كورونا وبيان القدرة وكشف العورة

كورونا وبيان القدرة وكشف العورة

المغرب اليوم -

كورونا وبيان القدرة وكشف العورة

بقلم -سارة السهيل

يقف أساطين العلم والعلماء عاجزين امام فيروس صغير لا يرى بالعين المجردة يدخل وحيداً للخلية وبعد 24 ساعة أصبح  1000000000 وينتقل محمولاً بقطيرات الرذاذ المتطاير أثناء السعال أو العطاس ليقتل اكثر من سبعين ألف انسان حول العالم ويصيب أكثر من مليون والاعداد في تزايد.
وهذا الفيروس ليس ضمن حرب بيولوجية  كما يذكر العلماء، لكنه تحور جيني يدل على قدرة الخالق سبحانه وتعالى الذي بيده شفاء البشرية، هذا الكائن منتهي الصغر اوقف الحياة على الكوكب الأرضي، أصاب سكان المعمورة بالهلع والفزع والخوف والذعر؛ ووقفت أعتى الحكومات والدول التي تصنف بالعظمى عاجزة وهي التي طالما صنعت القنابل النووية، وشردت شعوب منطقتنا بالعراق وسوريا وفلسطين حولت النساء لأرامل والأطفال ليتامى واصابت المنطقة كلها بالفقر والجوع والمرض، هي تحكم قبضتها على الاقتصاد العالمي.
هذه الدول العظمى تولول بالجائحة خاصة عندما ارتفعت اعداد المتوفين فيها، وجاء الفيروس عادلا جدا لم يفرق بين غني وفقير وعظيم الجاه او قليل الشأن، وأصاب حركة اقتصاد الدول الكبرى بالشلل مثلها في ذلك مثل الدول الصغرى والناشئة في عالمنا العربي، واستتبعه اتخاذ كافة الدول إجراءات صارمة فتوقفت المدارس والجامعات والمطارات والسياحة، وأغلقت الحدود، ومعظم البشرية لزم المنازل في محاولة لتقليل انتشارالفايروس.
انه السكون الذي غلف البشرية بعد حركة دائبة وأقعدها حبيسة منازلها مثل السجناء تماما في السجون، ولكنه هذه المرة سجن كوني، اثبت لكل منكر للخالق العظيم آيات قدرته وجنوده عندما يستخدم خلقا صغيرا من خلقه ليؤدب البشر على استفحال شرهم وفسادهم وانتهاكهم لحقوق الشعوب والأديان.
مشاهد كثيرة تابعناها عبر الشاشات الفضائية، كيف تخلو الشوارع من المارة وفي بعض الدول العربية وجدت الحيوانات ضالتها للخروج في نفس العواصم الكبرى التي كانت تكتظ بالبشرّ! ، وفجأة تعالت أصوات الأذان في عدد من العواصم الاوربية وبسر الله اكبر في الآذان استصراخا للمولى كي يكشف الشر ويرفع الوباء.
وبينما ينشغل معظم البشر باخبار كورونا وصيحات التداوي المتاحة لرفع جهاز المناعة، يقف علي الجانب الاخر أهل التدبير والتأمل ليرون تجليات قدرة الخالق العظيم في قوله تعالى بسورة الانعام " وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ " وكما قال المفسرون، فان السكون هو استقرار الجسم في مكان، أي حيّز لا ينتقل عنه مدّة، فهو ضدّ الحركة، وهو من أسباب الاختفاء، لأنّ المختفي يسكن ولا ينتشر، وهنا سكن الانسان وانتشر الفيروس، وكما يقول المولى جل شانه في سورة النور " إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ".
 
"كورونا" فرصة عظيمة لأولي البصائر من بني البشر لكي يعيدوا حساباتهم ويتطهروا من غرورهم إما بالمال او الجاه او السلطة او حتى العلم. وفرصة لكل واحد فينا لكي يفتش داخل نفسه ويبحث مخلصا عن اي غرور انساني لا يجدي ولا ينفع، فقد أثبت كورونا كم نحن ضعفاء، وكما تأخذنا العزة بالاثم لاثبات قدراتنا وتفوقنا على الأخرين.
في حين ان المولى عز وجل قال في محكم كتابه بسورة الانبياء " وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ " وهي سنة كونية في خلقه، فالارض اليوم ليست صالحة للحياة بعد ان تفشت في الاوبئة والتلوث والفساد ولذلك فان الله يصلحها ويطهرها بما يشاء من الكائنات الصغيرة حتى يورثها للصالحين.
اتصور اننا في أشد الحاجة لاعادة قراءة القرآن الكريم بتأمل وتدبر، خاصة ان القرأن حكى لنا العديد من قصص الاقوام السابقة كعاد وثمود واصحاب الناقة وفرعون وقارون وغيرهم الذين اهلكهم الله بذنوبهم واستبدل غيرهم اقواما صالحين.
وعلينا ان نثق في رحمة ربنا وهدي نبينا صل الله عليه وسلم، لاننا في امتحان صعب  لايمكننا تجاوزه بالتدبر والتأمل والرجوع الى الله والصبر وكما قال الله تعالى في سورة البقرة : ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ )
هذه الكورونا أكدت بما لا يدع مجالا للشك، بأننا جميعا مملوكون لله وحده، وانه القادر على رفع البلاء عنا اذا ما رجعنا اليه وادركنا حقيقة " وما أوتيتم من العلم الا قليلا "  وكما نأخذ بالاسباب الطبية والاجراءات الاحترازية، فان اللجوء الى المولى عند المصائب هو الملاذ المنقذ للبشرية.
أتمنى ان تفيق البشرية وتتحرر من عبوديتها للدولار والدينار والاسترليني، وتعرف ان قيمة الانسان في اخلاقه ودينه وقيمه ورحمته وليس في منصبه وجاهه وتسلطه وقهره وظلمه لاخيه الانسان. وأظن ان لم يدرك ذلك، فان كرورونا تنتظره بمزيد من الدروس.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كورونا وبيان القدرة وكشف العورة كورونا وبيان القدرة وكشف العورة



GMT 15:33 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر عربي اخترته للقارئ

GMT 15:29 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر المتنبي - ٢

GMT 15:18 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

من شعر المتنبي - ١

GMT 23:58 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

شعر جميل للمعري وأبو البراء الدمشقي وغيرهما

GMT 21:18 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أقوال بين المزح والجد

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 00:54 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب
المغرب اليوم - روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب

GMT 22:21 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
المغرب اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib