حاصد المراتب عابر الهويات

حاصد المراتب... عابر الهويات

المغرب اليوم -

حاصد المراتب عابر الهويات

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

يخفق الوسيط الفرنسي في لبنان، على نحو محزن، ويُنتخب أمين معلوف في باريس أميناً على أهم صرح ثقافي في البلاد. وفقط للمصادفة، كانت وزيرة الثقافة أول من قال له بالعربية، مبروك، السيدة ريما عبد الملك أيضاً من لبنان.

يتراءى لي أن الفرنسيين منقسمون في عمق. من ناحية هم الشعب الذي ينتخب أجنبياً مولوداً في الخارج، لأعرق وأهم منصب بين «الخالدين»، ومن ناحية أخرى، هم الذين يتعالون على عصبية الأعراق، ويرفضون نزاع الهويات، ويقدمون الجائزة تلو الأخرى للكاتب الذي بدأت شهرته بإدانة الدور الفرنسي في الحروب الصليبية، من خلال مؤلفه (1983) «الحروب الصليبية كما رآها العرب».

جميع روايات وأعمال أمين معلوف تتخذ اتجاهاً واحداً، هو الإنسان الذي له هوية واحدة هي: «الإنسان». وفي هذا السياق يبحث في الدرجة الأولى عن نفسه، أب من طائفة وأم من طائفة، وجدّ من مصر، وأعمام من كوبا وبوسطن، وجدة من تركيا. مولود في لبنان، يدرس الفرنسية، ويتكلم الإنجليزية، ويكتب بالعربية قبل أن ينتقل إلى الفرنسية بالسهولة نفسها.

مقابل «طائر الفينيق» يتحول أمين معلوف إلى طائر الهويات. يَعبر حدود الفكر والانتماء ويحلّق عابراً كل صغارات البشر.

أمين معلوف صنعت شهرته العالمية فرنسا، لكن ثروته الأدبية والفكرية، وخصوصاً الإنسانية، صنعتها هذه الأرض المعروفة بالشرق، ولّادة الأحزان والتنازع. لذلك، أدهش الغرب، ثم أدهش العالم ولا يزال.

أمين معلوف ليس نتاج لبنان، بل نتاج أمثولته. من صراعاته وحروبه ومنازعاته تعلم معاني الصفح والمسامحة. من مآسي الاختلاف، تعلّم أن يكون فوقها. ومن والده الصحافي الكبير والنبيل، ورث أدب الاعتدال وسمو المسامحة.

تلعب الأقدار دوراً رئيسياً في روايات أمين معلوف. ولعله يتأملها ملياً الآن عندما تسميه فرنسا كبير «الخالدين»، بينما يروح مبعوثها ويجيء إلى بيروت، المرة بعد الأخرى، لإقناع اللبنانيين بتسمية رئيس للجمهورية المتهالكة قبل هلاكها الأخير.

يعشق أمين معلوف فطيرة الصعتر والبطاطا المقلية على الطريقة الدنماركية. وغالباً ما نلتقي في المطعم الدنماركي على الشانزليزيه. وآخر مرة تحدثت إليه منذ شهور، قلت له «إلى اللقاء في المطعم الدنماركي»، فقال بتهذيبه المعهود «خلّها على فنجان قهوة».

عرفت من الجواب أن «الزميل السابق» منشغل بعمل جديد ويعزل نفسه من أجله. لكن لم يخطر لي أن سبب الانهماك أعلى رتبة شرفية في اللغة الفرنسية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حاصد المراتب عابر الهويات حاصد المراتب عابر الهويات



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib