بما أن

بما أن...

المغرب اليوم -

بما أن

بقلم - سمير عطاالله

عرض الدكتور مأمون فندي للنقاش، بعلم وموضوعية، فكرة الخيار بين نظامين يسودان العالم اليوم: الأميركي والصيني. الأول، نتاج مداولات فكرية وسياسية وثقافية قائمة منذ عقود، والآخر هجين: يقلد أميركا في الاقتصاد ويقلد نفسه في السياسة. الجزء الأول ناجح بلا أي شك، والثاني عرضة للشكوك، داخل الصين وخارجها. روسيا فعلت الشيء نفسه تقريباً: ألغت الشيوعية في الاقتصاد وأبقت بوتين رئيساً مدى الحياة مثل جميع من سبقه من قادة الشيوعية، باستثناء ميخائيل غورباتشوف.
المقارنات التي يطرحها الدكتور فندي توصل إلى سؤال أساسي: هل يحتاج الإنسان إلى حرية أم أنه يستطيع الحياة من دونها، في ظل ازدهار اقتصادي؟ أيهما الأفضل: بلد يسمح رئيسه بانتقادات يومية وآلاف الرسومات الكاريكاتورية المشوهة، والكتب الفاضحة التي يُصدرها مستشاروه وأقرباؤه ومساعدوه، أم بلد لا يزال يمجّد ماو تسي تونغ خوفاً من أن يصل النقد إلى الرئيس الحالي؟
ليس هناك حل واحد. فأنت إذا عشت في سنغافورة لن تجد ما تنتقده في أي حال. ولكن في أنظمة أخرى لن تجد ما ترتاح إليه سوى صورة الرئيس مدى الحياة. هذه الأنظمة دمّرت الشعوب والأوطان وتركت حول العالم بلداناً مفجوعة، لأن النظام أخذ منها كل شيء ولم يعطها سوى الأقبية.
يُخيّل إليَّ أن الخلل في طرح الدكتور فندي هو في اختيار النموذجين. فالرئيس ترمب ليس نموذجاً أميركياً عادياً على الإطلاق. بل هو حالة من الحيوية والفوران اليومي والصدامات السياسية، تجاوزت أي رئيس من قبل. أما الرئيس الصيني فشبيه بأسلافه في السلوك والمظهر والسياسات العامة. وهو يطلب ويمارس من الصلاحيات مائة مرة أكثر من ترمب، لكنه لا يتحدث عن ذلك أو يشير إليه. المسألة الأخرى في المقارنة ليست الخلاف بين النموذجين، بل بين حضارتين. فالحكم في الصين هو القائد، أو «الإمبراطور» سواء كان كونفوشياً أو شيوعياً، أما في الولايات المتحدة، فهو الفرد، سواء كان جمهورياً أو ديمقراطياً أو مستقلاً.
الحقيقة أن المقارنة بين النموذجين لا تصح مع ترمب وطباعه الاستثنائية، بل مع النماذج الكلاسيكية في الديمقراطية: الصين وفرنسا، الصين وبريطانيا، الصين وكندا. في ظل مَن يريد إنسان اليوم أن يعيش؟ هل يضحي بكتاب من أجل وجبة فاخرة؟ لماذا ليس الاثنان معاً؟ لماذا اعتبار الحرية عدواً؟ ولماذا لن يعرف مليار صيني سوى رجل واحد، و145 مليون روسي بوتين واحد، مدى حياتهم وحياته؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بما أن بما أن



GMT 15:33 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر عربي اخترته للقارئ

GMT 15:29 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر المتنبي - ٢

GMT 15:18 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

من شعر المتنبي - ١

GMT 23:58 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

شعر جميل للمعري وأبو البراء الدمشقي وغيرهما

GMT 21:18 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أقوال بين المزح والجد

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib