرة من المحللين إلى أن المعضلة التي تواجه خصوم «اليمينَين» الجمهوري الأميركي والمحافظ البريطاني هي أنهم - أي الخصوم - ما زالوا يراهنون على انقسامات هذين الحزبين، التي توفّر عليهم بلورة سياسات وسطية ويسارية بديلة متجانسة وشجاعة.

لكن «أرضيتي» هؤلاء الخصوم، أي ديمقراطيي أميركا وعمَّال بريطانيا، أكثر هشاشة مما يظنون. وبالتالي، لا يشكل انقسام اليمين حالة دائمة يجوز أن تشعِرهم بالاطمئنان. هذا الواقع يعني ضرورة إيجاد بدائل حقيقية قابلة للتسويق ضد عناصر قوة اليمين الثابتة والدائمة، وأهمها: خفض الضرائب، والتضييق على الهجرة واللجوء، والتخويف من الحروب الاقتصادية.

الخلاصة، صحيح أنَّ نكستي ترمب وجونسون كبيرتان... لكن مكامن قوة حزبيهما لا تزال موجودة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نكستان كبريان لترمب وجونسون ولكن نكستان كبريان لترمب وجونسون ولكن



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib