باهي ياسي محمد باهي

باهي ياسي محمد باهي

المغرب اليوم -

باهي ياسي محمد باهي

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

ذهبت «البوكر» العربية هذا العام إلى الليبي الشاب محمد النعاس على روايته الأولى «خبز على مائدة الخال ميلاد». تكاد تشعر حتى هنا، بحرارة الخبز الطازج ورائحة الطحين وزحمة الفرن، وتسمع العم فيتوري ينادي على ابنه مؤنباً بمحبة: شنو واخد عقلك يا محمد؟
لا يقرّ محمد بما يأخذ على عقله ويخلب لبّ شبابه، بل يكمل سحب الأرغفة الممتلئة خميراً طيباً، محمّرة الغلاف بلون العنّاب.
من أجل روايته، لم يذهب محمد النعاس بعيداً. ذهب إلى الأمثال القديمة والحي القديم ولكن إلى حياة اليوم. وشعر بحرية قصوى «بعد أربعين عاماً من السبات» وهو يرسم الحياة كما هي. والحياة كما هي ليست حلماً، وإنما جزء منها متعب وحزين وفيه عجز وشفقة.
لا يضير الناس في شيء، أنه ينقل الحياة اليومية نقلاً. هكذا عادة يفعل الروائيون الذين تأثر بهم: المعلم نجيب محفوظ، وساحر الصناعة الروائية في ليبيا إبراهيم الكوني، والساحر الأول في كيميائيات الرواية الحديثة، الطيب صالح. وهناك الأجانب أيضاً. ولا بد أن تلمح أيضا العنصر الإيطالي في السرد، ولكن ليس بالضرورة في صيغة عدائية، كما جرت العادات الخطابية التي تلبست حياة الليبيين، فصاروا جميعاً كاتباً واحداً وشاعراً واحداً وقائداً واحداً.
أول رواية لمحمد النعاس، المهندس الكيميائي، وأول ليبي يفوز بـ«البوكر». كم هو عظيم الدور الذي تلعبه الجوائز المحترمة في التعريف بذوي المواهب. ربما من دون «بوكر» مضت سنوات قبل أن نكتشف النعاس. ربما زادت شهرة نجيب محفوظ مائة مرة في العالم، بعد «نوبل». وفي فرنسا جرت العادة بأن من ينال جائزة «غونكور» نال التاج.
عربياً، كانت «جائزة الملك فيصل» أول من ذهب إلى هذا الحد من الموضوعية والجديّة في تطبيق شروط الاستحقاق. وكان يفترض أن يكون هناك عمل بحجم عالمي في مصر. وأيضاً في المغرب. وفي مرحلة ما لعبت الكويت دوراً ريادياً في تشجيع الفكر والأدب، ثم تراجعت في ذلك بطريقة محزنة ولا تليق.
قصة محمد النعاس - وليس روايته - برهان على أن العمل الأدبي لا علاقة له بظروف الأديب أو بلده. لقد كتب روايته في حين طرابلس تحترق من حوله «أربعون عاماً في السبات، وعشرة في الجحيم». ثلاثة منها أمضاها في كتابة، وإعادة كتابة، خبز الخال ميلاد. والعم فيتوري. والحاج حديفة. وباهي يا سيدي، باهي.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

باهي ياسي محمد باهي باهي ياسي محمد باهي



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:33 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
المغرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 06:38 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة
المغرب اليوم - السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 12:48 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الميزان السبت 26-9-2020

GMT 11:52 2020 السبت ,07 آذار/ مارس

تشكيل الوداد لمواجهة النجم الساحلي

GMT 04:35 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

إليكم أفضل الأماكن في لبنان لهواة رياضة ركوب الشواطيء

GMT 12:34 2019 الخميس ,13 حزيران / يونيو

موزيلا ستطرح نسخة مدفوعة من فايرفوكس

GMT 01:29 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

10 صنادل مميّزة تكمل أناقة الرجل العصري في 2019

GMT 19:33 2019 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

بايرن ميونخ يفقد أحد أسلحته أمام بريمن
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib