«بريكست» خلف «بريكست»

«بريكست» خلف «بريكست»

المغرب اليوم -

«بريكست» خلف «بريكست»

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

رافقتها الأرقام القياسية منذ اللحظة الأولى لدخولها 10 داونينغ ستريت. لكن ليس من الضروري أن يكون الرقم القياسي مفرحاً دائماً. وفي حالة المسز ليز تراس فهو معيب بالنسبة إلى سيدة كانت تنوي أن تصبح خلال بضعة أيام، مارغريت ثاتشر أخرى. أو أي رمز من تلك الرموز التي يوفّرها عادة مقام رئيس الوزراء في ذلك الشارع الضيّق.
44 يوماً والمسز تراس تُعلن أنها مقاتلة لا مستسلمة، وأنها ليست امرأة ضعيفة مثل «سلفتها» تيريزا ماي، التي أُرغمت على الاستقالة بعد ثلاث سنوات. غير أن لعنة واضحة تُلاحق صاحب هذا المنصب منذ يونيو (حزيران) 2016 عندما وقف رئيس الوزراء ديفيد كاميرون يعلن هزيمته بسبب انتصار حركة الخروج من أوروبا (بريكست). وفي مايو (أيار) 2019 أدمعت تيريزا ماي وهي تقرأ استقالتها من المكان نفسه. وفي يوليو (تموز) 2022 أُرغم بوريس جونسون على الاستقالة وهو مُحاصر بعدد من الفضائح. هذه فترات قصيرة جداً على من يشغل المكان ويمضي فيه نحو عقد كامل مثل السيدة ثاتشر. وتبدو بريطانيا في هذا الجو المضطرب كما بدت في أعقاب عدوان السويس: حالة من التضخم المالي لا سابقة له، وانقسام حزبي وضعف في الصورة العامة.
طبعاً بريطانيا ليست لبنان حيث لا يُعتبر وجود الحكومة أو غيابها مسألة مهمة. ولا حتى هي إيطاليا التي اعتادت أن تنام على حكومة وتستيقظ على أخرى. وقد زعزعت خطوات المسز تراس الاقتصاد البريطاني بقرارات خرقاء فيما يحاول الغرب برمّته الاحتماء من آثار الحرب الأوكرانية.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد حذّر مواطنيه منذ بضعة أشهر من أن عهد الرخاء قد انتهى، وأن عليهم الاستعداد لصعوبات جمّة.
ووقف الرئيس الأميركي جو بايدن متعثراً ومتسربلاً في قلب أزمة الطاقة المتفاقمة، وأعلن المستشار الألماني أولاف شولتس، لأول مرة منذ عقدين على الأقل، أن بلاده تواجه أزمة اقتصادية كبرى.
وسط كل هذا تصرفت تراس مثل مبتدئة غير مسؤولة. وكانت قد أرادت أن تميزّ حكومتها بوزير خزانة ووزيرة داخلية من أصول هندية، فكانا أول المستقيلين أو المقالين. وكفريق انفض من حولها المؤيدون في حزب المحافظين. وانهالت عليها النكات في البرلمان. ولم يعد هناك أي معنى لشعارها الثاتشري «أنا لا أنسحب». ارتكبت المسز تراس خطيئة لا تُغتفر: طعنت القدرة الشرائية عند البريطانيين. ومن يدري إذا كان الجار المتربص ماكرون حسن النية أو خبيث القصد عندما قال إنه «يتمنى عودة الاستقرار إلى بريطانيا»، فهل بريطانيا دولة «غير مستقرة»؟
مسكينة المسز تراس في أي حال. «حلم ليلة صيف» على ما سماه قوال الإنجليز، شكسبير، وليم شكسبير. وإنها لنكسة ثقيلة لنساء السياسة في القارة الأوروبية.
المحبّر مدين لجنابكم باعتذار. كتبت الأربعاء الماضي عنوان «المرأة الثالثة» معدداً المشاكل التي أوقعت تراس نفسها وبلادها فيها. لكنني لم أتوقع أن يؤدي ذلك إلى خروجها. إلى (بريكست) آخر في داونينغ ستريت. ليس بهذه السرعة!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«بريكست» خلف «بريكست» «بريكست» خلف «بريكست»



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:33 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
المغرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 16:17 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"القوس" في كانون الأول 2019

GMT 21:52 2019 السبت ,03 آب / أغسطس

"الفيل الأزرق 2" يعيد قوة موسم الصيف

GMT 16:19 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

انتبه لمصالحك المهنية جيداً

GMT 14:20 2019 السبت ,29 حزيران / يونيو

طارق مصطفى يساند المنتخب أمام ساحل العاج

GMT 00:51 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

إسعاد يونس تعدّد صفات شريف مدكور برسالة دعم

GMT 09:39 2019 السبت ,06 إبريل / نيسان

أفضل الطرق لتسريحات الشعر الكيرلي في المنزل

GMT 05:32 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

قطر تُقرر مقاطعة نجوم " روتانا " بسبب الأزمة الخليجية

GMT 03:41 2015 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ستيفن كاري يشيد بجهود ليونيل ميسي مع "برشلونة" في الدوري

GMT 01:31 2018 الإثنين ,31 كانون الأول / ديسمبر

أحمد صلاح حسني يشيد بشخصيته في مسلسل "أبواب الشك"

GMT 18:51 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الديكورات الفرنسية الكلاسيكية لمنزل أكثر أناقة

GMT 14:23 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلان الإيطالي يبدأ التفاوض مع لاعب تشيلسي فابريغاس
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib