أنجلينا «تبيد»

أنجلينا «تبيد»

المغرب اليوم -

أنجلينا «تبيد»

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

الصيف الماضي كنا نتمشى، زميلان لبنانيان وأنا، في غابة بولونيا الباريسية، عندما رأينا الممثلة أنجلينا جولي تسير بقربنا بثياب الرياضة: هل نلقي عليها التحية ويسرها أن الناس تتعرف إليها، أم أن الدخول على وحدتها يضايقها؟ قررنا بالإجماع أن المشاهير بشر ضعفاء، «والغواني يغرهنَّ الثناء»، كما روى أمير الشعراء في قصيدته الرائعة: نظرة فابتسامة - فسلام فكلام - فموعد فلقاء. فكان أن ألقينا السلام باسم أخوّة الغربة التي تؤكد أن «كل غريب للغريب نسيب».
الذي اخترع التلفزيون والمسلسلات المكسيكية كان ذواقاً، فاخترع لها «الريموت كونترول». وأمس كنت أحاول البحث عما تحلُ مشاهدته، فبدا لي وجه خُيّل إلى أنني أعرفه. نعم، السيدة جولي. أوقفت الريموت عندها وقلت، على طريقة الموشحات الأندلسية الأخّاذة، هاتي أعطينا من تمثيلك يا لا للي - أمان يا لا للي - أما رنّة العيدان يا لا للي - آه رنة العيدان...
كان اسم الفيلم «سولت» وهو مأخوذ عن رواية خيالية حول مؤامرة سوفياتية لاغتيال رئيس الولايات المتحدة. وحسب الدقائق التي تحملت مشاهدتها من الفيلم فإن أنجلينا هي العميلة المكلفة الاغتيال، لكن قد تكون هي المنقذة أيضاً حسب أفلام النهايات السعيدة.
أول لقطة مما شاهدت تقتل الست أنجلينا نحو سبعة بالكاراتيه (أياد، أرجل، ركل، ضربة قاضية بالكوع، ضربة قدم على الصدر). تترك الجثث وراءها وتعدو في الممرات شاهرة مسدسها، وإذ يطل حارس شاهراً بندقية، فتفطسه بيدها حتى الموت، وإذا برفيقه يظهر ومعه مسدس سريع الطلقات فتركله على ذقنه فيسقط ميتاً على ظهره، فتفشخ فوق جثته وتصعد إلى الدور الفوقاني وإذا بشرطيين نازلين إلى الدور التحتاني، فتركل الأول على ركبته والثاني في صدره. وهنا تنتقل الكاميرا إلى البيت الأبيض، فنرى الرئيس خائفاً ومحاطاً بالحرس وأعضاء الحكومة يتداولون كيف يواجهون المسز «سولت» فيما هي تقفز من المبنى إلى مبنى آخر وفي يدها مسدسها.
ينتقل المشهد إلى المبنى الثاني فنرى أنجلينا في لباس وهيئة رجل. وفجأة تقفز إلى مبنى آخر وتقتل اثنين أو ثلاثة، وتعدو من رواق إلى رواق، عابسة مكفهرّة غاضبة باحثة عن المزيد، فترى قبالتها ثلاثة أو أربعة رجال وامرأة في ثياب عسكرية فتزداد غضباً وتشهر مسدسها، ذات اليمين وذات اليسار ثم «سيداً» أو «قُبل» كما يقول العراقيون للاتجاه نحو الأمام.
يا مدام جولي، اهدئي، ومدام جولي لا تهدأ وطق، طق، طق. لكنها تتوقف لحظات لتنزع عن وجهها قناعاً جلدياً مصنوعاً من مادة مطاطة، وتروح تكمل البحث عن المزيد من الرجال الذين سوف تقتلهم بكواتم الصوت. عندها كنت قد فقدت جميع طاقات الاحتمال، وصوَّبت «الريموت» على التلفزيون بحثاً عن مسلسل مكسيكي، أو نشرة أخبار لبنان.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أنجلينا «تبيد» أنجلينا «تبيد»



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:33 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
المغرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 12:48 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الميزان السبت 26-9-2020

GMT 11:52 2020 السبت ,07 آذار/ مارس

تشكيل الوداد لمواجهة النجم الساحلي

GMT 04:35 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

إليكم أفضل الأماكن في لبنان لهواة رياضة ركوب الشواطيء
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib