على غير أرضها

على غير أرضها

المغرب اليوم -

على غير أرضها

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

لا بد أن جميع المحللين المهنيين يعيدون النظر في كل ما كتبوا وكل ما قرأوا مع دخول حرب أوكرانيا شهرها الثالث. أما الهواة فعلى المكاتب ينظرون. كل عاقل معني بالأمر كان على خطأ صغير أو خطأ كبير. إيمانويل ماكرون كان على قدر من احترام الذات بحيث عزل رئيس استخباراته، لأنه أساء قراءة الوضع العسكري. وفي اعتقادي أنه بدءاً من جو بايدن مروراً بالسنيور غوتيريش وصولاً إلى السيدة أوروبا فون ليدن، الجميع أساءوا قراءة 20 عاماً من تاريخ بوتين السياسي. أما الخطأ الأكبر فكان الجهل بالرئيس الأوكراني الذي تعامل معه العالم في صفحة الفنون والكوميديا.
من بايدن إلى حلفاء بوتين، توقع الجميع حرباً صاعقة واستسلاماً عاجلاً. لا تزال الحرب تصعق لكن الاستسلام غير قريب، والسلام مجموعة حروب وثارات وصعوبات وأحقاد جديدة تكدس فوق الأحقاد القديمة. أكثر بكثير مما نتصور أو يمكن أن نتخيل.
كل حكاية شعبية عادت إلى الذاكرة. كل جرح قد فتح. كل قبر تاريخي قد نبش. كل النكات استعيدت. في مقابلة نادرة مع مدير مكتب العربية - الحدث في الأمم المتحدة - عماد الحاج لم يترك وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف نقطة دون أن يثيرها، وسؤالاً لم يجب عليه. وفي النهاية أدار المحادثة بطريقة ليلقي نكتة حول شعب إستونيا ونظرة الروس إليه. ربما كان المتابع يتوقع أن تمد موسكو الحرب إلى جارتها البلطيقية، أما أن يصل الأمر بالسيد لافروف إلى الخروج عن تجهمه وإلقاء النكات، فهو دليل من دلائل الحرب العالمية.
حرب هائلة لكنها حتى اللحظة فوق أراضي أوكرانيا. «مسرح العمليات» لم يتخط الحدود من أي جانب. أو بالأحرى من أي جهة من الجهات الأربع. لقد أصبح العالم يعرف جغرافياً أوكرانيا بالتفاصيل. وأنواع الدبابات المحترقة. في حربها مع نابليون وهتلر، مارست روسيا «الحرب المحروقة» بحرق أرضها أمامهما. الآن تحرق مدن زيلينسكي، من العاصمة إلى الموانئ إلى تحت الأرض.
لم يترك بوتين فرصة للمحللين والمتوقعين. ولا أعرف إن كان «المتوقع» اللبناني الشهير ميشال حايك قد مرّ بتوقعات رأس السنة على حرب في هذا الحجم، أو أخبره جنود الفلك بأن القمح والغاز والنفط سوف تلتهب أسعارها معاً. أحاول أن أتذكر بماذا تنبأت السيدة ليلى عبد اللطيف في مرورها على خريطة كوكب الأرض وسائر الكواكب السيارة، وخصوصاً منها المشتري.
غداً يقال لك: «أنا تنبأت بما سيحدث. قلت إن ناراً سوف تشتعل في أوروبا عندما يصطدم برج الدلو ببرج السطل». يستطيع أن يتكهن من يقدر على قراءة عقل فلاديمير بوتين. أو من خطر له أن في إمكان أوكرانيا أن تدمّر الطراد «موسكفا»، أو أن تتحمل مشاهد مدن الأشباح عبر البلاد. أو أن موسكو سوف تطلق النار على ساقي الأمين العام للأمم المتحدة وهو يتفقد مدينة كييف. أو بالأحرى ما بقي منها.
وهل تعرف شيئاً آخر؟ الحرب لم تبدأ بعد. سوف تبدأ عندما يمتد الخراب إلى المباني الواقفة في روسيا. والعياذ بالله.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

على غير أرضها على غير أرضها



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:33 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
المغرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 12:48 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الميزان السبت 26-9-2020

GMT 11:52 2020 السبت ,07 آذار/ مارس

تشكيل الوداد لمواجهة النجم الساحلي

GMT 04:35 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

إليكم أفضل الأماكن في لبنان لهواة رياضة ركوب الشواطيء

GMT 12:34 2019 الخميس ,13 حزيران / يونيو

موزيلا ستطرح نسخة مدفوعة من فايرفوكس

GMT 01:29 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

10 صنادل مميّزة تكمل أناقة الرجل العصري في 2019

GMT 19:33 2019 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

بايرن ميونخ يفقد أحد أسلحته أمام بريمن
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib