النهر الكبير

النهر الكبير

المغرب اليوم -

النهر الكبير

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

جديد أدونيس، «أدونيادا». كيف تصنف الشعر الحديث؟ هل هو «ديوان»؟ هل هو «مجموعة»؟ وماذا تعني «أدونيادا»؟ «هل هي إلياذة أدونيس؟ أم الأودية الأدونيسية؟» وهل يعقل أن أبرز شعراء الحداثة العرب قرر أن يختار، بعد كل هذه التجربة، عنواناً من أم الملاحم الكلاسيكية؟ هل يعني أن هذا العمل الأدبي الضخم (450 صفحة - دار الساقي) هو سيرة ذاتية أخرى، أو بالأحرى فصل من السيرة التي ظهرت في كثير من عطاء هذا الرجل المتعدد والمتنوع والغزير والفائق الجهد؟
وضعت كل هذه الأفكار في صيغة التساؤل أو الخواطر؛ لأنني لست واثقاً بالأجوبة. كل شيء واضح وحاسم في أدونيس الناقد والمؤرخ والباحث والمؤلف، إلا شعره، فيحاول أن يطلب به المستحيل. لا يقبل للشعر أن يكون عادياً، أو أن يكون مجرداً من الغموض الذي يسمو به إلى مرتبة ما فوق النثر.
أقول ذلك وأنا غير واثق أيضاً بما أقول، لكن لديّ شعور، أو انطباع، بأن «أدونيادا» محاولة شاملة وممتعة لاستعادة الكثير بالكثيف. ولا يغيب عن أحد أن أدونيس بحر من الثقافات في التراث وفي آداب الآخرين. وقد يكون نادراً بين الذين بلغوا هذا المدى من حصاد الحضارات.
تتمازج هذه الحضارات فقرة بعد فقرة... المتنبي يصافح كل شجرة يراها، كما يروي أبو العلاء، وديو زيوس دليل الحقيقة، وأورفيوس وقيثاره... ومن ثم تبدو باريس بكل نهرها وشعرائها والقطار المسافر إلى جامعة جنيف حيث الشاعر صار أستاذاً.
التقيت أدونيس في باريس وهو على وشك السفر إلى طنجة. وكنت قد التقيته قبل شهرين في أبوظبي. ويومها أخبرني أنه قادم من تكريم له في تركيا. أوطانه وبلدانه كثيرة؛ الرجل الذي ترك الريف السوري إلى بيروت، وبيروت إلى باريس، وفي بيروت تزعم حركة «شعر» ثم أصدر «آفاق»، وأمضى عاماً في برلين وآخر في النمسا وآخر في الولايات المتحدة، حيث حاضر إلى جانب نعوم تشوميسكي.
ولم يكن الشعر الحديث معركته الوحيدة؛ بل كان موضع نقد واسع بسبب موضعه في أحداث سوريا وفي تأييده الثورة الإيرانية في بداياتها. وربما كان أكثر شاعر عربي ترجم إلى لغات أجنبية، كما كان هو أكثر شاعر عربي نقل عن الفرنسية، خصوصاً أعمال جورج شحادة المسرحية، وهي من أجمل ما ظهر في اللغة الفرنسية خلال القرن الماضي.
طغت شهرة أدونيس على الحضور الألق لشريكته في الأدب والحياة، الناقدة خالدة سعيد. ولكنك تجدها في اللائحة الطويلة المثبتة في فهرس «أدونيادا» حكاية نبع أو نهر يشبه النهر الكبير.

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النهر الكبير النهر الكبير



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:33 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
المغرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 12:48 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الميزان السبت 26-9-2020

GMT 11:52 2020 السبت ,07 آذار/ مارس

تشكيل الوداد لمواجهة النجم الساحلي

GMT 04:35 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

إليكم أفضل الأماكن في لبنان لهواة رياضة ركوب الشواطيء

GMT 12:34 2019 الخميس ,13 حزيران / يونيو

موزيلا ستطرح نسخة مدفوعة من فايرفوكس

GMT 01:29 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

10 صنادل مميّزة تكمل أناقة الرجل العصري في 2019

GMT 19:33 2019 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

بايرن ميونخ يفقد أحد أسلحته أمام بريمن
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib