بقلم : سمير عطا الله
شجرة الأرز هي علم لبنان، لكن كثيرين لا يحبونها. والبعض يكرهها. والبعض ينكرها. وتاريخ لبنان هو تاريخ الجميع، لكن لا وجود لكتاب تاريخ مدرسي موحد. وجغرافيا لبنان واحدة مساحتها 10 آلاف كيلومتر مربع، لكنها مقسمة إلى دول وهويات وجمهوريات ومقاطعات. وفي هذه البقع من لهجات أكثر مما في الولايات المتحدة. وفيها مناخات مثل فرنسا بحجمها الكبير. وفي هذه الدولة الصغيرة 19 طائفة متناحرة. وفيها عشرة أزياء على الأقل، وفيها نحو مليوني نازح. وفيها 20 حزباً على الأقل.
وفي هذا البلد الصغير حرب واحدة على الأقل لكل من يشاء. وفيه ألف ولاء، على الأقل. وفيه جامعات أميركية وفرنسية ومصرية. وفيه مقاطعات ممنوع على الدولة دخولها إلا بإذن من السيد إسماعيل هنية. ولها حدود ممنوع عليها أن تراها أو أن تفتشها، وفيها أحزاب تناقض وجودها، كالحزب السوري القومي الاجتماعي.
وليس هناك اتفاق على معنى اسم لبنان. ولا على أصوله. ولا على عروبته. وهو المجموعة البشرية الوحيدة التي يعادي فيها رئيس الجمهورية، رئيس البرلمان، ورؤساء الحكومات، وحاكم البنك المركزي، وكل من استطاع إليهم سبيلاً. أمس، 22 نوفمبر (تشرين الثاني) كان ذكرى الاستقلال. وقصر الرئاسة كان مغلقاً ورايته منكسة. وكانت حكومته بلا صلاحيات. واقتصاده في عتي الرياح. وصادف أيضاً أنه يوم مولد نهاد حداد، المعروفة أيضاً بفيروز، الكائن الوحيد الذي لا يختلف عليه لبنانيان. لا على هويتها، ولا على جذورها، ولا على طائفتها، ولا على ميولها السياسية. الأعجوبة الوحيدة في وحدة لبنان، سواء غنت لجباله أو لسهوله، أو لسواحله. بينما كانت بيروت متناثرة في مينائها جاء رئيس فرنسا مؤاسياً. وبدل أن يذهب إلى القصر الجمهوري، حيث ينقسم اللبنانيون حتى على الكارثة، ذهب إلى بيت فيروز وغنى «بحبك يا لبنان».
لبنان الذي يُحب. الذي لا يعرف الحقد والكره والحرب والضغينة. هي الأرزة التي لا ينكرها أحد. الشجرة التي لا يجرؤ حتى الدببة على مناطحتها. الثيران العمياء تمر وادعة أمام رابيتها. أطال لها في عمر ضيائك.