لوحة التقدم

لوحة التقدم

المغرب اليوم -

لوحة التقدم

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

أنت تذهب إلى المطار لكي تنتقل من بلد إلى بلد. لكنك تنتقل في الحقيقة من عصر إلى عصر، ومن زمن إلى زمن. وكلما سافرت لا يتغير المطار وحده، بل السيارة التي تقلك إليه، وأزياء المسافرين، وأزياء قباطنة الطائرات، ونوعية البضائع في السوق الحرة. وكان من عادتي في سنوات السفر الأولى أن أتوجه أولاً إلى محل بيع الأقلام لأنتقي الجديد (والوجيه) منها. والآن صارت الأقلام شيئاً أثرياً. وصار أثرياً العطر الذي أستخدمه بعد الحلاقة، ولا أعرف أن أستخدم سواه، ولم أعد أعثر عليه في السوق الحرة وإنما في أسواق البلد. وكنت أشتري لنفسي ولأصدقائي ربطة عنق تعرفت إلى ماركتها من غسان تويني، الذي عرفه إليها الرئيس شارل حلو، والآن تكاد تختفي ربطات العنق في المطارات وفي البيوت. وقد مضت عليّ سنوات لم أشتر خلالها ربطة، ولم أهدها ولم أُهدها. بل صارت الكرافات «ضد» الأناقة.
بدأت السفر إلى باريس في طائرة «فايكونت» من أربع محركات مروحية، تتوقف منتصف الطريق للتزود بالوقود. والآن أسافر على «الإماراتية» عابراً المتوسط والأطلسي، مقضياً ثلاثة أرباع اليوم في الجو أقرأ ما حملت من كتب ومجلات وأشاهد الأفلام ونشرة أخبار المساء. وعندما يعرض علينا الطيار مشاهد دقائق الهبوط فوق نهر الهدسون، يكون لا يزال في خزان الطائرة من الوقود الكثير.
تتقدم بنا السن نحو القديم، وتتقدم بنا الحياة مثل الخيال. لا أنا ولا غيري من المسافرين، أو موظفي المطار الذين من أجيال متقاربة، كان يتخيل أن حياته العادية سوف تفوق الخيال. وكنا نعتقد أن الرحلة إلى القمر، وفضاء الأرض، ومسبار «جيمس ويب»، الذي سوف يرسل إلينا صوراً مبهرة الضوء «لأعمدة الخلق»، كلها أشياء فضائية لا علاقة للمدنيين بها. وإذا بالطيران المدني يأخذ من العسكري كل ما يحتاج، بدءاً من النفاث ووصولاً إلى تجاوز سرعة الصوت. وعرفنا عدداً من رجال الأعمال العرب في الثمانينات يسافرون من لندن إلى نيويورك، ويعودون في اليوم نفسه. وإذا لم تكن تلك ضرورة «بيزنس» مربحة. فقد كانت على الأقل حكاية تحكى في السهرة نفسها، عندما يتذمر الأثرياء من أن الخدمة على الكونكورد «بدأت تخرب». فقد قدموا وجبة الغداء نفسها في الذهاب وفي الإياب. وكأنهم لم يدركوا أن بعض الناس تعاني من الحساسية من الكافيار... الأحمر.
تتغير أكثر ما تتغير وتتطور، بلدان هذه المطارات. عرفت جميع بلدان الخليج بالطائرات المروحية. كانت الظهران مقراً صغيراً لشركة عادية هي اليوم أكبر شركات الأرض. وكنا نسافر منها إلى البحرين على طائرة «هرن» تتسع لـ12 راكباً ومعهم قبطانها. وحل محلها جسر تعبر عليه ألوف البشر والمركبات.
رحلة سعيدة وعمر طويل.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لوحة التقدم لوحة التقدم



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:33 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
المغرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 16:17 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"القوس" في كانون الأول 2019

GMT 21:52 2019 السبت ,03 آب / أغسطس

"الفيل الأزرق 2" يعيد قوة موسم الصيف

GMT 16:19 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

انتبه لمصالحك المهنية جيداً

GMT 14:20 2019 السبت ,29 حزيران / يونيو

طارق مصطفى يساند المنتخب أمام ساحل العاج

GMT 00:51 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

إسعاد يونس تعدّد صفات شريف مدكور برسالة دعم

GMT 09:39 2019 السبت ,06 إبريل / نيسان

أفضل الطرق لتسريحات الشعر الكيرلي في المنزل

GMT 05:32 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

قطر تُقرر مقاطعة نجوم " روتانا " بسبب الأزمة الخليجية

GMT 03:41 2015 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ستيفن كاري يشيد بجهود ليونيل ميسي مع "برشلونة" في الدوري

GMT 01:31 2018 الإثنين ,31 كانون الأول / ديسمبر

أحمد صلاح حسني يشيد بشخصيته في مسلسل "أبواب الشك"

GMT 18:51 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الديكورات الفرنسية الكلاسيكية لمنزل أكثر أناقة

GMT 14:23 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلان الإيطالي يبدأ التفاوض مع لاعب تشيلسي فابريغاس
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib