شتّان

شتّان!

المغرب اليوم -

شتّان

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

تأمل الرئيس نجيب ميقاتي الحالة السياسية من حوله وهتف قائلاً: «إنها العصفورية». وتعني في لبنان «مستشفى المجانين»، كما تعني في مصر، مثلاً، «العباسية»؛ نسبة إلى المكان الذي يقع فيه مقر المعالجة لأولئك التعساء الذين نزلت بهم أمراض الاختلال العصبي. كان ميقاتي يعبّر أمام اللبنانيين والعالم عن الوضع الذي وجد نفسه فيه، وهو يحاول تشكيل حكومة شبه معقولة لإخراج البلد من متاهات مصيرية لا نهاية لها.
بينما مُنع الرجل من تشكيل حكومة بسيطة، عقد لبنان اتفاقاً «تاريخياً» مع إسرائيل، ومن خلاله مع أميركا، ومن خلالها مع العالم أجمع. وكان أول المرحّبين بالاتفاق الرئيس ميشال عون، الذي قرأ لائحة من الذين يُشكَرون على وساطاتهم الخيّرة؛ وبينهم دولة قطر، من دون شرح للأسباب، كما سمّى مجموعة من اللبنانيين؛ ليس بينهم الرئيس نبيه بري، الذي تولّى، منذ عشر سنوات، خطوة البحث عن الثروة النفطية في البحر، ما بين لبنان وإسرائيل.
الاعتراض على استخدام تشبيه «العصفورية» هو أن مستشفى البؤساء والتعسين أكثر تعقلاً وروية من ناطحي السياسة. كان لبنان في الماضي يسمى «سويسرا الشرق»، والذين أطلقوا عليه هذه الصفة كانوا من الأجانب الذين أبهرهم تميّز الطبيعة والبشر. لم يكن يُشبه سويسرا فقط في جباله وأنهاره؛ بل كان يتفوق عليها أيضاً في جامعاته ومصحّاته وأشياء أخرى. منذ أربعين عاماً و«سويسرا الشرق» يبحث عن نفسه في البلدان والمدن. وآخر ما حل به فقدانه النظام المصرفي الذي كان أحد عناصر ازدهاره، بينما ظلت سويسرا الأصلية في ازدهارها. وقد فشلت دعوة سويسرا إلى الحوار واعتذرت من عدم الاستمرار في المحاولة، بعدما أدركت أن توأمها في الشرق فقدَ الأمل في العودة إلى ما كان عليه ذات زمن.
ساعات على الموعد المصيري، وما من مرشح جدّي. طبعاً هناك استثناءات واضحة، كمثل الوزير سليمان فرنجية، أو النائب ميشال معوّض. كلاهما من بلدة واحدة (زغرتا) ومأساة سياسية واحدة أيضاً. فالوزير فرنجية قُتل والده وأمه وعائلته في ما سمّيت «مجزرة أهدن». أما النائب معوض؛ فقدْ فقدَ والده رينيه معوض بعد 22 يوماً من انتخابه رئيساً للجمهورية. وحتى هذه الساعة لم يصدر قرار في شأن الجريمتين. ولم يُفتح تحقيق رسمي في اغتيال بشير الجميل؛ الرئيس الآخر الذي أمضى نحو 20 يوماً في هذا المنصب.
السياسة اللبنانية دراميات بلا حدود، خصوصاً في صفوف المسيحيين. ورئيس «حزب القوات اللبنانية» سمير جعجع، أمضى 12 عاماً بزنزانة انفرادية في قبو قيادة الجيش. والرئيس ميشال عون أُخرج من قصر بعبدا بقصف من طائرات السوخوي السورية. وتكاد الدراميات تنحصر في السياسيين المسيحيين لولا الانفجاران اللذان اغتالا أبرز زعماء السنة؛ رشيد كرامي ورفيق الحريري، ولولا الانفجار الذي قضى على كمال جنبلاط؛ كبير الزعماء الدروز. أيام قليلة وما زلنا لا نعرف من هو الرئيس المقبل. وربما بقي البلد من دون حكومة شرعية أيضاً. وللمناسبة؛ يجب التذكير بأن سويسرا تنتخب رئيساً كل عام، وأن أموال المودعين عندها هي أموال المودعين، وليست أموال «الحرامية والنصّابين».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شتّان شتّان



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:33 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
المغرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 16:17 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"القوس" في كانون الأول 2019

GMT 21:52 2019 السبت ,03 آب / أغسطس

"الفيل الأزرق 2" يعيد قوة موسم الصيف

GMT 16:19 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

انتبه لمصالحك المهنية جيداً

GMT 14:20 2019 السبت ,29 حزيران / يونيو

طارق مصطفى يساند المنتخب أمام ساحل العاج

GMT 00:51 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

إسعاد يونس تعدّد صفات شريف مدكور برسالة دعم

GMT 09:39 2019 السبت ,06 إبريل / نيسان

أفضل الطرق لتسريحات الشعر الكيرلي في المنزل

GMT 05:32 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

قطر تُقرر مقاطعة نجوم " روتانا " بسبب الأزمة الخليجية

GMT 03:41 2015 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ستيفن كاري يشيد بجهود ليونيل ميسي مع "برشلونة" في الدوري

GMT 01:31 2018 الإثنين ,31 كانون الأول / ديسمبر

أحمد صلاح حسني يشيد بشخصيته في مسلسل "أبواب الشك"

GMT 18:51 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الديكورات الفرنسية الكلاسيكية لمنزل أكثر أناقة

GMT 14:23 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلان الإيطالي يبدأ التفاوض مع لاعب تشيلسي فابريغاس
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib